صدر تقرير عن مؤسسة "وود ماكينزي" عن قطاع المنبع العالمي في صناعة النفط والغاز "عمليات الاستكشاف والحفر والإنتاج" تحت عنوان "توقعات قطاع المنبع العالمي 2022".
وورد في التقرير أن قطاع المنبع العالمي يستعد للتعافي خلال عام 2022، حينما تبلغ الاستثمارات الإجمالية في الاستكشاف والإنتاج ما يتوقع أن يزيد على 400 مليار دولار لأول مرة منذ ثلاث سنوات.
ورغم التدفقات النقدية المرتفعة مع تسجيل برميل النفط لسعر يفوق 70 دولارا، فإن معدلات إعادة الاستثمار سوف تبقى عند مستواها القياسي المنخفض في عام 2022، مع استمرار الشركات في عمليات الانضباط في الإنفاق ومنحها اهتماما أكبر للمُناخ وضغوط حاملي الأسهم لتخفيض الانبعاثات الكربونية في عملياتهم.
وبعد عام من التعافي في 2021، عقب الانهيار والأزمة في 2020، فإن صناعة النفط والغاز تولّد تدفقات نقدية قياسية أو قريبة من القياسية.
وعلى أي حال، فإن التدفقات النقدية يتم تخصيصها من أجل الدفع أكثر لحاملي الأسهم، سواء في صورة إعادة شراء الأسهم أو زيادة مدفوعات أرباح الأسهم بدلا من زيادة الاستثمارات في أنشطة الحفر.
ومع أنه ليس من الجديد تماما بالنسبة لشركات النفط الكبرى استخدام التدفقات النقدية في إعادة شراء الأسهم وزيادة مدفوعات أرباح الأسهم، فقد شهد هذا العام توجه قطاع النفط الصخري الأمريكي هو الآخر نحو إعادة الإيرادات للمستثمرين وتخلَّى عن عمليات الحفر الدؤوبة واستثمار كل التدفقات النقدية "بل وحتى الاقتراض من أجل الاستثمار" في آبار جديدة.
وقد ركز منتجو النفط الصخري الأمريكي، وكذلك الشركات الدولية الكبرى والشركات الوطنية، على الاستمرار في الحرص فيما يتعلق بالإنفاق على عمليات المنبع، رغم أن أسعار النفط قد بقيت تسجل أكثر من 70 دولارا للبرميل خلال الأشهر الستة الماضية.
وطبقا لـ"وود ماكينزي"، فإن الانضباط الرأسمالي سوف يبقى سمة رئيسية في عمليات المنبع للنفط والغاز الطبيعي في عام 2022.
فمن المقدّر أن تزيد استثمارات المنبع بنحو 9% لتسجل ما يزيد على 400 مليار دولار في العام الجديد.
وهذه ستكون المرة الأولى التي يزيد فيها الإنفاق في عمليات المنبع عما يزيد على 400 مليار دولار منذ عام 2019.
وعلى الرغم من الاستثمارات التي سترتفع العام المقبل، فإن معدلات إعادة الاستثمار الإجمالية سوف تبقى قرب مستويات قياسية منخفضة.
وبين شركات النفط الكبرى لا يوجد من يتصف بالإسراف في الاستثمار هذه الأيام، على العكس من السنوات السابقة على انهيار الأسعار عام 2015، حينما كانت الشركات تنفق كما لو أن سعر برميل النفط سيبقى عند 100 دولار للأبد.
ومن المؤكد أن الإنفاق الرأسمالي سوف يكون أعلى في عام 2022 في كل الشركات الخمس الكبرى "إكسون موبيل، وشيفرون، وشل، وبريتش بتروليوم، وتوتال" مقارنة بعامي 2021 و2020، ولكنه لن يكون بأي حال قريبا من معدلات الإنفاق الرأسمالي في عام 2014.
إذ ما يزال الانضباط الرأسمالي هو الكلمة الرئيسية في الإعلانات عن الإيرادات، حيث تحتل التوزيعات الأعلى للمساهمين وإعادة شراء الأسهم الأسبقية حينما نأتي إلى قضية كيفية تخصيص التدفقات النقدية القياسية.
وقد رفعت الشركات العالمية الخمس الكبرى أيضا الإنفاق الرأسمالي على الطاقة منخفضة الكربون، بما في ذلك الشركات الأمريكية الكبرى التي كانت تختلف عن منافسيها الأوروبيين في الاستراتيجية بعدم الاستعداد للاستثمار في أي توليد للكهرباء عن طريق الرياح أو الطاقة الشمسية.
وعلى العكس من ذلك، فإن إكسون وشيفرون تخططان الآن للتركيز على الطاقة المتجددة وتخزين الكربون، وذلك من أجل خفض الانبعاثات الكربونية وتطوير شراكة إقليمية في مجال منصات احتجاز الكربون في المناطق الصناعية.
وكانت شركة "هاليبرتون"، وهي إحدى كبريات الشركات التي تقدم خدمات الحقول، قد حذرت في بدايات شهر ديسمبر 2021 من أن الافتقار إلى الاستثمارات في صناعة النفط يقود العالم تجاه حالة من الندرة، كما جاء في تقرير لوكالة "بلومبيرج".
وقالت "هاليبرتون" إن ندرة النفط العالمي تلوح في الأفق، بعد سبع سنوات من النقص في الاستثمارات منذ انخفاض أسعار النفط من ذروة 100 دولار للبرميل في عام 2014.
وحذر الرئيس التنفيذي لـ"هاليبرتون" من أنه "لأول مرة منذ وقت طويل سنرى المشتري يبحث عن برميل النفط بدلا من أن يبحث برميل النفط عن مشترٍ".
وأضاف الرئيس التنفيذي لـ"هاليبرتون": "شاهدت مستكشفي الخام يخفضون إنفاقهم بما يقرب من النصف، مقارنة بالمستويات المعتادة تاريخيا. وفي الوقت نفسه اغتنم منتجو النفط الفرصة لإعادة أرباح الحقول إلى مساهميهم بدلا من إعادة استثمارها في الحفر".
ووفقا لرئيس "هاليببرتون" فإن هذا الإجراء الأخير سوف يتسبب حتما في تقييد سوق النفط في المستقبل.
والأمر في الواقع أكثر من مجرد أن نقص الاستثمارات هو الذي سيخلق ندرة النفط، فشركات النفط سوف تواجه أزمة في القوة العاملة أيضا، حيث تبدو شركات صناعة الطاقة المتجددة أكثر جاذبية.
ووفقا لاستطلاع أخير تبيَّن أن أكثر من نصف العاملين في صناعة النفط يبحثون من أجل الانتقال إلى صناعة الطاقة المتجددة، ونحو 43% من العاملين في صناعة النفط والغاز لديهم رغبة في ترك الصناعة خلال الخمس سنوات المقبلة.
وكان أثر انخفاض الإنفاق الرأسمالي على عمليات المنبع أكثر من واضح خلال عام 2021، حيث سجلت استكشافات النفط والغاز أقل مستوى لها في 75 عاما.
ففي تاريخ 30 نوفمبر الماضي كانت الكميات الإجمالية المستكشفة هذا العام تبلغ 4.7 مليار برميل مكافئ نفطي، ومع عدم وجود استكشافات ضخمة في ديسمبر فالصناعة تسجل أسوأ استكشافات منذ عام 1946.
وهذا أيضا يمثل انخفاضا كبيرا عن 12.5 مليار برميل مكافئ نفطي المستكشفة خلال عام 2020.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة