مرض السبسي يثير مخاوف التونسيين من صعود الإخوان
نجل الرئيس التونسي يؤكد أن والده الذي تعرّض لوعكة صحية "لم يعد بخطر" وسيغادر المستشفى الإثنين أو الثلاثاء.
الأزمة الصحية التي ألمت بالرئيس التونسي الباجي قايد السبسي آثارت قلقا لدى التونسيين من صعود تنظيم الإخوان الإرهابي حال شغور منصب الرئاسة، وحول أحقية من يتولى خلافته.
- السبسي.. حامي الإصلاح والانفتاح من الاستعمار للإخوان
- أسبوع عصيب بتونس.. الإرهاب يضرب وسط العاصمة ويختتم بمرض السبسي
العجز عن أداء المهام أو الوفاة.. طرحان يشغلان الرأي العام التونسي ويتم تدوالهما منذ إعلان الرئاسة، الخميس، تعرض السبسي لوعكة صحية، خاصة أن شغور منصب الرئيس يفتح الطريق أمام رئيس الحكومة يوسف الشاهد المتحالف مع حركة النهضة الإخوانية ليحل محل الرئيس، ويحصل على صلاحيات واسعة.
والسبت، أكد نجل الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، السبت، أن والده الذي تعرّض الخميس الماضي لوعكة صحية حادة "لم يعد بخطر" ويمكن أن يغادر المستشفى الإثنين أو الثلاثاء.
وقال حافظ السبسي، رئيس اللجنة المركزية في حزب "نداء تونس" الذي أسسه والده، إن "الرئيس بات أفضل حالا، لم يعد بخطر ونأمل في أن يغادر المستشفى الإثنين أو الثلاثاء
المحللون التقطوا الرسالة، وهي أن الرئيس قادر على ممارسة مهامه، وما من داع لتفويضها أو الحديث عن شغور في منصبه.
مقتضيات الدستور
وقال أستاذ القانون الدستوري التونسي قيس سعيد إنه "نحن لا نعرف حتى الآن إن كان السبسي في حالة تحول دون تفويضه لسلطاته أو في حالة كان يمكن أن يفوض لكنه لم يرد التفويض، أي ربما هو من يرفض التفويض".
وأضاف سعيد، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن حالة الشغور نظمها الدستور، وفرق بين جملة من الحالات، أولها التعذر المؤقت عن أداء المهام، أي أن الرئيس يكون قادرا على تفويض سلطاته إلى رئيس الحكومة، ولا يمكن أن يكون التفويض إلا لمدة محددة لا تتجاوز 30 يوما، وتكون قابلة للتجديد مرة واحدة (60 يوما إجمالا).
أما الحالة الثانية فتتعلق بالشغور المؤقت، ويكون فيها الرئيس غير قادر على إمضاء أمر التفويض، لأن الفصل 84 من الدستور أشار إلى أن المحكمة الدستورية التي لم يتم تشكيلها بعد تجتمع فورا وتتولى إقرار الشغور المؤقت، وفي هذه الحالة يحل رئيس الحكومة محل رئيس الجمهورية، ولا يجب أن تتجاوز مدة الشغور المؤقت 60 يوما.
الحالة الثالثة تتعلق بتجاوز المدة المذكورة، أو بتقديم الرئيس استقالته أو وفاته أو العجز التام، أو لأي سبب آخر من أسباب الشغور الدائم، وهنا المحكمة الدستورية مدعوة أيضا للاجتماع فورا، وتتولى إقرار الشغور النهائي، وتقوم بإبلاغ رئيس مجلس الشعب بذلك، والأخير يتولى فورا مهام الرئيس مؤقتا لأجل أدناه 45 يوما وأقصاه 90 يوما.
سعيد أكد أنه قبل الحديث عن الشغور وآثاره لا بد من الارتقاء بالخطاب السياسي إلى مستوى أعلى، فهناك الجانب الإنساني المتعلق بحالة صحية لشخص طريح الفراش.
وأعرب سعيد عن أمانيه بأن يعود السبسي إلى سالف نشاطه معافى، مستنكرا التداخل الحاصل في هذه المسألة بين السياسة المريضة والدستور، حتى أن حسابات السياسيين امتزجت بتوقعات تنطلق من النص الدستوري استعدادا للانتخابات المقبلة.
تكهنات وتوقعات وسيناريوهات مختلفة طرحت بقوة في اليومين الماضيين، حتى أن بعض الأطراف السياسية اقترحت تدخل البرلمان من أجل حسم المسألة في ظل غياب المحكمة الدستورية.
غير أنه حتى هذا المقترح قد يفتح جحيم الصراعات من جديد، لأنه من المستحيل التوافق بين الكتل المتنافرة حول موقف موحد، ما قد يزيد من منسوب التوتر الراهن.
مخاوف من تغول الإخوان
سعيد قال إن البرلمان غير مخول بالبت في ذلك بحكم الدستور، مع أن هناك أيضا من يقترح الهيئة المؤقتة المكلفة بمراقبة دستورية مشاريع القوانين، وهي أيضا غير مخولة بذلك.
وشدد على أن "المهم في هذه الحالة هو استمرارية الدولة، فالقضية تتعلق هنا بحل قانوني، وطبعا هذا القانون لن يكون كاملا في ظل غياب المحكمة الدستورية، وسيكون قابلا للنقاش وسيكون أيضا محفوفا بالمخاطر".
وأوضح أن "السياسة ستكون المقياس الأساسي عند السياسيين في تقدير الأوضاع، وقد تصاب بمرض يحول دون تغليب مصلحة الدولة على مصالحهم الذاتية".
وفق سعيد، فإن "النعرات الحزبية خاصة في المرحلة الانتقالية قد تطغى، ثم إن رئيس الحكومة سيجمع كافة الاختصاصات التنفيذية، أي أنه سيتحول إلى الثقل المركزي بالدولة، بمعنى أنه سيجمع كل الثقل بالدولة، أي سيجمع صلاحياته وصلاحيات الرئيس".
وحذر من أن حصول رئيس الحكومة يوسف الشاهد المتحالف مع حركة النهضة الإخوانية على صلاحيات الرئيس سيطلق يده في جميع المهام، باستثناء المبادرة بتعديل الدستور أو اللجوء الى الاستفتاء أو حل البرلمان.
وأعرب الخبير عن مخاوفه من إمكانية تغليب الحسابات السياسية على المصلحة الوطنية.
مخاوف يجزم متابعون للشأن التونسي بأنها تظل مشروعة في بلد يحكمه رئيس يتأهب لبلوغ عامه الـ93، مع ما يعنيه من فرضيات المرض والعجز وحتى الوفاة، في صورة يشبهها البعض بالقنبلة الموقوتة التي يخشى أن تنفجر قبيل موعد الانتخابات الرئاسية المقررة نهاية 2019.
aXA6IDE4LjIyNC41NS42MyA= جزيرة ام اند امز