فوز أردوغان وتقدمه في الدور الأول لا يمكن إلا أن يعكس إخفاقاً غير مشروع في المنظومة الانتخابية.
النجاح في الانتخابات أو تقدم مرشح على منافسيه لم يعد المقياس الحقيقي للعدالة والديموقراطية.
ولم يعد تحقيق الديموقراطية بالمفهوم المعاصر، واتباع المنهج الذي تم التوصل إليه في عصرنا يعتبر بالأساس تحقيقاً لمصلحة الشعب المعني بالانتخاب أو الاستفتاء، وكذلك الأمر بالنسبة لبقية الشعوب التي تربطها مصالح بدولته.
فوز أردوغان وتقدمه في الدور الأول لا يمكن إلا أن يعكس إخفاقاً غير مشروع في المنظومة الانتخابية، هذا الإخفاق ستعاني منه شعوب دول المنطقة وخاصة شبابها الذين يعمل أردوغان بكل قوته ويوظف كل طاقاته لترسيخ الفكر الإخونجي فيهم.
الانتخابات الرئاسية التركية الأخيرة، وفوز رجب طيب أردوغان بأكثر من ٥٠٪ خير مثال على فشل المنظومة الانتخابية التي توصل إليها البشر وضرورة مراجعتها.
وٍقد نحتاج إلى الذهاب أكثر من ذلك بإعادة التفكير ومراجعة القيم الأساسية التي بنيت عليها أسس "الديموقراطية".
والعديد من الأمثلة في دول كثيرة لا ولم تعبر عن ما يريده ويحتاجه الشعب حقيقة.
الحالة التركية قد تكون خير مثال على تضارب الديموقراطية مع حاجات الشعب وحقوقه، وعلى وجه الخصوص تحقيق الحرية والعدالة.
استمرار أردوغان في حكم تركيا عن "استحقاق" انتخابي يعد انتكاسة للديموقراطية الحديثة على المستوى الداخلي للبلاد وإقليمياً ودولياً.
كيف لديكتاتور استحوذ على كل السلطات التنفيذية في بلاده بعد استفتاء شعبي نظمه العام الماضي ليمهد لسلطات مطلقة لما بعد فوزه أن يستمر في الحكم؟
وهو الذي سجن أكثر من ٦٠ ألف إعلامي وسياسي فقط لأنهم أبدوا آراءهم التي تخالف سياسته في السنتين الأخيرتين.
رئيس لا طموح له سوى تعظيم ذاته والتفرد بالسلطات، إلى درجة جعلته يلغي منصب رئيس الوزراء، ويحوله لمسؤول عن الوزراء وكبار المسؤولين!، ونسف كل منصب قد يخلق قائداً محتملاً ، قد يتعلق به الشعب.
الإحساس بالعظمة الذي يغذي الديكتاتور في داخل أردوغان ،إضافة إلى فوزه في الانتخابات الأخيرة سيجعله أكثر عجرفة وقمعاً لشعبه؛ وسيعمل على ترسيخ أيديولوجياته الإخونجية التي حاول في سنوات حكمه الأولى أن يغلفها ويخفيها لكنه الآن ومع استحواذه على كل السلطات، بالإضافة إلى الصلاحيات التي منحها لنفسه رغم المعارضين، وتجاوزه لسلطات البرلمان وترهيبه للإعلاميين والمعارضين ستحوله إلى وحش مكشوف الأنياب والمخالب ليلتهم كل من يحاول الوقوف أمامه.
وخطر هذا الرجل ليس على تركيا فحسب، بل على منطقة الشرق الأوسط بأكملها، بداية بمواصلة عمله من محاربة لأعدائه المعلنين، وهم في الحقيقة أقليات طالبت فقط بحقوقها مثل الأكراد، في تركيا وحتى في كردستان وسوريا.
كذلك تعاونه المعلن مع طهران، هذا التعاون الذي ساهم في تدمير سوريا والعراق دولاً، وتشتيت شعوبها ولم يتوقف عن هذا التعاون.
عمله أيضاً يداً بيد مع نظام الحمدين في قطر؛ والذي تواصل لسنوات بدعم الإرهابيين، وفتح الأبواب الحدودية لبلاده رغم معارضة شريحة كبيرة من شعبه، لتكون معبراً للمقاتلين الأجانب المرتزقة الوافدين من كل دول العالم للتوجه لساحات القتال.
ولم يفتح أردوغان حدوده للمقاتلين فحسب، بل فتحها للتمويل والتموين والأسلحة، وتهريب الثروات من غاز وآثار.
فوز أردوغان وتقدمه في الدور الأول لا يمكن إلا أن يعكس إخفاقاً غير مشروع في المنظومة الانتخابية، هذا الإخفاق ستعاني منه شعوب دول المنطقة وخاصة شبابها الذين يعمل أردوغان بكل قوته ويوظف كل طاقاته لترسيخ الفكر الإخونجي فيهم.
وعبر دعمه ل"رجال الدين" الذين يتاجرون بالفتاوى عبر القنوات الإعلامية بمختلف أنواعها التي تدعمه فيها قطر وإيران، والذين يبثون عبرها أفكارهم الرجعية من مختلف دول العالم فقط من أجل البقاء في الحكم وبسط النفوذ.
وصل أردوغان لسدة الحكم باحتشام عبر باب وشعار حزبه "العدالة والتنمية"، وتضخم على عرشه فاختفت العدالة، واهتزت التنمية عبر ما نراه من اهتزازات ورجات شهدتها الليرة التركية بسبب تدخلات "الزعيم" الملم بكل الأمور في الشؤون الخاصة بالبنك المركزي التركي، وهذا الأمر آيضاً أغضب الخبراء الماليين في بلاده.
كما أن لغته الاقتصادية مع شركائه في الغرب وخاصة المستثمرين البريطانيين، جعلتهم يعلنون عن توخيهم الحذر في التعامل مستقبلاً مع تركيا تحت حكم أردوغان.
"الإمبراطور" الحالم بتدمير كل الدول التي كانت تحت عباءة أجداده العثمانيين، وبث الفتنة فيها إذا لم ترضخ لأديولوجياته. الخطر حقيقي على الحريات والأمن والاستقرار..
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة