50 يومًا من "التعنت".. ما مخاطر موقف الدبيبة على الأزمة الليبية؟
رغم مرور قرابة 50 يوما على منح الثقة لفتحي باشاغا لقيادة الحكومة الليبية الجديدة، ما زال سلفه عبدالحميد الدبيبة، يرفض تسليم السلطة، مدعيا أنه سينازل عنها لجهة منتخبة.
إلا أن ادعاءاته تثبت كل يوم وهنها، خاصة أنها تتزامن مع خطوات على الأرض، تمهد لاستمراره لأطول فترة ممكنة، لاسيما أنه كان أحد الأسباب التي أدت لـ"عرقلة" انتخابات ديسمبر/كانون الأول 2021.
فرغم أن الدبيبة جاء عبر جلسة برلمانية منحته الثقة لمدة محددة، إلا أنه يرفض الامتثال لقرار تلك الجهة وتسليم السلطة لخلفه، في موقف يكشف عن مدى ازدواجية المعايير لدى الرجل الذي يستميت للتشبث بالسلطة.
وفي تحد واضح لقرارات البرلمان وللرفض الشعبي له، جدد رئيس الحكومة السابقة مساء الثلاثاء، تأكيده على استمرار حكومته في العمل لحين التسليم لجهة منتخبة مباشرة من الشعب.
وفيما ألقى الدبيبة الاتهامات على أطراف سياسية قائلا إنها تريد التمديد لنفسها، نسي أو تجاهل موقف حكومته الرافضة لتسليم السلطة والساعية للتمديد.
موقف متعنت
موقف وصف بـ"المتعنت"، دفع بمراقبين ومحللين سياسيين إلى التحذير من المرحلة المقبلة في ليبيا، والتي قد تعيد البلاد إلى مشهد الحرب والفوضى والانقسامات، والتي بدأت بالفعل، بعد انسحاب الجيش الليبي قبل أيام من اللجنة العسكرية المشتركة.
وإلى ذلك، قال المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن الدبيبة يحاول الهروب من مواجهة "الواقع الصعب" الذي يعيشه، بعد أن "اكتشف أن المال والفساد لن يحقق له أي شيء".
وأوضح المحلل الليبي، أن الإغلاقات النفطية الأخيرة أفقدته توازنه، بعد أن حرمته من الإيرادات التي تعد أحد أهم الأدوات للبقاء متشبثًا في السلطة، إلا أنه حذر من أن الدبيبة، "لن يتورع في شن الحرب من أجل استمرار شريان المال، الذي يغذي به فساده"، على حد قوله.
ورغم أن المرعاش قال إن وقف إنتاج وتصدير النفط يبقي السلاح الأقوى سلميا في إجباره على التنحي طوعًا، إلا أنه أشار إلى أن ذلك السلاح سيأخذ بعض الوقت، حتى تصبح إزاحته حاجة دولية وإقليمية للدول المهيمنة على الملف الليبي، وليس بالضرورة لحاجة الشعب الليبي.
التسليم السلمي
وأشار إلى أن الدبيبة حزم أمره بعدم التسليم السلمي للسلطة، بعد أن "دفع مئات الملايين لزعماء الميليشيات التي ستدافع عنه حتى ينفذ هذا المال، وتطلب المزيد"، مما يعني أنه محصن لشهور قادمة وليس مجبرًا على التسليم حاليا.
وأكد المحلل الليبي، أن مسألة تسليم الدبيبة سلمًا تعتمد على مدى الدعم الذي يحصل عليه من بريطانيا والولايات المتحدة وغيرها؛ فالأمر مرتبط بقواعد لعبة إقليمية ودولية، قد تتيح له هامش المناورة بأدواته من الميليشيات، لكنها يمكن أن تتغير وتجبره على الرحيل.
لم يكتف الدبيبة بتصريحاته المتشبثة بالسلطة والتي زعم فيها أنه يؤيد الانتخابات، بل إنه أجرى زيارة لمقر المفوضية، في خطوة وصفها المرعاش، بأنها "رسالة مغازلة" ومحاولة ضم رئيس المفوضية عماد السايح إلى جانبه، بعد أن فشل مشروعه لإعداد منصة إلكترونية للتصويت تشرف عليها حكومته.
إضفاء الشرعية
وأشار إلى أن زيارته المفوضية، تأتي كحيلة أخيرة منه؛ لإضفاء نوع من الشرعية على خطته للسيطرة على عمليات التصويت ونتائجها.
من جانبه، قال المحلل الليبي حسين المسلاتي في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن إجراءات وخطوات الدبيبة "المتعنتة" ستؤدي إلى جر البلاد إلى ما لا يحمد عقباه.
وتساءل المسلاتي: كيف يريد الدبيبة تسليم السلطة بالانتخابات وهو لم يأت بها؟ ولم يرفض الامتثال لقرار البرلمان بإقالته وهو من أتى به على رأس الحكومة؟
تلاعب بالقوانين
وأشار المحلل الليبي إلى أن الدبيبة "تلاعب" بالقوانين وخرقها ونقض تعهداته، مؤكدًا أن موقف رئيس الحكومة المقالة الرافض لتسليم السلطة، يأتي مدفوعًا ومسنودًا بتنظيم الإخوان وتيار الإسلام السياسي الذي يسعى لتهيئة المشهد السياسي وجره نحو المزيد من الفوضى، بما يتيح لهم التحرك نحو مشاريعهم التي وصفها بـ"الضيقة".
واعتبر تصريحات الدبيبة حول إغلاقات النفط، "خطيرة"، مشيرًا إلى أنها قد تهدد بجر المشهد السياسي في ليبيا نحو الحرب.
وطالب المحلل الليبي، الدبيبة بتسليم السلطة لحكومة فتحي باشاغا، إذا كان يريد مصلحة البلاد.
وكان الدبيبة أدان ما وصفه بـ"الاعتداء على المرافق النفطية" وتوقيف إنتاج وتصدير النفط، ووصف ذلك بالجريمة التي سيدفع الشعب ثمنها، عبر ارتفاع الأسعار والخدمات.
aXA6IDE4LjExOS4xMjAuNTkg جزيرة ام اند امز