طريق التنمية.. مشروع استراتيجي بين الإمارات والعراق وتركيا وقطر
منذ ما يقرب من عام، أعلن العراق عن مشروع ضخم يربط الأسواق الآسيوية والخليجية بأوروبا، أطلق عليه اسم "القناة الجافة" وتغير الاسم لاحقا ليصبح "طريق التنمية".
المشروع الذي تبلغ تكلفته نحو 17 مليار دولار، بدأ يشق طريقه للنور، بعد أن تم اتخاذ أولى الخطوات الفعلية، وذلك أثناء زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للعراق اليوم الإثنين.
وشهد العراق اليوم مولد المشروع الاستراتيجي، بتوقيع مذكرة تفاهم رباعية بين دولة الإمارات والعراق وتركيا وقطر، بحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.
مذكرة التفاهم وقعها عن دولة الإمارات سهيل بن محمد المزروعي وزير الطاقة والبنية التحتية، وعن الجانب العراقي رزاق محيبس وزير النقل، وعن دولة قطر جاسم بن سيف السليطي وزير المواصلات، وعن جمهورية تركيا عبد القادر أورال أوغلو وزير النقل والبنية التحتية.
وقال مكتب رئيس الوزراء العراقي في بيان، إن المذكرة تتضمن قيام الدول الموقعة بوضع الأطر اللازمة لتنفيذ المشروع.
وأكد البيان أن المشروع يسهم في تحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز علاقات التعاون الإقليمي والدولي من خلال تحقيق التكامل الاقتصادي والسعي نحو اقتصاد مستدام بين الشرق والغرب.
وأشار البيان إلى أن طريق التنمية الاستراتيجي سيعمل على زيادة التجارة الدولية وتسهيل التنقل والتجارة، وتوفير طريق نقل تنافسي جديد، وتعزيز الرخاء الاقتصادي الإقليمي.
عندما تم الإعلان عن المشروع في بداياته كان يحمل اسم "القناة الجافة"، ولكن خلال لقاء سابق بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في مارس/آذار من عام 2023، تحول إلى "طريق التنمية".
ومنذ ذلك الحين تصدر المشروع المناقشات خلال اللقاءات العراقية التركية، وحظى باهتمام على أعلى مستوى من الدولتين.
ثم توسع المشروع ليشمل بعض الدول الأخرى في المنطقة، عندما أعلن هاكان فيدان وزير الخارجية التركي، في 13 سبتمبر/أيلول 2023، أن بلاده تجري مفاوضات مكثّفة مع دولة الإمارات والعراق، وقطر بشأن المشروع.
في مايو/أيار من عام 2023، وصف فرحان الفرطوسي المدير العام للشركة العامة لموانئ العراق "طريق التنمية" بأنه سيفتح الأبواب لتنمية مساحات شاسعة في العراق، وأنه ليس مجرد طريق لعبور البضائع والمسافرين.
وحاز المشروع على اهتمام كبير من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وكان هذا واضحاً في قمة العشرين في نيودلهي، حيث أعلن في القمة أن أنقرة ستعمل مع دولة الإمارات والسعودية والعراق بشأن ممر للسكك الحديدية والموانئ في المنطقة، وتوقع أن يعمل "طريق التنمية" بالتنسيق مع مبادرة "الحزام والطريق" الصينية.
مشروع "طريق التنمية" هو عبارة عن خط سكك حديدية وطرق سريعة يبلغ طولها نحو 1200 كيلومتر، يبدأ مساره من ميناء الفاو في مدينة البصرة جنوبي العراق، ويمر بمدن الديوانية والنجف وكربلاء وبغداد والموصل في العراق، وبعدها يدخل الأراضي التركية من قرية أوواكوي التابعة لولاية شرناق جنوب شرق تركيا، حتى يصل إلى ميناء مرسين على البحر المتوسط، ومنه إلى أوروبا.
