الأزمة المنسية في الكونغو الديمقراطية.. جرح ينزف منذ ثلاثة عقود
عقود من القتال والأزمة الإنسانية في الكونغو الديمقراطية كانت سببا في تدخل دول الجوار والمرتزقة والمليشيات.
وأودى الصراع الدائر في شرق الكونغو الديمقراطية منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، في اندلاع أزمة إنسانية واسعة النطاق أودت حسب بعض التقديرات بحياة أكثر من ستة ملايين شخص، ويتجه حاليا إلى مرحلة جديدة متقلبة.
ووفقا لصحيفة "نيويورك تايمز"، تتنازع أكثر من 100 جماعة مسلحة والعديد من الجيوش الوطنية السيادة على منطقة من البحيرات والجبال والغابات المطيرة تتجاوز قليلاً مساحة ولاية فلوريدا الأمريكية.
إلى جانب أطماع القوى الأجنبية الغازية في احتياطيات المنطقة الهائلة من الذهب والنفط والكولتان، وهو معدن يستخدم في صناعة الهواتف المحمولة والسيارات الكهربائية، يتفشى الفساد وتنتشر المجازر وعمليات الاغتصاب في المنطقة.
نتيجة لذلك تواجه جماعات الإغاثة صعوبة في لفت الانتباه إلى المعاناة في بلد يبلغ عدد سكانه حوالي 100 مليون نسمة، حتى عندما تكون أعداد المتضررين أكبر بكثير من أعداد الأزمات الأخرى.
أبرز القوى المتصارعة في المنطقة:
تعد حركة إم 23 (23 مارس/ آذار) أكثر الجماعات المتمردة تنظيماً وتحظى بدعم واسع من رواندا، الجارة الشرقية للكونغو. وتمكنت في أكتوبر/تشرين الأول، من السيطرة على الطرق الرئيسية المؤدية إلى جوما، العاصمة الإقليمية، فضلاً عن قمم التلال المطلة على ساكي، التي تبعد 10 أميال إلى الغرب.
على الجانب الآخر يوجد جيش الكونغو، الذي تشتهر قواته بعدم الانضباط – رغم احتدام القتال بالقرب من ساكي الأسبوع الماضي، كان الجنود المخمورون يتجولون في شوارعه. لكن قوة الجيش شهدت تعزيزا عبر حليفين جديدين.
الأول هو وازاليندو، وهي كلمة سواحيلية تعني الوطنيين، وهي عبارة عن تحالف من الميليشيات التي كانت متنافسة ذات يوم والتي قامت الحكومة بتجميعها لصد حركة 23 مارس/ آذار، على الرغم مما يعرف عن مقاتليها بالانقسام والوحشية.
والثاني قوة تتألف من حوالي 1000 من المرتزقة الرومانيين، العديد منهم كانوا مقاتلين مع الفيلق الأجنبي الفرنسي، المنتشرين حول غوما وساكي.
وفي حال حاولت حركة 23 مارس/ آذار الاستيلاء على المدينة – كما فعلت لفترة وجيزة مرة واحدة في عام 2012 – فسيتم تكليف الرومانيين بالدفاع عنها. وقال روموالد، وهو ضابط فرنسي متقاعد يعمل مستشارا للجيش الكونغولي: «إنهم خط الدفاع الأخير».
الخطر المحدق بالمدنيين:
وفي منطقة يتفوق فيها السلاح على القانون، تكون النساء عرضة للخطر. ومن المخيمات المحيطة بمدينة غوما، تتجه الكثيرات إلى متنزه فيرونجا الوطني القريب، المشهور بحيوانات الغوريلا الجبلية، بحثًا عن الحطب. لكن ما يجدونه غالبًا هم مسلحون.
وذكرت منظمة أطباء بلا حدود إن الوكالة قدمت العلاج في أكتوبر/تشرين الأول لـ70 ضحية اعتداء جنسي في المتوسط يومياً في عياداتها في غوما. وفي منطقة شمال كيفو الأوسع، قدمت العلاج لما لا يقل عن 18000 حالة هذا العام.
بدأت معاناة الكونغو الديمقراطية مع الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994. وبعد المذبحة التي أودت بحياة 800 ألف شخص، عبر طوفان من اللاجئين إلى الكونغو، مما أدى إلى الاضطرابات التي أطاحت في نهاية المطاف بزعيمها الفاسد موبوتو سيسي سيكو، وأدت إلى حرب أهلية مدمرة.
وبعد مرور ثلاثة عقود، لا يزال شبح الإبادة الجماعية قائما في الكونغو. وفي تبريره لتدخلاته عبر الحدود، يقول الرئيس الرواندي بول كاغامي إنه لا يزال يطارد القتلة من عرقية الهوتو، الذين يختبئون في الكونغو، والذين نفذوا عمليات القتل عام 1994.
لكن المصالح الاقتصادية والاستراتيجية مهمة أيضا. ولطالما اعتبرت رواندا شرق الكونغو بمثابة الفناء الخلفي الاستراتيجي لها – تبعد العاصمة الرواندية كيجالي 60 ميلا فقط من جوما – ومصدرا للدخل.