تفويض صلاحيات الرئيس التونسي.. جدل سياسي وقانوني
تفويض الرئيس التونسي لصلاحياته لا تعتبر مسألة مستجدة في تونس، فقد كان الحبيب بورقيبة غالبا ما يلجأ إليها.
طرح تعرض الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، لأزمة صحية حرجة، العديد من التكهنات والتوقعات، حول مستقبل منصب الرئيس وصلاحياته.
خبراء يرجحون أن يكون السبسي هو من يرفض تفويض صلاحياته بمقتضى القانون لرئيس الحكومة التونسية، أو أن هناك في محيطه من يرفض، أو أنه بالفعل في وضع صحي أفضل وقد استأنف مهامه، كما ألمحت إلى ذلك الرئاسة.
ومهما يكن من أمر، فإن تفويض الرئيس لصلاحياته لا يعتبر مسألة مستجدة في تونس، بما أن الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة، كان غالبا ما يلجأ إلى مثل هذه الآلية التي كان يقرها حينها بمجرد إصدار أمر رئاسي.
بورقيبة وتفويض الصلاحيات
أستاذ القانون الدستوري التونسي، قيس سعيد، اعتبر أن الموضوع تفجر في خضم موجة الإعلان عن الوعكة الصحية الحادة التي تعرض لها السبسي، وما تلاها من شائعات وفاته أو عجزه عن أداء مهامه، وسط نفي قاطع من الرئاسة.
وفي حديث لـ"العين الإخبارية"، تطرق الخبير التونسي إلى وضعية مقارنة بين الرئيس التونسي الأسبق (الحبيب بورقيبة حكم من 1957 إلى 1987) والحالي السبسي، مشيرا إلى أن الأول "فوض كامل سلطاته، بمقتضى الأمر عدد 407 لعام 1969، لرئيس الوزراء، وغادر تونس للعلاج في الخارج، ولم يعد إليها إلا بعد أشهر وتحديدا في يونيو (حزيران) 1970".
وأضاف سعيد: "من المفارقات التي لا يذكرها كثيرون في تلك الفترة، أن مجلس الأمة آنذاك كان مجتمعا وينظر في مشروع لتنقيح الفصل 51 من دستور يونيو 1959، لإدراج اسم رئيس الوزراء فيه لأنه لم يكن مدرجا من قبل عام 1969".
وتابع أن بورقيبة دأب، في العديد من المناسبات، إثر ذلك، على تفويض صلاحياته لرئيس الوزراء التونسي حين كان يغادر البلاد لمدة طويلة.
السبسي.. ضبابية تغذي الشائعات
أما بخصوص الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، تساءل أستاذ القانون الدستوري، "من قال إن الرئيس يريد التفويض؟، ومن قال إنه كان في حالة تحول دون تفويضه لسلطاته؟"
واستنادا إلى بيانات الرئاسة التونسية التي أعلنت بداية مرض السبسي ثم "استقرار" حالته، ثم "تحسنها"، لفت الخبير الدستوري إلى أنه "لا يعرف إن كان السبسي في حالة تحول دون تفويضه لسلطاته، أو أنه في حالة كان يمكن أن يفوض لكنه لم يرد ذلك، أو أن الأمر لم يطرح أصلا"، بمعنى أن الرئيس لم يفقد قدرته على أداء مهامه رغم المرض.
وكان نجل السبسي قال أمس السبت، إن والده الذي تعرّض الخميس الماضي لوعكة صحية حادة "لم يعد بخطر" ويمكن أن يغادر المستشفى الإثنين أو الثلاثاء.
وقال حافظ السبسي، رئيس اللجنة المركزية في حزب "نداء تونس" الذي أسسه والده، إن "الرئيس بات أفضل حالا، لم يعد بخطر ونأمل في أن يغادر المستشفى الإثنين أو الثلاثاء".
يأتي ذلك بعد يومين من إعلان الرئاسة التونسية أن الرئيس السبسي (92 عاماً) تعرّض لـ"وعكة صحية حادة" استوجبت نقله إلى المستشفى العسكري بتونس، حيث زاره الجمعة رئيس الوزراء يوسف الشاهد لمناقشة "الوضع العام في البلاد" و"حالته الصحية".