شتان بين من يضع قناع الثقافة لكسب المال وجذب الشهرة وبين من يعتلي عرش الثقافة لبناء أمة.
تكتظ وسائل التواصل الاجتماعي من تويتر وإنستجرام وسناب شات والمواقع الإلكترونية بالكثير من الحسابات التي يديرها أشخاص افتراضيون؛ يبثون معلومات تتراوح بين السياسية والتاريخية والثقافية وأخطرها الطبية.
ويحظى عدد ليس بالقليل منها بمتابعات تفوق عشرات الآلاف من مختلف الفئات العمرية، فتلقى المعلومة المطروحة القبول والتصديق والتداول من غير مرجعية دقيقة لها أو لمصدرها، مما يشكل خطراً مستفحلاً.
فمن خلال تجمعات عائلية أو في لقاءات مع الأصدقاء سمعنا عن معلومة مصدرها فلان من "السوشل ميديا" أو تلك "الفاشونيستا" مقارنة بزمن كانت فيه المعلومات تنسب لمصادرها الصحيحة من الكتب أو الشخصيات المعروفة على مدى التاريخ، ومن البرامج الثقافية والصحف ونشرات الأخبار.
عندما نتحدث عن المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي، فإننا لا نغفل بعضاً من الأسماء التي سطع نجمها بجدارة من أبناء الوطن، الذين أثبت عدد كبير منهم أنهم أصحاب فكر وأهل للمتابعة، نظير ما يقدمونه من خدمات تنم عن حس المسؤولية والمواطنة الإيجابية.
أو يُعقَل أن نصل لهذه الدرجة من الانحطاط الفكري والمعرفي الذي تسببه هذه الفئات المتصنّعة للثقافة والمعرفة؟ وليس هذا فحسب، بل باتوا يزاحمون المثقفين في الصفوف الأولى بالمناسبات الرسمية و الاجتماعية المختلفة، ويعتلون المنصات بصفتهم متحدثين في الندوات والمؤتمرات التي يسعى منظموها حقيقة لجذبهم بغرض الترويج واستقطاب جمهور هؤلاء من السطحيين الذين يتوافدون لغرض التقاط صور مع قدوتهم “الفاشونيستا" أكثر من الاهتمام بفحوى الندوة أو جدوى الحدث، و في المقابل تعزف النخبة المثقفة بحق عن تلك الأحداث والفعاليات، متحفظين لسنوات بنوا فيها أسماءهم اللامعة وراكموا فيها خبراتهم وتجاربهم بعد قراءات متعمقة وجهود حثيثة، فيخشون على كنوزهم المعرفية من أن تتلفها شخصيات كل أدواتها كاميرا السلفي والسناب شات، و يتم تصنيفهم للأسف في المقدمة مع فطاحلة الثقافة والأدب والفنون وغيرها من مجالات الحياة.
عندما نتحدث عن المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي، فإننا لا نغفل بعضاً من الأسماء التي سطع نجمها بجدارة من أبناء الوطن، الذين أثبت عدد كبير منهم أنهم أصحاب فكر وأهل للمتابعة، نظير ما يقدمونه من خدمات تنم عن حس المسؤولية و المواطنة الإيجابية، فعندما يبرز هؤلاء إنجازات الوطن ودعم القيادة الرشيدة لكل القطاعات والفئات، والنماذج المشرفة من أبناء الوطن الذين تميزوا في الكثير من المجالات، فإنهم بصوتهم المؤثر يسهمون في إبراز الصورة الحقيقة لوطنهم و مجتمعهم، فضلا عن أنهم في كثير من الأحيان يناقشون أموراً تشغل الساحة بشكل حيادي وطرح منطقي؛ مما يبشّر بأن الدنيا لا تزال بخير، مع وجود هذه العينة التي تصل ترددات صدى صوتها إلى حدود أبعد من الفئة الفارغة سالفة الذكر، إن مُنحت الثقة و الفرص في المشاركة بالندوات والمؤتمرات التي تستقطب الشباب والنخب المثقفة.
وأخيرا أقول شتان بين من يضع قناع الثقافة لكسب المال وجذب الشهرة وبين من يعتلي عرش الثقافة لبناء أمة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة