المجتمع المدني في ليبيا غاضب على الدبيبة.. اللائحة كلمة السر
إجراءات "تعسفية" دون سند قانوني، تمارسها حكومة عبدالحميد الدبيبة المقالة ضد منظمات المجتمع المدني، في محاولة منها لإحكام سيطرتها عليها.
إلا أن تلك المنظمات رفعت حالة العصيان ضد قرارات الحكومة السابقة ومفوضية المجتمع المدني في طرابلس، والتي أقرت لائحة لمؤسسات المجتمع المدني، اعتبرتها الأخيرة "تعسفية ولا سند قانونيا لها، وتتعارض مع الأسس والقواعد الدستورية".
وقالت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا (منظمة مستقلة) -في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه- إن لائحة مفوضية المجتمع المدني، التي تحاول فرضها على مؤسسات المجتمع المدني، "تعد باطلة ولا أثر قانونيا لها".
وأشارت إلى أن المجتمع المدني "عانى" كثيرا الفترة الماضية، جراء محاولات ممنهجة من الأجهزة الأمنية في طرابلس لتقييد حريته عبر فرض رقابة مسبقة ومصاحبة لأي نشاط مجتمعي، ابتداء من وجوب الحصول على الموافقة المسبقة لإقامة النشاط انتهاء بضرورة تقديم تقرير ختامي.
اللائحة المقترحة
وبحسب اللائحة المقترحة، فإن الجمعيات العاملة في ليبيا ملتزمة بإعادة التسجيل وفق أحكام اللائحة الجديدة، على أن يكون للإدارة المُنظِّمة لعمل المجتمع المدني مُنفردة حق قبول أو رفض التسجيل، والموافقة على فتح حساب بنكي للجمعية، فضلًا عن إمكانية إغلاقه أو تجميده.
وأجبرت اللائحة الجمعيات على الحصول على تصريح مسبق من الإدارة المنظمة قبل التواصل مع مكاتب الأمم المتحدة، أو قبول أي تبرعات، رغم أن الإدارة المُنظِّمة لعمل المجتمع المدني تشارك هذه الطلبات مع الجهات الأمنية، التي تضم مليشيات مسلحة تعمل تحت لواء وزارتي الدفاع والداخلية في غرب ليبيا، وثبت تورطها في ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بحسب اللجنة الوطنية.
ممارسات "تعسفية"
وأكدت اللجنة الوطنية، أن مقترح الحصول على تصريح مسبق قبل أي تواصل أو تعاون خارجي، يعد محاولة تقنين لممارسة تعسفية بدأتها مفوضية المجتمع المدني في طرابلس عام 2020، حين ألزمت الجمعيات الراغبة في التواصل أو التعاون مع جهات دولية باستخراج تصريح مسبق منها.
وأشارت إلى أن اللائحة المقترحة يشوبها البطلان بسبب عدم الاختصاص، مطالبة بالتوقف عن عرقلة عمل الجمعيات وقدرتها على التواصل مع آليات الأمم المتحدة لحماية حقوق الإنسان، وعدم إصدار اللائحة الجديدة المقترحة في يوليو/تموز 2021 بشأن تنظيم تكوين الجمعيات، وتبني مقترح القانون المقدم لمجلس النواب ومجلس الدولة، لتنظيم حرية تكوين الجمعيات.
كما طالبت بالعمل على تشكيل إدارة موحدة لتنظيم المجتمع المدني، وتدريب أعضائها بالتعاون مع بعثة الأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان والمقرر الخاص المعني بحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، لضمان التزامها بالمعايير الدولية والضمانات التي يكفلها العهد الدولي.
قيود عديدة
وإلى ذلك، قال جمال عامر مستشار باللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وبمنظمة السفير الليبي لحقوق الإنسان، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن اللائحة بها قيود عديدة على مؤسسات المجتمع المدني، مشيرًا إلى أنه لا يوجد حتى الآن قانون ينظم عمل مؤسسات المجتمع المدني في ليبيا.
وأوضح الحقوقي الليبي، أن اللائحة الصادرة رفضتها المؤسسات الحقوقية باعتبارها غير قانونية، بالإضافة إلى أن بنودها تعتبر مقيدة للمجتمع المدني، مشيرًا إلى أن حكومة الدبيبة تخيف مؤسسات المجتمع المدني بورقة الأمن الوطني.
وأشار إلى أن هناك ضابطين بمجلس إدارة مفوضية المجتمع المدني بطرابلس، أحدهما من الأمن الداخلي والآخر من الأمن الخارجي، في ترهيب واضح للحقوقيين بالمنطقة الغربية، حيث تتواجد حكومة الدبيبة.
ازدواجية معايير
فرغم تواجد المنظمات الدولية والأجنبية في ليبيا إلا أن مفوضية المجتمع المدني، تحظر على مؤسسات المجتمع المدني التواصل معها، في ازدواجية معايير واضحة، بحسب الحقوقي الليبي، الذي اعتبر اللائحة المقترحة تقييدًا لحرية المواطن الليبي بشكل عام، فضلا عن مؤسسات المجتمع المدني.
وأكد أن مؤسسات المجتمع المدني التي توصلت لصيغة مقترحة وأحالتها إلى مجلس النواب، ستطلق بعد شهر رمضان حملة لمناصرة تلك الصيغة، في محاولة للضغط على مفوضية المجتمع المدني للتراجع عن مقترحها.
وطالب الحقوقي الليبي بإصدار قانون ينظم عمل مؤسسات المجتمع المدني، وإلغاء ورفع القيود، وتوحيد مفوضية المجتمع المدني.
اشتراطات تعسفية
مطالبات وافقها الحقوقي الليبي عصام التاجوري، والذي أكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن المجتمع المدني عانى كثيرا في الفترة الأخيرة، جراء محاولات "ممنهجة" من الأجهزة الأمنية لتقييد حريته عبر فرض رقابة مسبقة لأي نشاط مجتمعي، بدءًا بوجوب الحصول على الموافقة المسبقة لإقامة النشاط وانتهاء بضرورة تقديم تقرير ختامي.
ومن أجل ضمان فاعلية هذه الممارسات التي وصفها بـ"القمعية" تطلب الأمر استخدام مفوضية المجتمع المدني كأداة لفرض حزمة كاملة من الاشتراطات "التعسفية" بحق المنظمات المجتمعية، الأمر الذي عزز من حالة اضمحلال ملحوظ لدور المجتمع المدني، بحسب التاجوري.
وحول أسباب مساعي حكومة الدبيبة المقالة لتقييد المجتمع المدني، قال الحقوقي الليبي، إنها تهدف لضمان عدم حدوث أي حراك مدني مضاد لها مستقبلا، إلا أنه أكد أنه رغم تلك التخوفات؛ فإن منظمات المجتمع المدني تراجع دورها جراء الإجراءات "التعسفية" وخوفًا من الملاحقات الأمنية.
aXA6IDMuMTIuMTQ2LjEwMCA= جزيرة ام اند امز