إصرار على إطلاق سجناء الرأي في الجمعة الـ48 للمظاهرات بالجزائر
المحتجون حملوا صورا لأشخاص قالوا إنهم من معتقلي الحراك الشعبي أو من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي الذين دعوا الجماهير لمواصلة التظاهر
خرج مئات الآلاف للشوارع في عدد من محافظات الجزائر للجمعة الـ48 على التوالي، في أطول احتجاجات شعبية، وتنوعت مطالبهم بين إطلاق سراح سجناء الرأي، وتسليم السلطة للشعب.
- حوار مع المعارضة وتجريم للكراهية.. أسبوع "رئاسي" بامتياز في الجزائر
- رئيس الجزائر يضع "خارطة طريق صارمة" لبناء جمهورية جديدة
ولم تهدأ شوارع محافظات جزائرية عدة طوال 11 شهرا منذ انطلاق المظاهرات في 22 فبراير/شباط 2019، حيث شارك فيها مئات الآلاف في مختلف الولايات، كانت مظاهرة الجزائر العاصمة الأكبر.
وتنوعت مطالب وشعارات المتظاهرين بين محافظة وأخرى، حيث ركز المتظاهرون في محافظات قسنطينة وسطيف (شرق) ومستغانم (غرب) على إطلاق ما تبقى من سجناء الحراك والرأي.
وفي العاصمة ومحافظات منطقة القبائل عادت المطالب بـ"تسليم السلطة للشعب" من خلال تطبيق المادتين الـ7 و8 اللتين كانتا أول مطالب المتظاهرين بعد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة أوائل فبراير/شباط الماضي.
وحمل المحتجون صوراً لأشخاص قالوا إنهم من معتقلي الحراك الشعبي أو من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، الذين دعوا الجماهير لمواصلة التظاهر، ورفض الانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
كما حمل المتظاهرون صوراً لقادة في الثورة التحريرية الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي بينهم رئيس المجلس الأعلى للدولة الأسبق الراحل محمد بوضياف، والراحل حسين آيت أحمد مؤسس حزب جبهة القوى الاشتراكية المعارض.
وهتف المحتجون بشعارات "رافضة لانتخاب عبدالمجيد تبون رئيساً للبلاد"، وأخرى كانت دارجة في الأشهر الأخيرة بينها "دولة مدنية وليست عسكرية"، "لن نركع"، "الشعب يريد الاستقلال"، "الحراك سيغربل الخونة"، وأخرى تدعو إلى "مرحلة انتقالية".
وفي غالبية المحافظات، اختار المحتجون تسمية الجمعة الـ48 من المظاهرات بـ"جمعة الشهيد ديدوش مراد"، وهو أحد قادة الثورة التحريرية الجزائرية الذين اغتالهم الاستعمار الفرنسي، ويصادف غدا السبت الذكرى الـ65 لاستشهاده (18 يناير 1955).
وشهد شارع "فيكتو هيجو" حالة من الكر والفر بين المتظاهرين وقوات الأمن التي منعتهم من الاحتشاد في الشارع.
وأفادت "اللجنة الجزائرية للإفراج عن المعتقلين" في بيان لها، عن اعتقال الشرطة 4 متظاهرين صباح الجمعة، بينما أكد نشطاء عبر مواقع التواصل إطلاق سراحهم مساء.
انقسام حول استمرار الحراك
ورغم تراجع زخم المظاهرات الشعبية التي باتت تقتصر على نحو 10 محافظات من أصل 58، فإن استمرارها وضع البلاد أمام حالة استثنائية لم تشهدها من قبل.
وانقسمت قراءات المراقبين لتواصل المظاهرات بين من فسرها على أنها رفض لما أسموه "سياسة الأمر الواقع بعد تمرير الانتخابات الرئاسية التي أتت بعبدالمجيد تبون ثامن رئيس للبلاد"، والتي يرى المحتجون أنها "التفافاً على مطالبهم وتدويراً للنظام القائم بتغيير واجهته والإبقاء على ممارساته".
بينما رأى آخرون أن "الشعارات المرفوعة في المظاهرات تؤكد اختراق الحراك الشعبي وتحريكه من الدولة العميقة للضغط على السلطة لإطلاق سراح رموزها المتهمين بالفساد، والتآمر على سلطتي الدولة والجيش".
ولم يهدأ الشارع رغم قبول شخصيات معارضة لقاء الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، لتقديم رؤيتها للواقع السياسي للبلاد ومنظورها لحل التركة الثقيلة التي تركها نظام عبدالعزيز بوتفليقة.
وأشار خبراء لـ"العين الإخبارية" إلى أن الرئاسة الجزائرية وجدت في تلك الشخصيات المعارضة "المفتاح الأمثل لغلق باب المظاهرات وإقناع المحتجين بورقة الحوار الوطني وتحقيق بقية مطالبه من خلال التعديلات القادمة على الدستور وقانون الانتخاب" الذي باشره الرئيس الجزائري بإنشاء لجنة من الخبراء لتعديل الدستور.
واستقبل الرئيس الجزائري خلال الأسبوع الماضي عدداً من الشخصيات المعارضة المستقلة التي توصف بـ"الثقيلة"، من أبرزهم رئيس الوزراء الأسبق مولود حمروش، ووزير الإعلام الأسبق والناشط السياسي عبدالعزيز رحابي.
كما قابل تبون وزير الخارجية الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي (1984 – 1988)، إضافة للمناضل السابق في الثورة الجزائرية يوسف الخطيب، رئيس الوزراء الأسبق أحمد بن بيتور (1999 – 2000).
بينما كان سفيان جيلالي رئيس حزب "جيل جديد" المعارض، الوحيد الذي استقبله تبون.
وقرأ متابعون للشأن السياسي الجزائري "تفضيل" الرئاسة الجزائرية لقاء "جيلالي" كأول حزب معارض يدخل الرئاسة للحوار، على أنه رسالة واضحة لتيارات أخرى بما فيها المعارضة، تفيد بأن "الرئاسة لا تعترف إلا بالمعارضة القوية شعبياً".