دير البلح.. قصة مدينة تحرسها «التوابيت» في غزة

لطالما شكّلت دير البلح نقطة التقاء للتاريخ والسياسة والدين. واليوم، تقف المدينة التي كانت ملاذا للفارين من الموت، على مفترق جديد.
ويوم أمس، دخلت الدبابات الإسرائيلية المنطقتين الجنوبية والشرقية من دير البلح، التي تعتبر المركز الرئيسي للجهود الإنسانية في القطاع الفلسطيني المدمر، وسط تحذيرات من اتساع دائرة المجاعة.
ودير البلح هي المدينة التي تجنب الجيش حتى يوم أمس، القيام بعمليات برية فيها، منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول ٢٠٢٣.
عاصمة المحافظة الوسطى
تُعرف دير البلح بأنها عاصمة المحافظة الوسطى منذ عام 1994، وتتميز بموقعها الجغرافي الاستراتيجي.
إذ تقع وسط قطاع غزة، ويحدها البحر الأبيض المتوسط غربا، وخان يونس (التي تبعد عنها تبعد عنها 10 كيلومترات) جنوبا، ومدينة غزة شمالا (16 كلم).
وإلى جانب مدينة دير البلح ومخيمها الذي يحمل الاسم نفسه، تضم المحافظة الوسطى مخيمات:
النصيرات
البريج
المغازي
بالإضافة إلى بلدات الزوايدة ووادي السلقا والمصدّر
وتُشكل هذه المخيمات مساحة كبيرة من غزة، ربما تمثل 10% من إجمالي مساحة القطاع. وقد تم تشييدها بعد عام 1948 لإيواء الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم من قراهم وبلداتهم.
ويقع كل من النصيرات والبريج على حدود منطقة ممر نتساريم الذي تتواجد فيها القوات الإسرائيلية حاليا.
أما دير البلح فتقع على الطريق الساحلي المؤدي إلى منطقة المواصي، ما يجعلها نقطة استراتيجية على طريقين رئيسيين يمتدان عبر القطاع.
ويبلغ عدد سكان المدينة وضواحيها، حسب وكالة وفا، 205,535.
أصل التسمية
بحسب ما طالعته "العين الإخبارية" في وكالة وفا، عُرفت المدنية سابقا باسم "الداروم" أو "الدارون" وهما في الكنعانية والآرامية يعنيان الجنوب. وظلت تحت هذا الاسم في سجلات الدولة العثمانية قبل أن تأخذ اسمها الحالي.
ودير البلح الداروم فتحها المسلمون سنة 13 هجرية على يد عمرو بن العاص، حيث أقام القديس هيلاريون (278-372م) أول دير في فلسطين، فسميت باسم دير البلح نسبة لهذا الدير والنخيل المنتشر حوله.
كان يمر بها قبل سنة 1948م خط السكك الحديدية القديم الذي يصل بين مدينتي حيفا وفح، ويصل إلى القاهرة عبر صحراء سيناء.
وبعد عام 1948 كان يمر بها خط السكك الحديدية الذي يصل مدينة غزة بالقاهرة عبر صحراء سيناء.
السكان والنشاط الاقتصادي
يعمل الكثير من سكان محافظة دير البلح في الزراعة وتشتهر بالنخيل، والحمضيات، والخضراوات، والزيتون، والتين.
ومن أهم الصناعات الموجودة فيها:
الصناعات الغذائية.
الصناعات الحرفية.
والكثير من سكان المحافظة هم أيدي عاملة.
معالم أثرية وشاهد على الحضارات
تضم المدينة مواقع تاريخية وأثرية غنية، منها:
- مقبرة دير البلح التي تعود إلى الفترة ما بين القرن 14 والقرن 12 قبل الميلاد، وتحتوي على توابيت مصنوعة على هيئة بشر.
عُثر على تلك التوابيت في قبور محفورة من حجر الكركار أو الطين الأحمر، واكتُشف معها كميات كبيرة من الأواني المصنوعة من الالباستر، ومنها من الفخار الكنعاني والمايسيني والقبرصي والمصري، ويبدو أنها كانت تستخدم قرابين للدفن. وفق ما جاء في وكالة وفا الفلسطينية الرسمية.
- تل الرقيش الفينيقي.
- مسجد الخضر المبني فوق دير بيزنطي.
- مقام الصحابي أبو عبيدة بن الجراح في وادي السلقا.
- وقلعة دير البلح التي أنشأها عموري ملك القدس الصليبي ( 1162-1173م ).
مركز نزوح يتحول إلى ساحة مواجهة
منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تدفقت عشرات الآلاف من العائلات الفلسطينية إلى دير البلح هربا من القصف، وبحثا عن "الملاذ الأخير"، ما جعل المدينة من أكثر المناطق اكتظاظا بالنازحين.
لكن مع بدء التوغل الإسرائيلي، تحولت المدينة إلى ساحة مواجهة مفتوحة، خاصة على أطرافها الشرقية القريبة من الحدود.