حكومة ليبيا.. عقبات الانقسام تهدد تشكيلة الدبيبة
رغم الدعم الدولي الكبير، يبدو الطريق أمام الحكومة الليبية الجديدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة ليس ممهدا، وسط مطالبات بالالتفاف حولها وإنهاء حالة الانقسام التي أنهكت البلاد.
وأمس الخميس، أعلن الدبيبة تسليم مقترح معايير تشكيلته وبرنامجها ومخرجات الحوار السياسي لرئاسة مجلس النواب لاعتمادها.
الدبيبة لم يوضح أسماء المرشحين في حكومته والطريقة التي اتبعها في التشكيل، إلا أنه تحدث عن حكومة تكنوقراط وتمثيل الدوائر الانتخابية من البلاد كاملة.
ويرى خبراء سياسيون ليبيون أن الدبيبة تعرض لعراقيل كثيرة وضغوط من العديد من الأطراف، جعلته يكتفي بتقديم هيكلية التشكيلة الوزارية لكي لا يتعرض للضغط والابتزاز.
وتخوف بعض الخبراء، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، من طريقة اعتماد الدوائر الانتخابية في تشكيل الحكومة وإغفال تمثيل بعض المدن، رغم كونها حكومة محاصصة للقيام بعملية توحيد البلاد في المرحلة الانتقالية.
وطالبوا المجتمع الدولي بدعم هذه الحكومة وحمايتها من ضغوط وابتزازات مراكز القوى وبعض النواب، لتشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على تسيير البلاد إلى الانتخابات العامة ديسمبر/كانون الأول 2021.
وأكدوا على أن المجتمع الدولي الذي حرك كل السواكن لإنتاج مؤسسة سياسية منافسة لمجلس النواب وهي لجنة الحوار السياسي كان عليه فعل الشيء نفسه لتوحيد المجلس وليس التسبب في زيادة الصراع حول السلطة.
حكومة محاصصة وأخطاء قانونية
يوسف الفارسي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة عمر المختار الليبية، قال إن مرحلة الدبيبة هدفها تكوين حكومة محاصصة إقليمية تعمل على توحيد البلاد وصولا للانتخابات .
وأضاف في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية" أن الدبيبة تعرض لضغوط من مراكز القوى وأعضاء بمجلس النواب للحصول على مناصب أكثر في التشكيلة الوزارية.
وأشار إلى أن بعض النواب قد يلجأون لتعطيل منح الثقة، إلا أن الدبيبة قد يلجأ في هذه الحالة إلى لجنة الحوار والتي ستعتمدها.
ونوه إلى أن الدبيبة في ظل هذه الضغوط يواجه عدة مشاكل وعراقيل قانونية كبيرة أولها خطأ ومخالفة مخرجات الحوار بتقديمه الهيكلية فقط وليس التشكيلة الوزارية كاملة في الموعد المحدد، ما يعتبر عقبة وحجة قانونية أمام المسار بالكامل.
وأوضح أنه تقدم بالهيكلية ومخرجات لجنة الحوار لاعتمادهما معا من مجلس النواب، والجميع يتحدث عن أزمة منح الثقة ويهمل مخرجات الحوار، وهي تعتبر عقبة أخرى لأن النص يؤكد أن يؤول الأمر إلى لجنة الحوار في حال فشل الحصول على الثقة، ولكن هذا النص نفسه لا يعتبر أمرا قانونيا لأن المخرجات نفسها لن تكون معتمدة في هذه الحالة.
وألمح إلى أن لجنة الحوار إن كانت تستطيع -فرضا- أن تعتمد الحكومة فإنها لا يمكن أن تعتمد مخرجاتها بنفسها، بما فيها النص الذي يخول لها اعتماد السلطة.
واختتم أن القانون الليبي أصلا يمنع تشكيل حكومة خارج ليبيا خاصة أنها من جهة غير منتخبة بل معينة من جهة أجنبية، وكل ذلك يجعل الحكومة غير شرعية ويسهل الطعن عليها، ما قد يهدد المسار السياسي بالكامل.
المسؤولية الأممية
عز الدين عقيل، المحلل السياسي ورئيس حزب الائتلاف الجمهوري الليبي، قال إن اكتفاء تقديم الدبيبة لمستند يتعلق بمعايير وهيكلية الحكومة لتسجيل نقطة أنه جاهز للقيام بالمهمة، لكن الواضح أنه يتعرض لابتزاز كبير جدا، وأنه إذا ما قدم تشكيل الحكومة فإنه سيتعرض لرفضها.
وأضاف عقيل، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن الدبيبة لا يزال يستخدم الدبلوماسية، وأن المجتمع الدولي هو من يتحمل ما يجري لأنه رمى بالدبيبة والمنفي في اليم وتركهم يصارعون الأمواج، من انقسام مجلس النواب وابتزاز بعض الأعضاء.
وأشار إلى أن المجتمع الدولي الذي حرك كل السواكن لإنتاج مؤسسة سياسية منافسة لمجلس النواب وهي لجنة الحوار السياسي كان عليه فعل الشيء نفسه لتوحيد المجلس وليس التسبب في زيادة الصراع حول السلطة.
ونوه إلى أن زيادة أعداد الحقائب الوزارية والمؤسسات في دولة ممزقة تعتبر جريمة كبرى في ظل الصراع بين النواب.
وتساءل عقيل: "لماذا لم تجمع البعثة الأممية البرلمان الليبي وتحاول توحيده في جنيف كما فعلت بلجنة الحوار إن كانت ترى أن ذلك خدمة كبيرة لأعضاء لجنة الحوار، لأنهم لا يستطيعون الاجتماع في أي مدينة ليبية بسبب وجود التهديدات والبرلمان هو الأولى كونه ممزقا".
ولفت إلى أن المجتمع الدولي هو من يتحمل نتيجة تفكيك الدولة الليبية، وهو المسؤول على مساعدة حكومة الدبيبة على لم الشمل من جديد، وإذا حصل هذا فإن السلام قادم وإذا كان العكس فإن المجتمع الدولي يكون لم يصل لقرار حاسم بعودة الاستقرار إلى ليبيا.
الدوائر وإجحاف المدن
ويرى عضو المجلس الأعلى لقبائل وأعيان ليبيا، مفتاح القليوشي، أن طريقة رئيس الحكومة الجديد عبدالحميد الدبيبة في اختيار حكومته نفس المنهج المتخذ منذ 2012 الذي أقره الإخوان.
وأضاف، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن الدبيبة اعتمد على نظام الدوائر الانتخابية ما يعني قانون المدن المنتصرة والتفرقة بين القبائل والمدن الليبية، ما قد يدعم مخطط التقسيم، لأنه يهمل مدنا أخرى أثار ذلك غضبها، على اعتبار أن الدائرة قد تضم عدة مدن ولكن التمثيل يكون للمدينة الأقوى.
وأوضح أن اختيار الحكومة اعتمد على 13 دائرة انتخابية، مشيرا إلى أن ذلك إجحاف لنصيب عدة مدن وقبائل لم تمثل تشريعيا في المؤتمر الوطني وكذلك مجلس النواب وعدم تمثيلها وزارياً.
وطالب عضو المجلس الأعلى لقبائل وأعيان ليبيا بتغيير ذلك التقسيم المعتمد وقانون الانتخابات الذي قسمت على إثره البلاد لـ 13 دائرة من المؤتمر الوطني السابق لتمثيل عادل لكافة المدن.
وأكد على أنه رغم ذلك فإن كافة القبائل تقف خلف السلطة التنفيذية الجديدة للخروج من الفترة الانتقالية والوصول إلى الانتخابات.
ورجح أن تشكيلة الدبيبة ستحصل على الثقة من مجلس النواب على أي حال، لأنه في حال لم يحدث ذلك سيبقى الوضع على ما هو عليه، وأعضاء مجلس النواب سيخشون فقد صلاحياتهم.
ترحيب
من جانبه، رحب عضو مجلس النواب وملتقى الحوار السياسي، زياد دغيم، بتقديم الرئيس المكلف هيكلة الحكومة وبرنامج عملها رفقة مخرجات ملتقى الحوار السياسي لرئاسة المجلس في الوقت المحدد.
وأضاف دغيم: "وفق المادة 179 من القانون رقم 4 لسنة 2014 المنظم لعمل مجلس النواب فإن الرئيس ملزم بالدعوة لجلسة منح الثقة بالمقر القانوني الجديد بمدينة سرت خلال ثلاثة أيام من استلامه تنتهي مساء الأحد القادم".
وأوضح، في بيان، مساء الخميس: "وفي حالة تأخر رئيس المجلس ينتقل الاختصاص إلى النائبين الأول والثاني معا وفق نفس القانون".
وتابع: "لقد أحسن الدبيبة فعلا بعدم تقديم التشكيلة فلا يجوز له ذلك إلا بعد انعقاد جلسة خاصة للبرلمان صحيحة الانعقاد يصادق فيها أولا على مخرجات الحوار التي أسست لوجوده، وأيضا اعتماد هيكلية الحكومة".
وأمس الخميس، أعلن عبدالحميد الدبيبة، رئيس الحكومة الليبية الجديدة، تسليم مقترح معايير حكومة الوحدة الوطنية وبرنامج الحكومة ومخرجات الحوار السياسي لرئاسة مجلس النواب لاعتمادها.
وأكد الدبيبة سعيه لتشكيل حكومة تكنوقراطية ممثلة للمجتمع الليبي هدفها المصالحة الوطنية، مستعينا بالدوائر الانتخابية الـ 13 بمجلس النواب في التشكيل، لتقود البلاد حتى موعد إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
aXA6IDMuMTM5LjEwOC45OSA= جزيرة ام اند امز