زيارة أردوغان المشبوهة لليبيا.. المخاطر ودلالات التوقيت
يستعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لزيارة مرتقبة إلى العاصمة الليبية طرابلس، الخاضعة لمليشيات حكومة الوفاق الموالية له.
ويرى خبراء سياسيون ليبيون أن توقيت الزيارة يوحي بنوايا تركية خبيثة لتقويض الأمن والاستقرار في البلاد، خاصة بعد نجاحات لقاءات اللجنة العسكرية الليبية التي توصلت لوقف إطلاق النار الذي تسعى أنقرة لإفشاله حماية لمصالحها غير المشروعة في ليبيا.
كما تتزامن الزيارة المتوقعة مع عودة إنتاج النفط في ليبيا بعد توقفه لشهور وبإنتاج يصل لنحو مليون برميل يوميا، وبالتوازي مع لقاءات الحوار السياسي الليبي في تونس، الذي قد ينتج عنها تشكيل حكومة تلغي اتفاقية أردوغان-السراج، حسب خبراء تحدثوا لـ"العين الإخبارية".
ووصل فريق من الاستخبارات التركية إلى طرابلس، مساء الثلاثاء، تحضيرا لزيارة أردوغان خلال الأيام القادمة وفقا للقناة السابعة التركية، المقربة من نظام أردوغان، بهدف تأمين زيارة الرئيس التركي للعاصمة الليبية.
رسالة فجة
ويرى الخبير الاقتصادي والسياسي الليبي عيسى رشوان أن "هذه الزيارة تعتبر نوعا من أنواع الدعم النفسي والإعلامي لعملاء أردوغان المنتشرين من ذوي الأصول التركية"، والذين قدرهم رشوان بنحو مليون ليبي من أصول تركية.
واعتبر رشوان في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية" أن الزيارة نوع من أنواع "البلطجة" الدولية كرسالة فجة للدول الأخرى الرافضة للدور التركي المشبوه في ليبيا، بأنه شخصيا موجود في ليبيا، وأن الأمر بالنسبة له أمر شخصي لا رجوع عنه.
وحول احتمالية انقلاب أردوغان على الحوارات السياسية والعسكرية الليبية، قال رشوان إن أنقرة لا تعترف بتلك الحوارات أساسا بل بمصلحتها فقط، ولن يهتم أردوغان بما سوف يصدر عنها إذا كان ضد مصلحته في احتلال ليبيا اقتصاديا.
وأشار إلى أن أردوغان بالطبع سيناقش عوائد النفط بعد إعادة إنتاجه، خاصة أنه يرتبط بدفع فواتير الأسلحة التركية الموردة إلى حكومة السراج.
وأردف أن أردوغان همّه الأول في هذا التوقيت استمرار اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع حكومة السراج، ومحاولة ضمان ذلك مع المجلس الذي سيشكل من خلال عملائه من الإخوان في الحوارات السياسية، ومحاولة توجيه ضربة نوعية لمنتدى شرق المتوسط للغاز بقيادة مصر.
تثبيت الاتفاقية غير الشرعية
يرى الحقوقي والسياسي الليبي سراج التاورغي أنه إذا صحت هذه الزيارة ستكون ضمن مساعي تركيا لضمان استمرار اتفاقية السراج أردوغان، التي أثارت جدلا كبيرا داخل وخارج ليبيا، خاصة أنها لا تحمل أي شرعية قانونية أو دستورية.
وأضاف في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن أنقرة تسعى لتثبيت هذه الاتفاقية المرفوضة، وإيجاد موطئ قدم لها في ليبيا، واستغلالها في استراتيجية التمدد بالمنطقة.
وأشار إلى أن ذلك يأتي بالتزامن مع وجود 11 عسكريا تركيا -من المخابرات- في فندق فورسيزون في قمرت التي يعقد فيها الحوار السياسي الليبي، بهدف زرع دسائسها في هذا الحوار وتوجيه عملائها.
وأردف أن تركيا تسعى بالكامل للسيطرة على خيرات ليبيا -خاصة مع عود إنتاج النفط فاق مليون برميل يوميا-، ولتمكين الإخوان من كامل الدولة -عبر الحكومة الجديدة-، لتشكيل تهديد على دول الجوار خاصة مصر، لتحقيق أهدافها بالمنطقة.
رقصة الديك المذبوح
اتفق الخبير السياسي والحقوقي الليبي محمد صالح جبريل اللافي، مع ما ذهب إليه رشوان والتاورغي، مضيفا أن زيارة أردوغان في هذا الوقف محاولة منه للتأثير على سير العملية الحوارية الحاصلة في سرت وتونس، ولكسب حلفاء جدد ودعمهم أن تركيا من خلفهم.
وتابع في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن على البعثة الأممية أن تشير إلى هذه الزيارة المشبوهة التي تحاول الضغط عل المتحاورين في تونس، خاصة أن تركيا مستهدفة من إخراج المرتزقة تطبيقا لقرار مجلس الأمن رقم 2510.
وأضاف أن أردوغان يرفض تماما اجتماع لجنتي (5+5) في تونس، والحوار السياسي الليبي وسيسعى لإفشالهما، وأن على المجتمع الدولي التصدي لتصرفات أردوغان التي تهدد استقرار دولة موقعة على ميثاق الأمم المتحدة.
ونوه بأن أردوغان يريد أن يؤكد لحلفائه أنه ما زال موجودا ويدعم هذا التيار وأنه لم يخضع لضغوط دولية، والتي يراها الجميع رقصة الديك المذبوح وأنه انتهى دوره في هذا البلد.
وتواصل تركيا، حسب خبراء ومحللين، محاولة إفشال اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الفرقاء الليبيين في جنيف 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن طريق خرقها بنود الاتفاق، التي ترتكز على عدم تدريب العناصر الليبية على يد الأتراك، بالإضافة لسحب المرتزقة والضباط الأتراك من القواعد الليبية.
وتعمل أيضا على إفشال الحوارات السياسية وإيصالها إلى طريق مسدود، وذلك بعد إقناع السراج بالعدول عن الاستقالة.
كما تسعى أنقرة لتحويل ليبيا إلى دولة فاشلة عن طريق دعم المليشيات وزرع الجواسيس، وإفشال الحلول والحوارات السلمية بين الفرقاء.
وتأتي الزيارة المتوقعة لأردوغان بالتزامن مع انعقاد جلسات المشاورات السياسية بين الفرقاء الليبيين، الإثنين، ضمن ملتقى الحوار السياسي الليبي في تونس، برعاية أممية وتستمر لمدة 6 أيام، سيناقش آلية اختيار المجلس الرئاسي الجديد، وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وتحديد صلاحيات كل منهما.
وكذلك بدء عقد اللجنة العسكرية الليبية (5+5) لثاني جلساتها داخل البلاد، وذلك في مقرها الدائم بسرت، الثلاثاء لمدة 3 أيام، وهي السادسة للجنة منذ تشكيلها.