إرث داعش المميت.. ألغام ومخلفات حرب تحاصر الموصل (صور)
كانت الموصل أحد آخر معاقل تنظيم داعش، وبحلول منتصف عام 2017، حاصرت أجهزة الأمن العراقية وقوات التحالف أنصاره في المدينة القديمة.
وكان القصف الكثيف الناتج عن ذلك، ومعارك الشوارع، واستخدام العبوات الناسفة في المناطق الحضرية السكنية موثقة جيدا حينها، لكن لا يزال أثر الحرب موجودا لأولئك الذين يعيشون في المدينة والعائدين إليها، بحسب صحيفة "التايمز" البريطانية.
وفي بعض أجزاء من الموصل، عادت الحياة إلى طبيعتها؛ أعيد بناء المنازل والمتاجر والمكاتب، ويتبادل الرجال في أسواق السمك النكات، ويلتهمون الكباب الساعة السابعة صباحا، ويجلس الناس على الكراسي البلاستيكية، يدخنون ويشربون الشاي.
لكن بعد خمسة أعوام من تحرير ثاني أكبر مدينة في العراق من تنظيم داعش، لم تتعافَ مناطق مهمة.
وبحسب صحيفة "التايمز"، لا تزال مساحات كبيرة على الضفة الغربية من نهر دجلة تحت حصار صامت، حيث يعصف بها وجود المتفجرات من مخلفات الحرب والألغام الأرضية.
وفي الطرق الغابرة المنتشرة بين جبال من الأنقاض، توجد رسوم جدارية للتذكير بالحفاظ على السلامة.
بالنسبة لأكرم شاكر سليم (40 عاما)، الذي يغطي جسده ندوب عميقة، لم تختف أبدا آثار الحرب. وقد أصيب بجروح جراء عبوة ناسفة خلال المعارك الأخيرة في أغسطس/آب عام 2017، ورغم مرور خمسة أعوام، لازال كل يوم يشكل صراعا.
وما حدث مع أكرم أنه عندما عاد مع شقيقه إلى منزلهما في غرب الموصل لأخذ سياراتيهما، أصبحا بين آلاف من ضحايا العنف العشوائي لداعش. وبينما كان يفتح صندوق سيارته، تسبب أكرم عن غير قصد في انفجار عبوة تم التلاعب بها لإحداث أقصى قدر من الضرر.
وقال أكرم: "كنت أطير حرفيا... ثم رأيت أحشائي خارج جسدي. ولم أعلم أن شقيقي توفى في الانفجار". وبالرغم من أنه أجرى عمليات جراحية كبيرة، لا يمكنه استخدام ذراعه الأيمن، أو العمل لإعالة بناته الثلاثة، أو تحمل نفقة الإيجار.
ويعيش أكرم الآن مع والديه ولا يتلقى أي مساعدة من المنظمات غير الحكومية أو الحكومة. وقال: "إصاباتي تشبه رجل بعمر 80 عاما... لكني مجرد شاب. عمري 40 عاما. أريد ارتداء السراويل مثلكم. لكن لا أستطيع ذلك. خسرت شبابي كله."
وفي مكان آخر بين الأنقاض لايزال هناك لمحات عن الحياة اليومية: إبريق شاي، أحذية تزلج، وخف يظهر بين الغبار، بعد خمسة أعوام على التحرير. لكن استخدم داعش تلك الآثار للحياة الطبيعية لإخفاء العبوات الناسفة في شتى أنحاء المدينة.
وبحسب الحملة الدولية لمنع الألغام الأرضية، يمتلك العراق أكبر عدد من الألغام الأرضية في العالم. ويقال إن إجمالي 3225 كيلومترا من الأرض طالتها الألغام، مما يهدد حياة 8.5 مليون نسمة.
وفي 3 ديسمبر/كانون الأول، كانت الذكرى الـ25 لاتفاقية أوتاوا لحظر الألغام، التي أطلقتها الحملة الدولية لمنع الألغام. ومنذ الاتفاقية، وقعت 164 دولة على حظر استخدام الألغام المضادة للأفراد، وإنتاجها، وتخزينها، ونقلها.
وتحدث غاري تومبس، المتخصص في الحد من العنف المسلح العالمي بمؤسسة "Humanity and Inclusion"" الخيرية، وهي أحد الأعضاء المؤسسة بالحملة الدولية لمنع الألغام، عن أن مستوى التلوث في العراق "مهول".
لكن تواصل مؤسسات مثل "Humanity and Inclusion" عملها في ظل تراجع مستمر في التمويل لقطاع المنظمات غير الحكومية التنموي. وحذر تقرير عام 2022 الصادر عن مرصد الألغام الأرضية من أن القطاع تلقى العام الماضي أدنى مستوى من التمويل منذ عام 2016.