آخر أخبار سد النهضة.. فيضان دبلوماسي يحرك جمود المفاوضات
قبل 48 ساعة من مناقشة مجلس الأمن أزمة سد النهضة، تحركت مياه كثيرة في النهر لتنهي جمود المفاوضات المتوقفة منذ أبريل الماضي.
فعلى صعيد دولتي المصب؛ مصر والسودان أعربت القاهرة والخرطوم عن رفضهما القاطع لإعلان إثيوبيا بدء الملء الثاني لسد النهضة، لما يمثله من مخالفة لاتفاق إعلان المبادئ في 2015.
جاء ذلك خلال لقاء وزير الخارجية المصرية سامح شكري ونظيرته السودانية مريم الصادق المهدي في نيويورك للتشاور حول ملف سد النهضة.
واتفقا شكري ونظيرته السودانية، على ضرورة تكثيف المشاورات مع أعضاء مجلس الأمن لحثهم على دعم موقف بلديهما وتأييد دعوتهما بضرورة التوصل لاتفاق ملزم حول سد النهضة.
تحركات مكثفة
فيما يخص الجانب المصري منفردا، فقد آثر التحركات المكثفة بنيويورك لعرض أبعاد موقفه في ملف سد النهضة، حيث التقى وزير الخارجية المصري سامح شكري بكل من المندوبين الدائمين لروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة في مجلس الأمن.
وأكد شكري خلال اللقاءات المكثفة على موقف بلاده الثابت تجاه التوصل لاتفاق قانوني ملزم حول سد النهضة، وعلى ضرورة اضطلاع المجلس بمسؤولياته تجاه هذه القضية.
كما التقى "شكري" بمجموعة ترويكا "الاتحاد الأفريقي" المكونة من الكونغو الديمقراطية وجنوب أفريقيا والسنغال لشرح أبعاد الموقف المصري من القضية.
ولم تخلُ التحركات المصرية، من إعلان مواقف والرد على تساؤلات بشأن ملف سد النهضة، فجاءت تصريحات وزير الخارجية المصري في عدد من القاءات التلفزيونية لتجيب على عدة أمور أبرزها ما تستهدفه القاهرة من جلسة مجلس الأمن.
وقال وزير الخارجية المصرية، إن المسعى في مجلس الأمن الدولي في جلسة الخميس مطالبة كافة الدول بعدم اتخاذ إجراءات أحادية.
وتابع شكري: نحن نسعى لتوضيح ملف سد النهضة بالنسبة للأعضاء الدائمين وغير الدائمين بمجلس الأمن، نوضح ما نسعى إليه وهو الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم عملية الملء والتشغيل؛ بما يؤدي إلى الإعفاء من الأضرار الجسيمة التي قد تقع على مصر والسودان.
وأضاف: هذه المداولات تشرح الموقف من جميع أبعاده، وتؤكد أن اللجوء إلى مجلس الأمن ليس لتناول قضية مياه، وإنما لتناول تعزيز المسار الأفريقي واستئناف المفاوضات تحت إطار جديد يؤدي إلى مشاركة المراقبين والأمم المتحدة؛ لطرح الحلول والمقترحات التي قد تيسر على الأطراف الثلاثة التوصل إلى اتفاق.
وبشأن توقعه لجلسة مجلس الأمن حول سد النهضة الخميس، قال شكري: المسعى في مجلس الأمن بالتأكيد لمطالبة كافة الدول بعدم اتخاذ إجراءات أحادية وللأسف الجانب الإثيوبي أعلم كل من مصر والسودان بشكل رسمي بدء عملية الملء الثاني لسد النهضة بشكل أحادي وبشكل يخالف تعهداته، وفقًا لاتفاق إعلان المبادئ.
وأوضح أن المسعى للقدوم لمجلس الأمن يعطي زخمًا ودفعا قويا للمسار الإفريقي ويحدد الهدف من هذا المسار. وأيضا يعزز من قدرة رئيس الاتحاد الإفريقي من إدارة العملية التفاوضية خلال مدى زمني معقول؛ لاستيضاح مدى وجود الالتزام والإرادة السياسية لدى إثيوبيا للتوصل إلى اتفاق.
خيارات أخرى
وردا على سؤال بشأن المرحلة التي ستلجأ فيها القاهرة لخيارات أخرى، قال شكري: لكل من مصر والسودان القدرة والإرادة للدفاع عن مصالحهما المائية بشكل يحقق مصلحة شعبيهما وهذه الأمور تؤخذ فيها القرارات وفق الظروف والمتغيرات ويتم من خلال مؤسسات الدولة والتداول فيما بينهم.
وأضاف: نحن دائما دعاة التوصل إلى توافق وحلول للقضايا والمشاكل من خلال الوسائل السياسية والدبلوماسية.. مصر دائما ساعية لإزالة أي توتر وتعمل على خلق المناخ والإطار المناسب في هذا الصدد.
وأشار إلى أن بلاده من الدول التي كانت دائما تدعم المسار المتعدد والأطر سواء في الاتحاد الأفريقي أو الأمم المتحدة وتعتمد في كل ذلك على عدالة الموقف المصري اتجاه هذه القضية الوجودية وستستمر تبذل كل ما في وسعها للتوصل في التوصل إلى حل سلمي في هذه القضية.
لكنه استطرد: ولكن كما تفضل الرئيس المصري أنه لا يمكن أن تكون المفاوضات إلى ما لا نهاية.
وبشكل واضح، أجاب "شكري" على سؤال "الخيار العسكري" بقوله: مصر تسعى لخلق علاقات تعاون وإخاء تؤدي إلى تحقيق المصالح المشتركة.. ونسعى دائمًا للغة الحوار والبعد عن التهديد والعمل على إزكاء الفوائد المشتركة؛ للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة، ولكن دائما كافة الخيارات مطروحة للوصول إلى هذا الهدف، وتحقيق المصلحة الوطنية في نهاية المطاف تكون المحرك لأي إجراء.
السودان.. لقاءات وتجديد مواقف
وتحرك السودان دبلوماسيا وأطلع اليوم، سفراء الدول الأوروبية والأمريكيتين (الشمالية والجنوبية) بالخرطوم على موقفه حول سد النهضة الإثيوبي.
جاء ذلك في لقاء عقده وكيل وزارة الخارجية السودانية، محمد شريف، مع سفراء تلك الدول المعتمدين لدى الخرطوم.
وخلال اللقاء، أوضح شريف، وفق بيان للخارجية، أن موقف السودان الثابت من سد النهضة، قائم على ضرورة الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم لجميع الأطراف فيما يتعلق بملء وتشغيل السد.
وأكد أن السودان يقر بحق إثيوبيا في التنمية بشرط الالتزام بالقانون الدولي لاستخدام المياه العابرة للحدود الذي يرتكز على الالتزام بالاستخدام العادل للمياه دون إلحاق أي ضرر بدول المصب.
وأوضح أن طلب بلاده عقد جلسة طارئة في مجلس الأمن الدولي يهدف إلى تعزيز دور المجتمع الدولي في حث الأطراف الثلاثة (السودان ومصر وإثيوبيا) على الوصول إلى اتفاق في إطار زمني لا يتجاوز الستة أشهر، آخذين في الاعتبار ما تم التوافق عليه.
وفي السياق ذاته، جدد رفضه للملء الأحادي لسد النهضة الإثيوبي للعام الثاني على التوالي دون اتفاق، مؤكدا أن الاتفاق النهائي الملزم يشكل "الإثبات الوحيد" لرغبة إثيوبيا في التعاون.
ووفق بيان للخارجية السودانية، وصف عملية الملء بمخالفة صريحة للقانون الدولي واتفاق المبادئ والاتفاقيات والممارسة المستقرة المُنَظّمة لتبادل المنافع للأنهار المشتركة.
ويرى السودان أن إخطار إثيوبيا "غير ذي جدوى ما لم يتم التفاوض والاتفاق بشأن ملء وتشغيل السد".
الجامعة العربية.. بين الرفض والدفاع
بدورها، فضلت إثيوبيا عقب خطوة إخطارها الجانب المصري والسوداني بشكل رسمي البدء في عملية الملء الثاني لسد النهضة، أن ترفض تدخل الجامعة العربية في الملف.
