المغرب: هدم قصر الضيافة بوسكورة بعد كشف مخالفات عمرانية جسيمة
باشرت السلطات المحلية في إقليم النواصر، يوم الأربعاء 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، هدم المبنى المعروف باسم «قصر الضيافة» في بوسكورة بعد مخالفات تعميرية وشبهات في الترخيص.
أقدمت السلطات المحلية في إقليم النواصر بالمغرب، يوم الأربعاء 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، على تنفيذ قرار هدم مبنى ضخم وفخم في بوسكورة يُعرف بين السكان باسم «قصر الضيافة». وقد شُيّد هذا المبنى في منطقة فلاحية غير مخصصة للبناء، وجرى تقديمه من قِبل مالكه على أنه مركب فندقي يضم قاعات للحفلات ودارًا للضيافة، إلا أنه بات محور قضية معقدة تتعلق بمخالفات تعميرية وتراخيص مشكوك في قانونيتها وشبهات محسوبية.
وسكان المنطقة يطلقون عليه اسم «الكرملين» بسبب فخامته اللافتة وهندسته المهيبة التي تتناقض تمامًا مع الطابع الريفي المحيط به. ومع مرور السنوات، أصبح المبنى رمزًا للبذخ المفرط بفضل حجمه الكبير وطرازه الغريب الذي جعله يبرز بوضوح في منطقة المكانسة على مشارف مدينة الدار البيضاء، مقابل نادي «أرينا فيل فيرت» (Club Arena Ville Verte).
مشروع فخم باستثمار ضخم

صاحب المبنى، وهو أحد أفراد عائلة الحريري المعروفة في المنطقة بنشاطها في تربية الماشية، صرّح بأن المشروع استدعى استثمارًا قدره 160 مليون درهم. وأوضح في حديث لوسائل الإعلام أن الأشغال بدأت قبل ست سنوات، وأن المشروع كان يهدف إلى إنشاء فندق ودار ضيافة وإسطبلات للخيول، وكان من المتوقع أن يوفر نحو 200 فرصة عمل مباشرة.
وأكد المالك أنه حصل على ترخيص من الرئيس السابق لجماعة بوسكورة، بوشعيب طه، غير أن الوالي السابق عبد الله شاطر، الذي يشغل حاليًا منصب عامل إقليم طانطان، أوقف هذا الترخيص لاحقًا. واعترف المالك بوجود مخالفات، أبرزها تجاوز الارتفاع المحدد للمبنى، مشيرًا إلى أنه تقدم بطلب رخصة استثنائية لم يتلقَّ بشأنها أي رد رسمي.
رواية السلطات المحلية
وفي المقابل، كشف مصدر من إقليم النواصر في اتصال هاتفي مع موقع Le360 أن الترخيص الأولي كان يخص إنشاء دار ضيافة قروية ومرافق للفروسية فقط، لكن المشروع تغيّر جذريًا عن غايته الأصلية ليتحول إلى قاعات حفلات ضخمة دون الحصول على تراخيص إضافية.
وأوضح المصدر نفسه أن السلطات قررت سحب الترخيص عام 2022، مع منح مهلة مدتها ثلاث سنوات لتسوية الوضع القانوني وتنفيذ الهدم الطوعي، إلا أن المالك تجاهل القرار واستمرت الأشغال في الموقع رغم سحب الترخيص الرسمي.
وأضاف أن هذا البناء يشكل مخالفة صريحة لمخطط التهيئة العمرانية وللقوانين الجاري العمل بها، إذ إن المنطقة المصنفة فلاحية لا يُسمح فيها بتشييد منشآت من هذا النوع، مما استوجب التدخل لتنفيذ قرار الإزالة.
خلفية توتر عمراني في بوسكورة
يأتي هدم «قصر الضيافة» في ظل أجواء متوترة تشهدها بوسكورة عقب فتح تحقيقات موسعة بشأن مخالفات عمرانية متعددة. ففي يوليو/تموز الماضي، أصدر عامل الإقليم قرارًا بعزل رئيس المجلس الجماعي، بوشعيب طه، المنتمي لحزب الاستقلال، بسبب تجاوزات قانونية واضحة في تدبير شؤون الجماعة. كما شمل القرار عزل ثلاثة مسؤولين منتخبين آخرين من مناصبهم، بانتظار ما ستقرره الجهات القضائية.
وتبين من خلال تقارير السلطات الإقليمية وجود مخالفات تتعلق بإصدار تراخيص البناء وتدبير عائدات الضرائب المحلية، وهو ما دفع الجهات المختصة إلى إحالة الملفات إلى القضاء للنظر فيها واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
ملف عمراني أمام القضاء
القضية باتت الآن في عهدة القضاء المغربي، الذي يُنتظر أن يبتّ في جميع الملفات المرتبطة بالمشروع وبالمخالفات التعميرية الأخرى في المنطقة. ويُعد هدم «قصر الضيافة» بمثابة إشارة قوية إلى تشديد الرقابة على مخالفات البناء في بوسكورة وإقليم النواصر، في إطار تطبيق القوانين العمرانية وحماية المجال الفلاحي من التوسع غير المنظم.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTkxIA== جزيرة ام اند امز