وميناء الفاو الذي يمثل نقطة انطلاق للمشروع، تعمل موانئ أبوظبي على تطويره، حيث وقعت مجموعة موانئ أبوظبي اتفاقية تمهيدية مع الشركة العامة لموانئ العراق، يتم بموجبها تأسيس مشروع مشترك لتطوير ميناء الفاو الكبير وأية توسعة مستقبلية له، إلى جانب المنطقة الاقتصادية المحاذية للميناء، وتهدف الاتفاقية التمهيدية إلى استكشاف فرص التعاون المحتملة في مجال الاستثمار والإدارة والتشغيل في الموانئ والمناطق الاقتصادية وغيرها من البنى التحتية في العراق.
وفقا لمركز كارينجي لأبحاث الشرق الأوسط، مشروع "طريق التنمية" الاستراتيجي الذي صممته شركة (PEG Infrastructure) الإيطالية يمر بثلاث مراحل، الأولى تنتهي في عام 2028، والمرحلة الثانية تنتهي في عام 2033، أما الثالثة فتنتهي في عام 2050.
في مرحلته الأولى سيوفر المشروع نحو 100 ألف فرصة عمل، بينما يوفر مليون فرصة عند انتهائه بالكامل في عام 2050.
يهدف مشروع طريق التنمية إلى إنشاء شبكة مواصلات عابرة للحدود تربط الخليج العربي بتركيا. ومن شأن هذه الشبكة أن تعزز مكانة العراق الجيوسياسية كممر تجاري وتوفر عوائد مالية، مما يقلل من اعتماد الدولة على الهيدروكربونات.
سيؤدي المشروع إلى إنشاء مصانع وورش على طول ممره، مما يسمح بممارسة الأنشطة التجارية وخلق عدد كبير من فرص عمل. ووفقا للخطة، فإن طريق التنمية، الذي سيكون معظمه خارج مراكز المدن وفي المناطق الصحراوية، سيسمح بنقل ثقل النشاط الاقتصادي بعيدا عن المراكز الحضرية المزدحمة ذات البنية التحتية القديمة وسيساعد في تحفيز الهجرة إلى الأطراف
بحلول عام 2028، من المتوقع أن تصل قدرة النقل لقطار الشحن إلى 3.5 مليون حاوية أو22 مليون طن من البضائع السائبة سنويا، وبعد عقد من الزمن، سترتفع إلى 7.5 مليون حاوية و33 مليون طن من البضائع، وبحلول عام 2050 ستصل إلى 40 مليون طن من البضائع.
من المتوقع أن تستوعب القدرة الأولية للقطار فائق السرعة 13.8 مليون مسافر كل عام، وصولا إلى 15 مليونا.
المشروع الذي تبلغ تكلفته 17 مليار دولار، مخصص 10 مليارات منها لشراء قطارات كهربائية سريعة لنقل الحمولات والبضائع والمسافرين، والمتبقّي لِـمَدّ سكك الحديد والطرق.
يقول المسؤولون العراقيون إن طريق التنمية سيعزز التجارة بين آسيا وأوروبا، مما يقلل الفترة الزمنية لنقل البضائع داخل العراق من 33 إلى 15 يوما. ويقدر المسؤولون العراقيون الإيرادات بنحو 4.85 مليار دولار سنويا.
وفقا لميثم الصافي، المتحدث باسم وزارة النقل العراقية، يتضمن خط مشروع التنمية الاستراتيجي للنقل من ميناء الفاو الكبير في البصرة جنوب العراق إلى منطقة فيشخابور شمالي العراق على الحدود مع تركيا، خط سكك حديدية بطول 1175 كيلومتراً وطريقاً بريّاً بطول 1190 كيلومترا، وللطريق مساران مختلفان في جنوب البلاد، ولكن يلتقيان في شمال محافظة كربلاء جنوب بغداد، وبعدها يسيران جنباً إلى جنب حتى وصولهما إلى منطقة فيشخابور في الشمال العراقي.
وأكد ميثم الصافي، أن طول المشروع يبلغ 1200 كيلومتر يمتد من ميناء الفاو الكبير جنوباً ثم محافظات البصرة وذي قار كربلاء والنجف فالعاصمة بغداد، مروراً بمحافظات صلاح الدين ونينوى، لينتهي عند نقطة منطقة فيشخابور الحدودية باتجاه الجانب التركي.
aXA6IDMuMTM5LjgzLjI0OCA= جزيرة ام اند امز