الاحترار يفاقم خطر حمى الضنك.. والبكتيريا تدخل حرب المواجهة
كشف باحثون أمريكيون أن تغير المناخ مسؤول عن ما يقرب من خُمْس الحالات القياسية المسجلة لحمى الضنك حول العالم هذا العام، مما يبرز الدور الذي تلعبه درجات الحرارة المتزايدة في انتشار الأمراض.
يأتي ذلك في وقت تعمل فيه فرق البحث على إثبات العلاقة بين تغير المناخ الذي يسببه الإنسان وبين الظواهر الجوية المتطرفة مثل الأعاصير والفيضانات والحرائق والجفاف.
ومع ذلك، فإن ربط الاحترار العالمي بالصحة وانتشار الأمراض يمثل مجالا جديدا نسبيا، وتعد حمى الضنك مثالا جيدا لدراسة التأثيرات الصحية لتغير المناخ بسبب حساسيتها العالية للتغيرات المناخية، وفقا للدكتورة إيرين موردكاي، عالمة بيئة الأمراض المعدية بجامعة ستانفورد.
وحمى الضنك هي مرض فيروسي ينتقل عبر لدغات البعوض المصاب، ويُسبب الحمى وآلام الجسم، وفي بعض الحالات قد يكون قاتلاً، وكان المرض محدود الانتشار في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، لكن ارتفاع درجات الحرارة دفع البعوض للانتشار في مناطق جديدة، مما أدى إلى تفشي المرض.
وفي دراسة جديدة لم تُراجع بعد، حلل فريق من الباحثين الأمريكيين العلاقة بين ارتفاع درجات الحرارة وحالات الإصابة بحمى الضنك في 21 دولة عبر آسيا والأمريكتين، ووجدوا أن حوالي 19% من حالات الضنك الحالية على مستوى العالم تُعزى إلى الاحترار المناخي الذي حدث بالفعل.
وأشارت الدراسة إلى أن المناطق المرتفعة في دول مثل بيرو والمكسيك وبوليفيا والبرازيل التي ستشهد ارتفاعا في درجات الحرارة إلى ما بين 20 و29 درجة مئوية – النطاق المثالي لانتشار الضنك – قد تشهد زيادة تصل إلى 200% في حالات الإصابة بحمى الضنك خلال الـ25 عاما القادمة.
ووفقًا لتحليل الدراسة، فإن حوالي 257 مليون شخص يعيشون حاليا في مناطق قد يتضاعف فيها معدل الإصابة بحمى الضنك بسبب الاحترار العالمي خلال هذه الفترة.
وتُعتبر هذه النتائج "سببًا إضافيًا للقلق بشأن تغير المناخ"، بحسب موردكاي.
استخدام البكتيريا لمكافحة حمى الضنك
وسُجلت أكثر من 12.7 مليون حالة إصابة بحمى الضنك حول العالم هذا العام حتى شهر سبتمبر/أيلول، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، وهو ما يقارب ضعف عدد الحالات المسجلة في عام 2023، إلا أن موردكاي أشارت إلى أن العدد الحقيقي قد يكون أقرب إلى 100 مليون حالة بسبب "التقصير الكبير في الإبلاغ".
وعلى هامش الاجتماع السنوي للجمعية الأمريكية للطب الاستوائي والصحة في نيو أورلينز، قدمت مجموعة أخرى من الأبحاث غير المراجعة آمالًا في أداة جديدة لمكافحة انتشار الضنك. تتضمن هذه الأبحاث تربية بعوض مصاب ببكتيريا تُعرف باسم "ولباكيا"، التي تمنع البعوض من نقل الفيروس.
وفي تجربة أجريت قبل خمس سنوات، تم إطلاق بعوض مصاب بالبكتيريا في مدينة نيتيروي البرازيلية، وعندما شهدت البرازيل أسوأ تفشٍ لحمى الضنك هذا العام، كانت الزيادة في نيتيروي محدودة، وسجلت حالات إصابة أقل بنسبة 90% مقارنة بفترة ما قبل التجربة.
وأشارت الدكتورة كاتي أندرس من برنامج البعوض العالمي إلى أن هذه النتائج تشير إلى أن بكتيريا" ولباكيا" توفر حماية طويلة الأمد للمجتمعات ضد الارتفاع المتزايد في حالات حمى الضنك.
ويعمل الباحثون بالتعاون مع الحكومة البرازيلية لبناء منشأة لإنتاج بعوض "ولباكيا" بهدف حماية الملايين من الناس.