مرت الإمارات بحالة جوية سيئة لم تشهدها من قبل، وتركزت كل وسائل الإعلام على الحالة الجوية في الإمارات خاصة مدينة دبي العالمية.
فمنخفض الهدير الذي مرَّ بالإمارات كان حدثًا ملحوظًا، حيث شهدت البلاد خلاله كثافة أمطار لم تُسجَّل منذ 75 عاما، هذا الحدث الطبيعي النادر عزَّز من روح التعاون والتلاحم بين أفراد المجتمع، وأظهر قوة واستعداد البلاد للتعامل مع الظروف المناخية المتغيرة بكفاءة وفاعلية.
ما هو جميل في الحالة الجوية أن الإمارات جذبت كل وسائل الإعلام نحوها وهذا قدرها، فقد تركزت كل عدسات الإعلام العالمي على تفاصيل الحالة الجوية في الإمارات ودبي بشكل خاص، والاختبار الجميل الذي نجحت فيه الإمارات أنها أثبتت مرة أخرى وأمام عدسات الإعلام العالمي أنها دولة مصممة على تجاوز الصعاب، وأنها جديرة بأن تكون في صدارة المؤشرات العالمية.
ففي غضون ساعات استطاعت أن تتعافى من الحالة الجوية، وهذا التعافي السريع كان شهادة نجاح كبير شهده الصديق والعدو أيضًا الذي سخَّر كل عدساته للشماتة، ولكنه صدم من سرعة النهوض وحجم الأعمال الجبارة في إعادة ترميم وإصلاح ما أتلفه المطر، وشفط كميات المطر الهائلة المتراكمة وفتح الطرقات. الحمد لله، كان هذا من لطف ربي على عباده الخيرين من أهل الإمارات ومن حسن التدبير الحكومي ومن متانة البنية التحتية في الإمارات.
مرت الحالة الجوية وعادت الإمارات تمارس ريادتها وقيادتها ونشاطها الحضاري المتميز في العالم، ولكن دعونا نتوقف قليلًا ونسأل: ما الدروس المستفادة إعلاميا من هذه الحالة الجوية التي مررنا بها؟
في جانب الإعلام المحلي: كان المشهد الإعلامي المحلي، باللغة العربية أو باللغات الأخرى، متريثًا، فما اختلف في المشهد سوى كثافة المطر، ولكنه استدرك تريثه وقام بدور رائع لمواجهة شحنة مواد سلبية خرجت في وسائل التواصل في الساعات الأولى مما استفز الإعلام المحلي أن يقوم بدوره، ويستلم زمام الأمور ويتصدر المشهد من جديد.
في الجانب الإعلامي العالمي: تركزت بعض عدسات الإعلام العالمي والإقليمي على الحالة الجوية وبعض الأماكن التي كانت أكثر تأثرًا من وطأة المطر ولم تركز على الجانب الإيجابي وهو سرعة التعاطي مع الحالة وسرعة التعافي ودور التعاضد المجتمعي، وهذا كان متوقعًا من بعض الأبواق غير المحايدة والتي ربما تتقاطع مع أجندات تحاول استغلال الحالة الجوية.
في جانب مؤثري وسائل التواصل الاجتماعي خاصة بعض الأصوات الأجنبية منهم، وكعادتها، تبحث عن الإثارة، كانت هناك الآلاف من الفيديوهات السلبية العشوائية ربما بشكل عفوي من جانب بعض أفراد من جاليات مقيمة في الساعات الأولى، ولكن تدارك البعض الآخر وشعر بالمسؤولية في عدم منح فرصة للمتصيدين، وكانت النتيجة أن على الصالح والطالح اكتسى المشهد بالأصوات الندية لتنزوي الحناجر النشاز بعيدا في غمرة "ملحمة الهدير".
من خلال استقراء المشهد الإعلامي، علينا مستقبلًا التركيز على مؤثري الجاليات الإيجابيين ودعمهم وتوجيه جهودهم للصالح العام للمجتمع بدلًا من ترك مساحة فراغ لأصوات عشوائية تسعى بدون وعي بحثًا عن شهرة أو أملاً في جذب متابعين.
في جانب مؤثري وسائل التواصل الاجتماعي الوطنيين: بأمانة، وأقولها لم أشهد نضجًا وحرصًا وطنيًا كالذي شاهدناه في أيام الحالة الجوية من قبل المؤثرين المواطنين، فقد كانوا في أوج حالتهم التأثيرية على الحدث وتصدروا الإعلام وركزوا عدساتهم وأقلامهم وجهدهم في إبراز الجهود الحكومية في التعافي وإبراز دور المجتمع في التعاضد والتلاحم وإبراز كل الجوانب الإيجابية في هذه الحالة ونجحوا وكانوا درعًا قويًا للتصدي لجميع الهجمات الإعلامية السلبية.
ومن هنا أستطيع أن أقول إن النجاح الأكبر في تخطي المنحدر الإعلامي الحاقد علينا، كان المؤثرون المواطنون الذين سخروا كل طاقاتهم للدفاع عن الوطن وتفنيد كل المغالطات بمنتهى الشفافية والاحترافية وبشكل راقٍ جدًا يعكس أخلاق عيال زايد.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة