تواجه مصر حالياً هجمات ضارية من كل صوب ، ويتساءل البعض أحياناً عن السبب وهى الآن تمر بأوضاع صعبة تجعلها ملتفتة
تواجه مصر حالياً هجمات ضارية من كل صوب ، ويتساءل البعض أحياناً عن السبب وهى الآن تمر بأوضاع صعبة تجعلها ملتفتة
إلى داخلها مركزة عليه أملاً فى الانعتاق من هذه الأوضاع والانطلاق إلى الغد الذى نحلم به للوطن الحبيب والإجابة إنها مصر التى رغم كل مشكلاتها تقف صامدة شامخة فى وجه مخطط التفكيك والتفتيت والاستتباع الذى يُراد لوطننا العربى أن يكون عنواناً لمستقبله ، ودون كسر مصر لا قدر الله لا يمكن لهذا المخطط أن ينجح ، ومن هنا تأتى التدخلات المشبوهة فى شئونها والنصائح المسمومة للمصريين شعباً وقيادة التى تُبنى عليها ولأن هذه المحاولات فجة وفاقدة للصدقية فلابد من دعمها بحرب شريرة للشائعات وما أخطرها ! تكون لدى الوعى بخطورة هذه الحرب منذ كنت طالباً فى المرحلة الجامعية حيث تلقيت العلم على أيدى أساتذة عظام كان أحدهم حامد ربيع الذى لا يشك أحد فى قامته العلمية واستقلاله وقد كانت له تحفظاته الموضوعية على نظام يوليو ولكنه لم يجد حرجاً وهو يدرس لنا مقرر الرأى العام فى السنة الرابعة بعد هزيمة يونيو بسنتين من أن يجعل كتاب «الحرب النفسية» لصلاح نصر أحد المصادر الرئيسية للمقرر وهو المدير المطاح به من المخابرات العامة المصرية فى وقت كان الهجوم عليه على أشده لممارسات اعتبرت من أسباب الهزيمة ، وكان منطق الأستاذ الجليل هو أهمية ماورد فى الكتاب وعلميته بخصوص الحرب النفسية وخطرها على تماسك المجتمعات وقدرتها على كسب أصعب الحروب دون طلقة واحدة .
تعودت أن أستمع إلى شائعات كثيرة وبالذات من بسطاء الناس الذين أتعامل معهم فى حياتى اليومية والذين نصبونى مستشاراً سياسياً لهم بعد ثورة يناير وأن أرد عليها بما يمليه على ضميرى العلمى والوطنى : أصحيح يا دكتور أن الحكومة منعت أذان الفجر ؟ أصحيح أن رئيس جامعتكم ( المقصود الدكتور جابر نصار الرئيس القدير لجامعة القاهرة ) يهدم مساجد الجامعة ؟ أصحيح أن البنوك لن تعطى الناس مدخراتهم لأن الحكومة أفلست ؟ أصحيح أنها ستفصل نصف موظفيها للسبب نفسه ؟ وهكذا ، لكنى لم أصادف فى حياتى أسخف ولا أخطر من شائعتى الصلاة فى المساجد بمقابل أى تحميل المصلين نفقات استهلاك المياه والكهرباء فى المساجد ونية منع الصلبان والأجراس والقباب فى قانون الكنائس الجديد ، وقد تأملت بعمق فى مدى الشر الذى انطوت عليه الشائعتان فمعنى أن تدفع لكى تصلى - تصوروا ! - أنك لن تذهب للمسجد ومعنى كنيسة بلا صلبان وأجراس أنك فقدت أغلى رموز ديانتك ، فالمطلوب إذن هو استفزاز المصريين جميعاً من أكثر الأبواب قداسة .
أقول دائماً إن إعلامنا ليس بخير وإن الوظيفة الإعلامية للدولة على أهميتها غائبة إلا من استثناءات قليلة مضيئة ، وللأمانة أنا لا أعلم كيف واجهت الدولة شائعة الكنائس إن كانت قد فعلت لكنى لم أقرأ أو أسمع أو أشاهد تصريحاً رسمياً واحداً ينكل بها وبقائليها ، وقد صدق بعض الغيورين على الوطن أنها يمكن أن تكون صحيحة فى ظل هوس التطرف الذى يعصف بنا وصمت عليها البعض وكأنه يتصور أنها يمكن أن تكون صحيحة إلى أن قيض الله رجلاً بقامة المستشار الجليل منصف نجيب سليمان ومكانته الذى نفى على صفحته على مواقع التواصل الاجتماعى نفياً قاطعاً أى أساس لهذه الشائعة الشريرة وهو الذى عاصر رحلة القانون من بدايتها إلى نهايتها ، أما شائعة الصلاة بمقابل فقد استمعت لها للمرة الأولى من نشرة أخبار التاسعة فى القناة الأولى التى أواظب على مشاهدتها منذ شبابى رغم ما أتعرض له من تعليقات طريفة ، وقد أصابنى الذهول مما سمعت لكن ذهولى اشتد عندما تابعت المعالجة الإعلامية لها ، فقد اختار معد النشرة أن يجرى تحقيقا مصوراً مع بعض المواطنين انتهى بتعليق من وزير الأوقاف ، وكانت التعليقات عجباً، فقد نفى المواطن الأول الشائعة وذكر تحديدا انه أدى فريضة الصلاة فى المسجد لتوه ولم يطلب أحد منه شيئاً وقال ثانٍ انه لم يسمع عنها ورد الثالث على السؤال بسؤال : » معقول ؟ » ثم ختم الوزير الفقرة مطمئناً المواطنين بأن وزارة الأوقاف تتحمل تكلفة استهلاك المياه والكهرباء للمساجد التى تتبعها كافة . لم يضع أحد بمن فيهم معد النشرة والوزير الشائعة فى سياقها السياسى الخطير وهو الحرب على روح مصر وجوهرها النبيل ولم يثر أحد ضرورة التصدى الواعى لهذه الحرب الشريرة الخبيثة .
أكرر أن الوظيفة الإعلامية للدولة ليست بخير وأضيف أن إلغاء منصب وزير الإعلام دون تقديم البديل وهو المجلس الوطنى للإعلام خطأ مستمر وعواقبه وخيمة فى ظل انفلات الإعلام الخاص ونفوذ رأس المال عليه وفضائيات الكراهية التى تبث سمومها من الخارج لكسر إرادة المصريين والعبث بعقولهم ، وأضيف ثانياً أنه حتى إذا أُنشئ هذا المجلس فإنه لن يغنى عن وزير دولة للإعلام يقود هذه المعركة الضارية ضد من يستهدفون قيمنا وصلابتنا وإرادة المقاومة والصمود فينا.
*نقلا عن جريدة "الأهرام"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة