إريك آدامز.. ديمقراطي سابق على خطى ترامب نحو «الدولة العميقة»

جدل واسع في الأوساط السياسية الأمريكية أثاره عمدة نيويورك، إريك آدامز، بعدما أعلن تبنّيه لما يُعرف بـ«نظرية الدولة العميقة»، في موقف يعكس تلاقيًا مفاجئًا بينه وبين الرئيس دونالد ترامب، الذي لطالما روّج لهذه الرواية منذ توليه السلطة.
وفي تصريحات أدلى بها خلال بودكاست «فلاغرانت»، أشار آدامز إلى وجود «شبكة بيروقراطية غير منتخبة تتحكّم في مراكز القرار بواشنطن»، مستشهدًا بكتاب صادر عام 2023 للضابط السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي، كاش باتيل، الذي وصف فيه هذه البنية بأنها «حكومة ظل» تعمل بمعزل عن الاستحقاقات الديمقراطية وتُعيد صياغة السياسات تبعًا لمصالحها الخاصة.
وجاء هذا الموقف في خضم أزمة سياسية وقضائية يمر بها آدامز، دفعت به إلى إعلان ترشحه لولاية ثانية كمرشح مستقل، متخليًا عن راية الحزب الديمقراطي التي أوصلته إلى منصبه عام 2022، في خطوة فسّرها مراقبون على أنها احتجاج على ما وصفه بـ«تسييس القضاء».
قضية الرشاوى التركية.. تفاصيل الاتهامات والجدل القضائي
تعود فصول القضية إلى سبتمبر/أيلول 2023، حين وجّه مكتب المدعي العام الفيدرالي في مانهاتن اتهامات لآدامز بتلقّي رشى من مسؤولين أتراك، تمثّلت في رحلات جوية وإقامات فاخرة، مقابل تسهيل فتح برج سكني مملوك للحكومة التركية في نيويورك، رغم إخفاقه في اختبارات السلامة.
لكن في فبراير/شباط 2024، أعلنت وزارة العدل إسقاط التهم بداعي «عدم كفاية الأدلة»، ما أثار استياءً واسعًا داخل الجهاز القضائي ذاته، وأدى إلى استقالة أربعة من كبار المحققين، بينهم المدعية بالإنابة دانيل ساسون، التي وصفت القرار بأنه «صفعة لاستقلال القضاء».
نظرية المؤامرة والصراع مع «الكيان المستقل»
لم يكتفِ آدامز بإعلان براءته، بل وجّه انتقادات مباشرة إلى مكتب الادعاء الفيدرالي، معتبرًا أنه يمثل «كيانًا مستقلاً يفتقر إلى الرقابة»، وأضاف: «هؤلاء يرون أنفسهم فوق الرئيس والكونغرس... وهذا تحديدًا ما يُقصد بـالدولة العميقة».
تزامن هذا التصعيد مع ما تردد عن تقارب بين آدامز وسياسات دونالد ترامب في ملف الهجرة، لا سيما دعمه لعمليات ترحيل المهاجرين غير الشرعيين. وقد صرّح توم هو مان، المسؤول السابق عن شؤون الحدود في إدارة ترامب، بأن «آدامز وافق على التنسيق معنا»، ما فتح باب التأويلات بشأن وجود «صفقة» خلف الكواليس.
لكن ترامب نفى أي تورّط مباشر، قائلًا: «القضية سياسية بالكامل، لكنني لم أتدخل». فيما علّق آدامز ساخرًا: «من يعتقد بوجود صفقة يعاني من متلازمة جنون ترامب!».
«الدولة العميقة».. من نظرية هامشية إلى خطاب رئيسي
تحولت نظرية «الدولة العميقة» من مفهوم هامشي تروج له جماعات المؤامرة إلى خطاب تبناه قادة سياسيون، بدءًا من ترامب ووصولًا إلى آدامز، مما يعكس استقطابًا متصاعدًا في المشهد الأمريكي.
ويرى الخبير السياسي مايكل ستيل أن «هذا الخطاب يغذي الشكوك في المؤسسات، ويُضعف الثقة بالديمقراطية». بينما يحذر محللون من أن استخدام النخب لهذه المصطلحات قد «يُعطي شرعية للخطاب المضاد للحقيقة».