تشكيلة الدبيبة.. "مناورة الأسماء" لتخطي مهمة صعبة
تشكيلة وزارية فضل رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة عدم الإفصاح عن أسمائها، في "مناورة" تستهدف تقليص فرص وضع العصي في الدواليب.
خبراء ليبيون أجمعوا، في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، على أن الدبيبة أحجم عن ذكر أسماء مرشحيه للوزارات المختلفة، لتقليل فرص وضع العصي في الدواليب من قبل من يترقبون ورود أسمائهم أو أسماء مرشحيهم، ووضعهم أمام الأمر الواقع عند الإعلان عن التشكيلة الوزارية النهائية.
كما رجحوا أن يكون الدبيبة ترك لنفسه فرصة لتغييرات اللحظات الأخيرة، والتي قد تأتي نتيجة لضغوطات غير متوقعة.
الدولة المدنية بليبيا.. حكماء المنطقة الغربية يقدمون خارطة الطريق
والجمعة، أعلن الدبيبة تشكيلته الحكومية الجديدة التي ستُعرض على أعضاء مجلس النواب، الإثنين المقبل، بمدينة سرت (وسط ليبيا)، لاعتمادها.
وأكد رئيس الحكومة، في بيان سابق اطلعت عليه "العين الإخبارية"، أنه تقديرا لحساسية وتحديات المرحلة الأمنية والاقتصادية، اعتمدت الحكومة في تشكيلتها الإبقاء على هيكلية أغلب الوزارات مع بعض الإضافة، استثمارا للوقت وتفاديًا لما قد تستغرقه عملية الدمج وإعادة الهيكلة، وضمان المشاركة الواسعة والتوزيع الجغرافي للمجتمع الليبي.
أسماء جدلية
عز الدين عقيل، المحلل السياسي الليبي، اعتبر أن إحجام الدبيبة عن ذكر الأسماء جاء بسبب كون تلك الأسماء ستكون جدلية جدًا بالنسبة للشعب الليبي، وليس لأي طرف من الأطراف، مشيرا إلى أن رئيس الحكومة اعتمد مبدأ توزيع الحصص في الحكومة على مختلف الأطراف.
سرت تترقب "وسام الشرف".. ترحيب شعبي ومطالبات بتنحية الخلافات
وطالب المحلل السياسي الليبي، المجتمع الدولي بتقديم الدعم المناسب لهذه الحكومة أو غيرها في قضايا نزع السلاح وتفكيك المليشيات وطرد المرتزقة وإعادة هيكلة مؤسستي الجيش والشرطة، مشددا على أن مثل هذه المهام لا يمكن لأي حكومة محلية تنفيذها منفردة.
وأشار إلى أن عودة الاستقرار في ليبيا باتت مرهونة بإرادة الدعم الدولي التي أكد أن وجودها ومساندتها لحكومة الدبيبة في القضايا الملحة، سيعيد البلاد إلى الاستقرار بشكل تدريجي.
مناورة
أما المحلل السياسي الليبي محمود زاقوب، فاعتبر أن حجب أسماء المرشحين للوزارات من قبل الدبيبة يأتي في إطار تقليل فرص وضع العصي في الدواليب لأولئك الذين يترقبون ورود أسمائهم أو أسماء من رشحوهم، ووضعهم أمام الأمر الواقع عند الإعلان عن التشكيلة الوزارية في شكلها النهائي.
وأكد زاقوب أن رئيس الحكومة ترك لنفسه فرصة لتغييرات اللحظات الأخيرة والتي عادة تأتي نتيجة لضغوطات غير متوقعة.
وأشار إلى أن من أصعب وأدق المهام في تاريخ ليبيا الحديث والمعاصر؛ تشكيل ما يعرف بحكومة الوحدة الوطنية، لعدة اعتبارات، بينها أن الحكومة هدفها الأول توحيد مؤسسات الدولة، وترميم ما لحق بالسلم والوئام الأهلي من تصدع وشروخ طيلة المرحلة الراهنة، وإشراك الجميع أو طيف واسع من المجتمع في كل المستويات، جهوية (محلية) وعقائدية وسياسية واجتماعية وأقليات، وهذا أمر شاق ودقيق.
الدبيبة يعلن هيكلية الحكومة الليبية الجديدة
وأوضح زاقوب أن ترضية أو نقل التوافق على الحكومة وأسماء المرشحين إليها، قد يمتد إلى الأطراف الخارجية المتدخلة أو الفاعلة في الملف الليبي.
