يعتبر مشروع طريق التنمية الاستراتيجي الذي وقعته 4 دول هي الإمارات وقطر والعراق وتركيا، خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون الإقليمي، وتحسين فرص الاقتصاد في المنطقة، ويتميز كمبادرة إقليمية نظرًا لتأثيره الواسع على التنمية والازدهار، وتقارب الشعوب بمختلف ثقافاتها.
وتبرز أهمية المشروع بكونه اقتصاديا في المقام الأول، بينما في نفس الوقت عندما تتحرك عجلة الاقتصاد تتحسن أوضاع الشعوب وتهدأ التوترات، ما يصب في صالح الأمن والاستقرار، فطريق التنمية الاستراتيجي سيربط بكل تأكيد بين الدول الأطراف في المشروع، وليس ذلك وحسب بل قد يربط الهند بدول الخليج وصولاً إلى أوروبا عبر العراق وتركيا، ما سيخلق مسارات جديدة للتجارة والاستثمار.
ولمثل هذه المشاريع الكبيرة تأثير إيجابي على الحياة اليومية للشعوب، من خلال تحسين البنية التحتية وتوفير فرص العمل، وتعزيز التبادل الثقافي والاجتماعي بين الشعوب، ولو أخذنا العراق كمثال بكونه أحد الدول الموقعة، فهو في أشد الحاجة لهذا النوع من المبادرات، لتحسين مقومات حياة الشعب العراقي الشقيق.
توقيت مشروع طريق التنمية مهم للغاية، في وقت يشهد فيه العالم تحولات أمنية هامة في مجالات السياسة والاقتصاد، ونعيش به أوقاتا صعبة مع تزايد التصعيد الإقليمي على إثر حرب غزة، بالإضافة إلى جمود الحرب الروسية الأوكرانية، وغيرها من الملفات الدولية العالقة، ما يضاعف الحاجة إلى تعزيز التعاون والتضامن بين الدول.
فالتجارب عبر تاريخ العصر الحديث تؤكد أن الأدوات الاقتصادية تجلب الاستقرار، والإعلان عن المشروع رغم وجود أزمات عالمية وإقليمية ساخنة، يعكس التزام الدول المشاركة في تحقيق التنمية المستدامة ولو كانت في أصعب الأوقات، والتوقيع على هذه المبادرة المهمة يرسل رسالة قوية أن الإرادة السياسية للدول تصنع النجاحات ولو كانت في اللحظات الحرجة، وأن الأزمات والحروب لن توقف توجهات المنطقة العربية والإقليمية، باتجاه التنمية والازدهار رغم التحديات الراهنة.
للمشروع إيجابيات ومكاسب عدة للدول الأطراف وشعوبها، لكونه يفتح فرصا جديدة للتجارة والاستثمار بين الدول المشاركة، مما يعزز الازدهار والاستقرار الاقتصادي، ويخلق بيئة ملائمة للنمو والتنمية، ما سيكون له الأثر البالغ في تعزيز التضامن بين الدول في مواجهة التحديات المشتركة، ومن المتوقع أن يكون للمشروع أثرا إيجابيا على التقارب والتفاهم بين الشعوب، وتحسين التواصل بين مختلف الثقافات، كما سيوفر المشروع فرصة قيمة لتحسين البنية التحتية والربط بكل أشكاله ما بين الدول، سواء عبر البر والبحر، مما سيسهم في تحسين جودة الحياة ويصب في نهاية الأمر لصالح الشعوب.
توقيع الإمارات على مذكرة مشروع طريق التنمية يأتي في سياق سياستها الخارجية التي تتميز تحت قيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بتنوع واسع في العلاقات الدولية، حيث تسعى الإمارات إلى بناء شراكات استراتيجية مع مختلف الدول والمنظمات الدولية في عدة جوانب، بما في ذلك التعاون الاقتصادي والتجاري، حيث تقوم الإمارات بتوقيع اتفاقيات تجارية واقتصادية مع الدول المختلفة بهدف تعزيز التبادل التجاري وتوسيع قاعدة الاستثمارات الخارجية.
كما تولي الإمارات اهتماماً كبيراً بتعزيز الشراكات الإنسانية والتنموية، حيث تقدم مساعدات إنسانية ومالية للدول المحتاجة والمتضررة من الكوارث الطبيعية والنزاعات، وتسعى إلى تقديم الدعم للمشاريع التنموية في مختلف أنحاء العالم، ومن خلال هذا التنوع في العلاقات الخارجية تعكس دولة الإمارات استراتيجية دبلوماسية متعددة الأبعاد، تهدف إلى تعزيز السلم والاستقرار الإقليمي والعالمي، وتعزيز التفاهم والتعاون الدولي في مختلف المجالات.
ولم تقتصر الجهود الإماراتية على الجوانب الإنسانية فحسب، بل تتجاوز ذلك إلى مجالات الاقتصاد والتنمية، فالإمارات تلعب دوراً بارزاً في تعزيز التجارة الدولية، مما أسهم في تعزيز الاندماج الاقتصادي العالمي، وأصبح بالإمكان ربط الشرق بالغرب عبر منطقة الشرق الأوسط، عبر عدة مبادرات كانت الإمارات بها النموذج الاستثنائي للتنمية الاقتصادية والاستدامة، وفي سياستها المتوازنة، ودبلوماسيتها الفاعلة في المنطقة والعالم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة