دار السلام تستعيد نبضها الاقتصادي.. عودة تدريجية للحياة بعد أسبوع من التوترات
تعود دار السلام، القلب التجاري لتنزانيا، تدريجيًا إلى طبيعتها بعد أسبوع من التوترات التي أعقبت الانتخابات العامة، في مشهد يجمع بين الحذر والأمل في أكبر مركز اقتصادي بالبلاد.
ووفقًا لما رصدته "العين الإخبارية" من مصادر محلية، فقد عادت الشوارع إلى حيويتها بعد أيام من الإغلاق الجزئي وتقييد الحركة، حيث فتحت المتاجر أبوابها مجددًا واستأنفت حركة المرور نشاطها المعتاد في طرق المدينة المزدحمة.
ويرى كثير من التنزانيين أن هذا الانتعاش البطيء يمثل خطوة أولى نحو استعادة الثقة في الاقتصاد المحلي الذي تضرر بشدة خلال حالة الشلل الأخيرة.
ومن أبرز مؤشرات التعافي عودة خدمات الإنترنت بعد انقطاعٍ دام أيامًا، مما سمح بإعادة تنشيط المعاملات المصرفية والتجارية والاتصالات الدولية. وقد وصف اقتصاديون هذه الخطوة بأنها «شريان الحياة» لاقتصاد يعتمد بشكل متزايد على التحويلات الإلكترونية والتجارة الرقمية.
وفي ميناء دار السلام، المنفذ البحري الأهم في شرق أفريقيا، استؤنفت الأنشطة اللوجستية بوتيرة متسارعة، حيث عادت طوابير الشاحنات المحمّلة بالبضائع إلى التحرك نحو المراكز التجارية داخل البلاد. ويُعد هذا التطور مؤشرًا قويًا على استئناف تدفق السلع واستقرار سلاسل التوريد التي تأثرت خلال الاضطرابات الأخيرة.
كما استعاد النقل العام نشاطه التدريجي، فعادت الحافلات ووسائل النقل الصغيرة إلى الطرقات، ناقلة العمال والتجار إلى مواقع عملهم وأسواقهم، في مشهد يعكس دوران عجلة الاقتصاد اليومي من جديد.
ورغم هذا التعافي النسبي، ما زالت تداعيات الإغلاق تلقي بظلالها على الاقتصاد المحلي، إذ ارتفعت أجور النقل وأسعار الوقود بشكل ملحوظ، مما انعكس مباشرة على أسعار السلع الأساسية مثل الأرز ودقيق الذرة والزيت والخضروات.
ويؤكد التجار أن ارتفاع الأسعار ناتج عن اضطراب مؤقت في سلاسل الإمداد وزيادة تكاليف النقل، فيما تواجه الأسر ذات الدخل المحدود ضغوطًا متزايدة وسط تضخمٍ يلتهم القدرة الشرائية ويقوض مكاسب النمو السابقة.
في المقابل، تُظهر القطاعات المصرفية والتجارية علامات صمود، إذ أعادت البنوك فتح فروعها واستأنفت المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عملياتها لتلبية الطلب المحلي، في مؤشر على مرونة السوق التنزانية.
وفي خطوة عززت الثقة العامة، رفعت الشرطة حظر التجول الليلي المفروض منذ اندلاع الاضطرابات الأسبوع الماضي، مما أتاح عودة الحياة الليلية تدريجيًا في المدينة التي لا تنام. واستقبلت قطاعات المطاعم والترفيه القرار بترحيب واسع، باعتباره فرصة لتعويض خسائر الأيام الماضية وإشارة إلى استقرار الأوضاع الأمنية.
ورغم الأجواء الإيجابية، يتفق خبراء الاقتصاد في تنزانيا على أن مسار التعافي سيظل حذرًا، إذ قد يتطلب استقرار الأسعار واستعادة النشاط الكامل لسلاسل التوريد عدة أسابيع أو حتى أشهر. ومع ذلك، فإن عودة الحركة التجارية في الأسواق وامتلاء الأرصفة بالباعة الجائلين تبعث برسالة واضحة مفادها أن دار السلام تعود بثبات.
وبينما تتحول بوصلة البلاد من إدارة الأزمة إلى مرحلة التعافي، تبقى مرونة دار السلام، باعتبارها المركز المالي والصناعي لتنزانيا، حجر الزاوية في استعادة الثقة الاقتصادية على المستويين الوطني والإقليمي.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTYxIA== جزيرة ام اند امز