وطالب المحلل السياسي الحكومة التي وصفها بـ"العريضة" أو كثيرة الوزارات، بالتركيز بشكل عملي أو فعلي على الوزارات التي من شأنها تحقيق أهداف المجلس الوزاري لحكومة الوحدة الوطنية، والتي من بينها توحيد مؤسسات الدولة، وإنهاء وفك الارتباط بكل ما من شأنه إرجاع فتيل الحرب بين الأشقاء وتحقيق الالتزام الانتخابي في موعده المعلن.
كما طالب باختيار مدينة سرت في المرحلة الراهنة لتسيير أمور الدولة لتوسطها البلاد، ولوجود بنية تحتية تفي بالغرض، ولعدم وجود خلاف عليها، مؤكدًا ضرورة إصدار قرارات وأوامر واضحة لكل مستويات الإدارة بسرعة الانضمام والانخراط في بوتقة واحدة.
توصية أمريكية بمنح الثقة للدبيبة لمواجهة أزمات ليبيا
وناشد زاقوب رئيس الحكومة الجديدة بالتقليل من الزيارات الخارجية والاتجاه إلى الزيارات الداخلية التي يحتاجها الناس في هذه المرحلة، والتركيز على ما يثقل كاهل المواطن الليبي من مشاكل السيولة والكهرباء والوقود والفراغ الأمني.
واختتم وصاياه للحكومة الجديدة، حاثا إياها على ضرورة الابتعاد عن كل ما من شأنه تشتيتها عن أهدافها، من قبيل الصراعات الكلامية والجدلية والقضائية التي قد يلجأ إليها مناوئوها، وتوحيد الخطاب الإعلامي الخاص بالحكومة على كل المستويات.
المهمة الصعبة
عيسى رشوان، المحلل الاقتصادي الليبي، يرى من جانبه أن كثرة الوزارات عبارة عن ترضيات لكسب أكبر قدر من المؤيدين وليس عن دراسة حقيقية، لافتا إلى وجود حقائب لا داعي إليها.
وأكد رشوان صعوبة مهمة الحكومة الجديدة في حلحلة الأزمات التي تعاني منها ليبيا في غضون 10 أشهر (موعد الانتخابات الرئاسية وتسليم السلطة، وفقًا لخارطة الطريق).
وأشار إلى أن الاقتصاد الليبي مريض بوباء الفساد وفيروسات المفسدين ينبغي تطهيرها أولا، محجمًا عن ذكر الأولويات الاقتصادية للحكومة الجديدة، إلا أنه اختتم تصريحاته بالإشارة إلى ما وصفه بـ"الخيبات الكثيرة" التي تعرض لها الشعب الليبي بسبب المتصدرين للمشهد السياسي.
من جهته، قال عضو مجلس النواب الليبي، محمد عامر العباني، إن الدبيبة تقدم بحكومة محاصصة موسعة من حوالي 35 وزيرًا، مشيرًا إلى أن من بين الوزراء شخصيات جدلية جاء اختيارها لإرضاء أخرى معينة.
وتداولت وسائل إعلام ليبية تسريبا حول أسماء التشكيلة الوزارية التي تقدم بها الدبيبة لمجلس النواب، تضمنت أسماء بينها صقر بوجواري، رمضان بوجناح الحسناوي نائبين لرئيس الوزراء، حمد عبدالرزاق العبيدي وزيرا للزراعة، وطارق عبد السلام مصطفى أبوفليقة وزيرا للموارد المائية، وتوفيق الدرسي وزيرا للثروة الحيوانية، وعبد الشفيع حسين البرعصي وزيرا للرياضة، وكامل ابريك الحاسي وزيرا للتخطيط، ولمياء فتحي أبوسدرة وزيرة للخارجية، وخالد خليل الجازوي وزيرا للصحة.
ووفق عضو مجلس النواب، فإن الدبيبة لم يأخذ بعض المناطق بعين الاعتبار في هذه المحاصصة، بحيث كانت محاصصة لأشخاص على حساب المناطق الجغرافية، ما يصعب من مهمة القيام ببرنامجه السياسي لمرحلة ما قبل انتخابات ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وتطرق البرلماني إلى ما وصفه بـ"تخبط" الدبيبة كثيرا في إعداد حكومته، وعدم خبرته السياسية، ما يجعل من الصعب عليه الحصول على ثقة البرلمان.
وتعقد، الإثنين المقبل في مدينة سرت، جلسة منح الثقة للحكومة الليبية الجديدة، لإعطاء حكومة الدبيبة الضوء الأخضر لممارسة مهامها.
aXA6IDQ0LjIwMC45NC4xNTAg جزيرة ام اند امز