كيف غيّرت العملات المشفّرة ملامح السياسة الأمريكية؟

في منتجع فاخر بين جبال وايومنغ، كانت صناعة العملات المشفرة تحتفل بما وصفته ببداية تاريخية لعام 2025 في واشنطن.
فبعد سنوات من الشكوك والتنظيمات المقيدة، يبدو أن طريق العملات الرقمية أصبح أكثر سلاسة تحت قبة الكونغرس، بفضل ما وصفه البعض بـ"التأثير المدفوع".
وروى تقرير نشرته وكالة "أسوشيتد برس" أنه خلال ندوة نظمها مؤتمر "بلوكتشين وايومنغ"، لم يتردد السيناتور الجمهوري تيم سكوت في الإشارة إلى سبب هذا التحوّل قائلاً: "علي أن أشكركم جميعًا لإزاحة شيرود براون"، في إشارة إلى السيناتور الديمقراطي من أوهايو الذي خسر مقعده لصالح الجمهوري بيرني مورينو المدعوم من الصناعة الرقمية.
وفي انتخابات 2024، ضخّت مجموعات مؤيدة للعملات المشفرة أكثر من 40 مليون دولار لدعم مورينو، وهو رقم يتجاوز بأربعة أضعاف ما أنفقته الصناعة في أي سباق آخر. وبراون، الذي ترأس لجنة الشؤون المصرفية في مجلس الشيوخ عندما كان الديمقراطيون في الأغلبية، كان أحد أبرز منتقدي العملات المشفرة في واشنطن. أما خسارته فكانت رسالة واضحة بأن من يعارض الصناعة، يخسر الدعم والكرسي.
مشروعات جديدة
واليوم، ومع غياب براون عن رئاسة اللجنة، تمضي مشاريع القوانين المؤيدة للعملات الرقمية بسرعة لافتة. فقد تم بالفعل إقرار قانون ينظم عمل Stable coins (العملات المستقرة)، والعمل جارٍ على تشريع أوسع يُعيد هيكلة تنظيم الأصول الرقمية بالكامل.
ومن البيت الأبيض، أعلن الرئيس دونالد ترامب دعمه الكامل لتحوّل الولايات المتحدة إلى "عاصمة العملات المشفرة في العالم". وتشير تقارير إلى أن عائلته تملك حصصًا في شركات تعمل في هذا القطاع.
وبراون نفسه، الذي يسعى للعودة في انتخابات 2026، قال بعد إدانة سام بانكمان-فرايد مؤسس FTX في 2023: "الأمريكيون يواصلون خسارة أموالهم بسبب الاحتيال في العملات المشفرة. لا يمكننا السماح للصناعة بكتابة قواعدها بنفسها". ومع ذلك، بدا في تصريحاته الأخيرة أكثر تصالحًا، معترفًا بدور العملات الرقمية في الاقتصاد.
سباق شرس
في المقابل، يستعد الجمهوري جون هيوستد، المعين حديثًا في مجلس الشيوخ، لمواجهة براون. يُعرف هيوستد بتأييده للعملات الرقمية وقد دعم قانون "GENIUS" الذي ينظم العملات المستقرة. وتشير التوقعات إلى أن السباق سيكون من الأشرس، خصوصًا مع تخصيص مئات الملايين من الدولارات لدعم المرشحين المؤيدين للعملات المشفرة من قبل لجان سياسية عملاقة مثل Fairshake، المدعومة من Coinbase، والتي جمعت أكثر من 140 مليون دولار حتى منتصف 2025.
أما على الجانب الشعبي، فرغم أن معظم الأمريكيين (55%) يرون العملات الرقمية استثمارًا محفوفًا بالمخاطر، فإن فئة الشباب، وخاصة الرجال تحت سن الخمسين، تُظهر اهتمامًا متزايدًا بها. ما يمنح الصناعة قاعدة انتخابية ناشئة، إلى جانب نفوذها المالي المتزايد.
ومن ثم، لم تعد العملات المشفرة مجرد تقنية ناشئة، بل أصبحت قوة سياسية واقتصادية حاضرة، قادرة على إسقاط خصومها، وفرض قواعد اللعبة الجديدة في واشنطن.