وزراء ينتقدون التعيينات المالية في لبنان.. "الطائفية" أصعب من كورونا
قيادات سياسية تقول لـ"العين الإخبارية" إن معيار الانتماء الحزبي والطائفي سيطر على التعيينات المالية الجديدة.
أثارت أزمة "التعيينات المالية"، المرتقبة؛ لا سيما المتعلقة بنواب حاكم مصرف لبنان الأربعة، ولجنة الرقابة على المصارف والمتوقع طرحها في جلسة الحكومة، الخميس، جدلاً واسعاً على الساحة السياسية، وذلك رغم حالة الانشغال سواء على الصعيد الحكومي أو الشعبي بانتشار فيروس كورونا وتداعياته.
وقالت قيادات سياسية بارزة لـ"العين الإخبارية" إن معيار الانتماء الحزبي والطائفي سيطر على التعيينات المالية الجديدة، التي ستدور بين القوى السياسية الحاكمة، أي الثلاثي "حزب الله" و"حركة أمل" و"التيار الوطني الحر" (الموالي لرئيس الجمهورية)، في الوقت الذي جرى فيه استبعاد قوى سياسية أخرى بشكل متعمد.
وبحسب وسائل إعلام لبنانية، فإن جلسة مجلس الوزراء المقررة، الخميس، ستتضمن تعيين 4 نواب لحاكم مصرف لبنان، ورئيس وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف، وهم 5 أشخاص و3 أعضاء لهيئة الأسواق المالية، بعدها يعين وزير المال مفوضاً للحكومة لدى مصرف لبنان، ومفوضاً للحكومة لدى لجنة الرقابة.
وأفضت الخلافات حول التعيينات المالية إلى تأجيل بحث التعيينات في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، الخميس الماضي، رغم إدراجها على جدول الأعمال، لتعلن الحكومة إرجاء البت فيها إلى غد الخميس.
المحاصصة أصعب من كورونا
وأقرت وزيرة العدل ماري كلود نجم، في تغريدة لافتة عبر حسابها على "تويتر" اليوم بأن: "30 سنة من المحاصصة الزبائنية بين زعماء الطوائف نتيجتها: فساد في بنية الدولة، 100 مليار دولار ديناً وما يزيد، انهيار اقتصادي ومالي، يأس، هجرة، انتفاضة"، مؤكدة أن "التوازن الطائفي مقبول على قاعدة الأكثر كفاءة، لا الأكثر ولاء.. مكافحة المحاصصة أصعب من مكافحة كورونا".
وتصاعد الجدل السياسي بشأن التعيينات المالية المرتقبة بين القوى السياسية والكتل النيابية البارزة في لبنان، وقال رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، في بيان، حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه: "فوجئنا بأن أولى الإشارات اللا-إصلاحية التي تصدر عن الحكومة هي ما تسربت عن التعيينات المالية في حاكمية مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف وهيئة الأسواق المالية".
وأضاف:"هذه الأجسام الثلاثة تلعب دوراً مهماً في إعادة ضبط الوضع المالي، خاصة بعد كل الذي مررنا ونمر به، فتأتي النتيجة أن التعيينات المرتقبة بعيدة عن كل تقنية وعن كل كفاءة وعن كل روح إصلاحية، والسبب: ابحث عن الثلاثي غير المرح، وطالما هذا الثلاثي ممسك ومتمسك بالسلطة، لا نرجو خيراً من أي شيء".
وأشار إلى أن ما تم تسريبه من تعيينات يأتي في الوقت الذي تغرق فيه البلاد أكثر فأكثر في أزمتها المالية والاقتصادية، وفي الوقت الذي ينتظر فيه اللبنانيون كما الخارج برنامجاً إصلاحياً من قبل الحكومة كإشارة إيجابية للحصول على بعض المساعدات الخارجية، لإعادة الحد الأدنى من الثقة للدولة اللبنانية لكي تعود الدورة الاقتصادية إلى وضع مقبول.
التعيينات من حزب الله وحلفائه
وانتقد النائب محمد الحجار القيادي البارز في تيار المستقبل اللبناني، ما يتم تداوله من تسريبات بشأن التعيينات المالية، قائلاً لـ"العين الإخبارية": "الشكل المطروح هو حالة من الاستئثار، ووضع اليد على الإدارة وعلى قطاع المال، الذي لا يمكن اللعب به بحال من الأحوال، حيث يمكن أن يأخذ البلد لأماكن خطيرة جداً، أخطر مما نحن فيه اليوم".
وشدد الحجار، على ضرورة أن تكون الكفاءات والقدرات والأهلية المعيار الوحيد في التعيينات المالية، وليس الانتماء الحزبي والسياسي كما نرى من الأسماء المرشحة للتعيين مع احترامنا لها.
ونبه القيادي البارز في تيار المستقبل أن الحديث يدور على انتماء الشخصيات المطروحة للتعيينات المالية إلى فرقاء الحكومة الحالية، وأن التعيينات تقع بين القوى السياسية الحاكمة، أي الثلاثي "حزب الله" و"حركة أمل" و"التيار الوطني الحر" (الموالي لرئيس الجمهورية)، في الوقت الذي جرى فيه استبعاد قوى سياسية أخرى بشكل كلي.
وأكد الحجار أنه في حالة الإصرار على التعيينات المالية سيكون لتيار المستقبل موقف من كل ذلك، وسيبنى على الشيء مقتضاه.
ودخل رؤساء الحكومات اللبنانية السابقة على خط الجدل بشأن التعيينات المالية، وأكدوا في بيان مشترك، مؤخراً، أن "التعيينات التي يتجه مجلس الوزراء لإقرارها تشمل السيطرة على مواقع الدولة دون الالتزام بالكفاءة".
وبدوره، غرد النائب جميل السيد عبر حسابه على موقع "تويتر": "الكورونا سجنت الناس، طغت على همومهم، جمدت انتفاضتهم، أنقذت الفاسدين مؤقتاً من غضب الناس، وظن البعض أن هؤلاء سيخافون الله، ويتغيرون، جاءت تعيينات الحكومة فكشروا عن أنيابهم، وعادوا كلهم كما كانوا"، مردفاً :"كان من أحد يحق له أن يهدد بالاستقالة فهو دياب، وليترككم لأنياب الناس تقطعكم أجزاء".
وكانت مصادر مطلعة على المباحثات قد أبلغت "العين الإخبارية"، في تصريحات سابقة، أن رئيس الحكومة حسان دياب لا يزال مصراً على عدم التمديد لأي من نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة، الذين انتهت ولايتهم في مارس/آذار 2019، ولم يتم تعيين بديل لهم حتى اليوم.
وأشارت المصادر إلى أن المشكلة الأبرز تكمن في مطالبة بعض الأطراف بإبقاء بعضهم، الأمر الذي فجّر الخلاف بين الفرقاء في الحكومة، وبات هناك انقسام بين من يربط التمديد لأي منهم بالتمديد للأربعة، وبين من يتمسك بمبدأ تغيير الأسماء وتعيين آخرين يتمتعون بالكفاءة بعيداً عن المحاصصة السياسية.
ولفتت المصادر إلى أن جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر، يحاول فرض شروطه في هذا الإطار عبر التدخل بجميع الأسماء المطروحة، وهو ما لقى اعتراضاً من حلفائه قبل خصومه.