وأعربت إثيوبيا عن احتجاجها لمجلس الأمن الدولي رفضا لما سمّته "تدخل" جامعة الدول العربية في ملف سد النهضة بعد إرسالها خطابا إلى الجهة نفسها.
وذكر بيان لوزارة الخارجية الإثيوبية، اليوم الثلاثاء، أن "أديس أبابا بعثت برسالة لمجلس الأمن ترفض فيه تدخل جامعة الدول العربية في ملف سد النهضة الإثيوبية".
وأضاف البيان أن الوزارة "وضحت في الرسالة بأن ما قامت به الجامعة العربية يعتبر غير المرغوب فيه من جانب جامعة الدول العربية في مسألة سد النهضة الإثيوبي بعد تقديم الجامعة خطابًا إلى مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة للتدخل في الأمر".
في المقابل، دافع وزير الخارجية المصري عن "حق الجامعة العربية في أن تدلو بدلوها إزاء هذا الموضوع"، معلقا: هذا استمرار لعدم الاكتراث بالمساعي المبذولة لإقناع الجانب الإثيوبي بالتوصل إلى حل.
وأضاف: الجامعة العربية منظمة إقليمية لها الحق في أن تدلو بدلوها إزاء أي قضية لها اتصال بأعضائها، لذا لا أرى كيف ألا تكون الجامعة العربية مهتمة بهذا الموضوع وتدلو بدلوها بخصوصه.
وأكد شكري أن الجامعة العربية وأعضاءها يهتمون اهتمامًا بالغًا بالعلاقات العربية الإفريقية، حيث لا يمكن التنصل من وجود دول عربية أفريقية لها كل الارتباط والانتماء إلى القارة السمراء ويهمها وشركاؤها في المشرق العربي أن تظل حقوق الدول العربية محافظ عليها.
واشنطن على خط الأزمة
من جانبها قالت الولايات المتحدة الأمريكية، إن بدء إثيوبيا الملء الثاني لسد النهضة من شأنه زيادة التوتر، وأكدت الخارجية الأمريكية في بيان، استمرار دعم واشنطن
لجهود الحوار والتعاون للتوصل إلى اتفاق بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن السد.
وأضافت الخارجية الأمريكية، أن واشنطن مستمرة أيضًا في دعم جهود الاتحاد الأفريقي لخفض التوتر في القضية وتسهيل عقد مفاوضات مثمرة.
التحرك الأممي
وفي إطار التحرك الدولي الأممي، دعت الأمم المتحدة إثيوبيا والسودان ومصر اليوم إلى تجديد التزامها بالمحادثات في قضية سد النهضة وحثت الدول الثلاث على تجنب أي عمل أحادي.
وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش للصحفيين في نيويورك إن جوتيريش يؤيد دور الاتحاد الأفريقي في الوساطة بين الدول الثلاث.
وأضاف دوجاريك قائلا : "المهم أيضا هو عدم القيام بأي عمل أحادي يمكن أن يقوض البحث عن حلول. لذا من المهم أن يجدد الناس التزامهم بالحوار بنية حسنة في عملية تفاوض حقيقية".
وأمس، تلقت القاهرة خطاباً رسمياً من وزير الري الإثيوبي سيليشي بيكيلي، يفيد ببدء عملية الملء الثاني لخزان سد النهضة.
وردت مصر على الخطوة الإثيوبية بخطاب ثانٍ ورسمي من وزير الري إلى نظيره الإثيوبي حيث أبلغه رفض القاهرة القاطع لهذا الإجراء الأحادي.
وتطالب مصر والسودان بالتوصل لاتفاق ملزم حول ملء وتشغيل السد قبل أي عمل منفرد من إثيوبيا التي تسعى في المقابل لتهدئة مخاوف دولتي المصب، مؤكدة أن مشروعها تنموي ولن يضر بالدولتين بل سيعود بالنفع عليهما ولن يتنقص من حصتهما في المياه وأنها منفتحة على أي مفاوضات.
aXA6IDMuMTYuMTM3LjIyOSA= جزيرة ام اند امز