في يومهم العالمي.. عمال فلسطين "يسيرون نحو الأسوأ"
يستعد نحو 34 ألف عامل فلسطيني في قطاعات البناء والزراعة والصناعة للعودة إلى أماكن عملهم في إسرائيل بدءا من يوم الأحد
يستعد نحو 34 ألف عامل فلسطيني في قطاعات البناء والزراعة والصناعة للعودة إلى أماكن عملهم في إسرائيل بدءا من يوم الأحد في ظل ظروف صعبة.
بالنسبة للكثيرين فإن مهمة لقمة العيش هذه تبدو، في ظل جائحة كورونا، أشبه بالمغامرة.
- المهن الشاقة في غزة.. مصدر رزق لا يعرف احتياطات كورونا ولا ظروف رمضان
- العمل في الإمارات.. سمعة دولية براقة لأكثر أسواق العالم جاذبية
من ناحية فإن الانتشار الواسع للفيروس في إسرائيل يهدد بإصابة هؤلاء العمال ومن ناحية ثانية فإن إسرائيل تفرض على العمال البقاء في أماكن عملهم لمدة شهر على الأقل دون عودة إلى منازلهم بالضفة الغربية، فضلا عن عملهم في ظروف تفتقر إلى شروط السلامة والضمانات الصحية.
"لا يوجد بديل أمامهم" يقول شاهر سعد، الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين، في حديث لـ"العين الإخبارية"، واصفا واقع الحال لهؤلاء العمال.
واستنادا لمعطيات وزارة الصحة الفلسطينية فإن العشرات من العمال في إسرائيل التقطوا فيروس كورونا في الشهرين الماضيين أثناء عملهم في إسرائيل وفي كثير من الأحيان نقلوه إلى أقارب لهم، بينهم أطفال، عبر التخالط.
ومع حلول يوم العمال العالمي، اليوم الجمعة، فإن واقع العمال الفلسطينيين يبدو أصعب من أي وقت مضى.
وقال سعد: "وضع العمال أصلا صعب سواء من ناحية ارتفاع نسب البطالة أو الفقر، وجاءت جائحة كورونا لتزيد من حجم المعاناة".
واستنادا إلى الدكتورة علا عوض، رئيسة الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فقد بلغ عدد العاملين في فلسطين 1,010 مليون عامل، بواقع 616 ألفا في الضفة الغربية و261 ألفا في قطاع غزة و133 ألفا في إسرائيل والمستعمرات.
وطالت جائحة كورونا أرزاق القسم الأكبر من العمال سواء بالقطاع الخاص داخل الضفة الغربية وقطاع غزة أو العمال في إسرائيل.
وقال سعد: "هناك أكثر من 600 ألف عامل تضرروا نتيجة انتشار الفيروس سواء أكان العمال في إسرائيل أو المناطق الصناعية الحدودية أو العاملين في القطاع الخاص داخل الضفة الغربية وقطاع غزة".
ويلفت الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين إلى أن العمال المتضررين هم نحو 480 ألفا في القطاع الخاص، أما العمال في إسرائيل فهم تقريبا 180 ألفا.
وقال: "لقد تضرر بشكل مباشر عمال القطاع الخاص، سواء الذين يعملون باليومية أو السيارات وعدة مهن أو قطاع الإنشاءات الذي يستحوذ على حوالي 20% من حجم الطبقة العاملة الفلسطينية".
وأضاف سعد: "كل هذه الأمور أثرت بشكل سلبي على واقع العمال وعلى زيادة معاناتهم بشكل عام".
وبدورها تشير عوض إلى أنه "يعتبر نشاط المطاعم والفنادق والتجارة المشغل الأكبر للعاملين في القطاع الخاص حيث يعمل فيه 32% من العاملين بواقع 31.1% في الضفة الغربية و34.8% في قطاع غزة، يليه نشاط الخدمات حيث يعمل فيه 22.4% من العاملين في القطاع الخاص بواقع 19.9% في الضفة الغربية و30.1% في قطاع غزة، يليه قطاع الصناعة بنسبة 16.0% بواقع 18.1% في الضفة الغربية 9.7% في قطاع غزة، ويتوزع باقي العاملين على الأنشطة المتبقية المختلفة".
وكان قرار السلطة الفلسطينية فرض حالة الطوارئ لمنع تفشي فيروس كورونا اشتمل ضمن قرارات أخرى على إغلاق المقاهي والفنادق والأسواق التجارية الكبرى.
وفي بلد تعتبر فيه السياحة والخدمات مصدر دخل رئيسيا فإن ذلك أثر بشكل كبير على الطبقة العاملة في فلسطين التي وجدت نسبة كبيرة من العاملين فيها أنفسهم بدون عمل.
وقال سعد: "نلاحظ أنه خلال الشهرين الماضيين وتحديدا منذ إعلان حالة الطوارئ في فلسطين مطلع شهر مارس كان هناك تزايد كبير جدا في حجم الطلب للمساعدات، وهذا كله نتيجة لعدم وجود قوانين حماية اجتماعية للعمال مثل حماية البطالة وحماية الفقر والتأمينات بما في ذلك عدم وجود قانون للضمان وكل ذلك أثر على الوضع بشكل عام".
وأضاف: "نلاحظ أن هناك تذمرا وزيادة طلب على سوق العمل بالنسبة للتشغيل وتراجع القوة الشرائية على مستوى السوق، وهذا بمجمله تسبب بمشاكل كبيرة جدا لأبناء الطبقة العاملة الفلسطينية".
وخلص سعد إلى أنه "بالتالي فإن وضع العمال مزر".
وكانت السلطة الفلسطينية حثت العمال على عدم العمل في إسرائيل خشية التقاط الفيروس، ولكن عدم وجود فرص عمل بديلة في الضفة الغربية وقطاع غزة فضلا عن عدم وجود نظام مساعدات حكومي للعاطلين عن العمل دفع بالكثير من العمال للعودة إلى إسرائيل رغم المغامرة.
وقال سعد: "لأنه لا يوجد بديل ولا نظام حماية، لو كان هناك نظام تعويض بطالة لكان الوضع أفضل".
وكانت السلطة الفلسطينية حاولت قبل أكثر من عام اعتماد قانون للضمان الاجتماعي؛ ولكنه وجه بانتقادات فتم وضعه جانبا.
وتعتمد ميزانية السلطة الفلسطينية على الدخل المحلي وعلى المساعدات الخارجية، ولكن جائحة كورونا أدت إلى خفض المداخيل المحلية الفلسطينية وفي ذات الوقت فإن ليس ثمة توقعات بمساعدات أجنبية.
وقال سعد: "حول ما يتعلق بالمساعدات فإن الجائحة موجودة على المستوى العالمي وليست مقتصرة فقط على فلسطين، فكل العالم يعاني منها، ولذلك فإن التقديرات أنه بعد الجائحة سيكون هناك أكثر من 25 مليون عامل عاطل عن العمل على مستوى العالم، وهذا سيزيد من نسبة الفقر".
وحذر سعد من أنه "في حال استمرار الوضع على ما هو عليه فإنه للأسف يسير نحو الأسوأ وليس الأفضل".