فنجان القهوة يكلف المصريين 133 مليون دولار
"القهوة"، ذلك المشروب السحري الذي ابتلي بغرامه كثير من سكان العالم.
"القهوة"، ذلك المشروب السحري الذي ابتلي بغرامه كثير من سكان العالم، المصريون تناولوا منها 38 ألف طن العام الماضي كلفتهم ملايين الدولارات.
وقال حسن فوزي، رئيس شعبة البن بالغرف التجارية المصرية، إن 133 مليون دولار أنفقتها مصر في عام 2016 على استيراد القهوة، مؤكدا أن هذا الكم من القهوة هو متوسط استهلاك المصريين منها سنويا.
وأكد فوزي لـ"العين" أنه رغم ما يبدو أن المصريين مغرمون بـ"القهوة" إلا أنهم لا يتفوقون في ذلك على سكان المغرب العربي، حيث تسجل تونس والمغرب و الجزائر أعلى نسب استهلاك للبن وأقل عدد سكان في هذا الإطار.
وأشار إلى أن البن الأندونيسي هو الأكثر انتشارا في مصر، حيث نستورد منه 60% من الكمية المذكورة أي أكثر من 18 طن بن، يليها البن الهندي ثم البرازيلي والإثيوبي.
"غرام إنجليزي"
وعن سر غرام المصريين بفنجان قهوة الصباح، قال الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي، إن المصريين في زمن الاحتلال الإنجليزي اكتسبوا من المحتل فنجان قهوة الصباح و"كوب الشاي" الذي يشرب في وقت العصر، ويسميه المصريون "شاي العصاري"، وباتت عادة البعض لا يستطيع تركها.
وعن القهوة تحديدا، قال "فرويز"، لبوابة "العين"،: لا شك أن من يُغرم بشراب القهوة، يشعر بالضيق وتصيبه العصبية إذا تخلف يوما عن تناول القدر الذي اعتاده، ويعود ذلك لعبث القهوة بالمادة المخدرة التي خلقها الله داخل العقل البشري، واسمها العلمي "اندروفين"، فهي تنقص بتناول القهوة، ومع الاستمرار في تناولها تنقص تدريجيا من جسم الإنسان، حتى يصل لمرحلة يصاب فيها بالتوتر والعصبية ولا يستطيع مواصلة يومه إلا بعد تناول فنجان القهوة الذي يعادل نسبة الاندروفين في جسده.
"القهوة الحرام"
وعن قصة القهوة في مصر قبل أن يتم التعامل معها كثقافة، انقسم العلماء بين مؤيد ومعارض حول مشروب القهوة، ذلك المشروب المصنوع من البن، والذي انتقل إلى مصر من بلاد اليمن في القرن السادس عشر الميلادي، حيث نقل وقتها عن طريق البحر إلى السويس، ومنه إلى القاهرة.
وكما نشرت مجلة التحرير عام 1953، فإن المجتمع المصري لم يتقبل هذا المشروب إلا بعد جدال عنيف بين العلماء، فمنهم من أفتى بتحريمه ومنهم من أجاز شربه.
وحين أفتى الشيخ علي أحمد السنباطي أوائل القرن الثامن عشر بتحريم شربه، ظهرت ردود فعل سلبية، فهاجم رئيس الشرطة مستهلكي القهوة وحبس بعضهم، كما هاجم الأهالي بعض المقاهي وقاموا بتحطيمها والاعتداء على روادها.
لكن جاء القاضي الحنفي محيي الدين بن إلياس، وأفتى بجواز شربها، فأصبح لدى الأهالي اثنين من الفتاوى المتناقضة، ويبدو أن هذه الفتوى قد شجعت أنصار القهوة، وهذا ما يتضح من خلال فترة خسرف باشا الذي تولى حكم مصر (1534-1536) والذي عرف زمانه بتفشي القهوة والمقاهي.
تشكلت لجنة من المتخصصين لبيان فوائد المشروب المشكوك في أمره ، وفرضت القهوة بعد ذلك نفسها كمشروب يساعد على النشاط والسهر، وأصبح البن يرد علانية من اليمن إلى مصر.
وقدمت القهوة أول ما قدمت بالمقاهي في شهر رمضان، وسميت محال بيع مشروبها بـ"خان البن".