خبراء: أزمة ثقة تسود الحوار بين طرفي التفاوض بأزمة السودان
حالة التصعيد بين الطرفين وصلت إلى تنفيذ الإضراب السياسي العام من جانب قوى الحرية، فيما لوح المجلس العسكري بانتخابات مبكرة
حالة من الشد والجذب تسود العلاقة بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير التي تقود الاحتجاجات في السودان، لدرجة أدت إلى تباعد المواقف حول تشكيل السلطة الانتقالية.
- مقتل متظاهر في إطلاق نار بمحيط اعتصام السودان
- مجلس السلم الأفريقي يدعو الانتقالي السوداني لمراعاة تطلعات الشعب
ووصلت حالة التصعيد إلى تنفيذ الإضراب السياسي العام، يومي الثلاثاء والأربعاء، من جانب قوى الحرية والتغيير، فيما لوح المجلس العسكري الانتقالي بإجراء انتخابات مبكرة، كوسيلة للضغط على المكونات المدنية لقبول طرحه التفاوضي، وفق ما يراه مراقبون.
ورغم تصعيد المواقف والمواجهات الكلامية إلا أن الطرفين بدا عليهما نوعا من الحرص على بقاء نافذة الحوار مفتوحة، مع التأكيد على الالتزام بالاتفاقات المبرمة سابقا، وذلك من واقع التصريحات المشتركة لقادة الجانبين.
وجاء التصعيد -الذي كان عنواناً بارزاً للمشهد السوداني طوال الأسبوع المنصرم- نتيجة تباعد رؤى الطرفين بشأن تشكيل مجلس السيادة المقترح كـ"رأس دولة" لإدارة فترة انتقالية، تم الاتفاق على أن تكون مدتها 3 سنوات تعقبها انتخابات حرة ونزيهة.
ويتركز الخلاف في نسبة التمثيل، ورئاسة مجلس السيادة؛ حيث يتمسك المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير بأن تكون له أغلبية الأعضاء ورئاسة المجلس المقترح، وهو ما أدى لجمود في التفاوض والتصعيد من الطرفين.
ويرى المحلل السياسي عبدالناصر الحاج أن التباين الواضح في الرؤى داخل مكونات قوى الحرية والتغيير وحتى المجلس العسكري كان سبباً رئيسياً في تباعد مواقف الطرفين حول تشكيل السلطة الانتقالية، وأدى لتصعيد غير معلوم العواقب.
وقال الحاج في حديثه لـ"العين الإخبارية": "إن التباين وسط قوى الاحتجاجات برز من خلال رفض حزب الأمة بقيادة الصادق المهدي للإضراب، في حين ساندته مكونات أخرى، بينما تشير تصريحات قادة المجلس العسكري بتباين مماثل بينهم، حيث يتحدث بعضهم بلغة داعمة للتقارب والحوار بينما يجنح آخرون للتهديد".
واعتبر أن المدخل الأنسب لتجاوز الأزمة السياسية في البلاد يبدأ بتوحيد كل من المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير مواقفهما ورؤاهما التفاوضية، فهذا الأمر يهيئ البيئة ويجعلها مواتية لتقارب وجهات النظر والتوصل لاتفاق حول مجلس السيادة ومجمل تفاصيل السلطة الانتقالية.
أما بالنسبة لأستاذ العلوم السياسية بجامعة الزعيم الأزهري السودانية آدم محمد أحمد فأكد أن أطراف النزاع في البلاد يعانون من أزمة ثقة، فكلاهما يخشى أن يغدر به الآخر، وهذا الأمر يعتبر أحد تجليات نظام المؤتمر الوطني بقيادة الرئيس المخلوع عمر البشير.
ورأى أن الطرفين قطعا شوط بعيدا في التفاوض والاتفاق على أكثر من 90% من الملفات العالقة، وما تبقى ليس بالأمر الصعب، إذا ما توفرت الثقة والإرادة للجانبين، ونظرا بعين فاحصة للوضع في البلاد.
وشدد على ضرورة أن تستصحب عملية التفاوض تطلعات الشعب السوداني، في الانتقال إلى سلطة مدنية تحقق الحرية والعدالة والسلام، كما ينشد ذلك المحتجين في ميادين الاعتصام والطرقات.
ورغم التصعيد وتوتر الأوضاع إلا أن المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير أبديا استعدادهما للدخول في محادثات لحسم معضلة مجلس السيادة، لكن مواقف الجانبين بشأن نسبة التمثيل ورأس الدولة ما زالت ثابتة.
وأكد رئيس اللجنة السياسية بالمجلس العسكري الانتقالي والمتحدث الرسمي الفريق شمس الدين الكباشي التزامهم التام بكافة الاتفاقات المبرمة مع قوى الحرية والتغيير، لافتاً إلى أن التواصل مع قادة الاحتجاجات لم ينقطع، ومستعدون للجلوس في طاولة التفاوض لحسم باقي الملفات.
وتأسف كباشي، خلال مقابلة مع تلفزيون السودان الثلاثاء الماضي، للجوء قوى الحرية والتغيير للإضراب السياسي، لكنه اعتبر أن ما قاموا به يمثل حقاً مشروعاً.
وفي المقابل، قال القيادي في قوى الحرية والتغيير وجدي صالح إنه لا توجد عداوة مع قادة القوات المسلحة السودانية، ويكنون لهم كثيراً من الاحترام، ويقدرون دوره في إنجاح الثورة الشعبية.
وأضاف خلال مخاطبة بساحة الاعتصام "يجب أن نعمل سويا مع القوات المسلحة لاجتثاث دولة الإخوان العميقة ومحاسبة الذين أجرموا بحق الشعب السوداني"، لافتاً إلى استعدادهم لتوقيع اتفاق متى ما استجاب المجلس العسكري لمطالبنا بتشكيل سلطة مدنية كاملة.