خمسون عاما ونحن نبني أجمل بلد وأروع دولة، مدناً وشوارع وحدائق ومباني بأجمل الأشكال والمواصفات، وبنية تحتية قوية ننافس بها أنفسنا قبل أن ننافس العالم.
حلمنا بدولة مميزة وبوطن رائع فتحقق الحلم بفضل قيادة لا تعرف المستحيل وشعب متفان يسير خلف قيادته بكل إيمان وصدق.
وفي يوم من الأيام قررت الطبيعة أن تقول كلمتها، وكلمة الطبيعة لا ترد.. فجاءنا منخفض جوي قوي تم التحذير منه قبل أيام وتم اتخاذ كل الاحتياطات واتخاذ كافة الإجراءات لتفادي الخسائر البشرية أو المادية، إلا أن الطبيعة كان لها رأي آخر وأرادت أن تفاجئنا بشيء لا نعرفه ولم يسبق أن مر علينا فأسقطت علينا في أربع وعشرين ساعة كمية أمطار تساوي ما تسقط على الإمارات في عام ونصف!.
فقد فتحت السماء بماء منهمر!! أغرقت الشوارع والمنازل وأثرت على المطارات وملأت السدود وحركت الوديان القديمة والميتة منذ عقود، فكانت النتيجة الطبيعية، تدمير مرافق ممتلكات وسيارات وبنية تحتية وخسائر مادية وتعطيل جزء من حركة الطيران..
وبكل مشاعر الإيمان والرضا بما يأتي به القدر تقبلنا ما جاءنا واعترفنا بالضرر الذي أصابنا كما وأدركنا جوانب القصور التي تحتاج إلى تدارك، كما واستمتعنا باللحظات النادرة التي مررنا بها في تلك الأجواء الصعبة والتي لم تشهدها الإمارات منذ سبعين عاما.
ومن المرجح حسب الخبراء وحسب ما ذكره عالم المناخ فريديك أوتو كبير المحاضرين في علوم المناخ في إمبريال كوليدج لندن أن هطول الأمطار الغزيرة في الإمارات ومناطق أخرى من المرجح أن يكون لظاهرة الاحتباس الحراري دور في ذلك.
وبلا شك أن هذه الأمطار الغزيرة -التي وصلت ذروتها في منطقة خطم الشكلة إلى 254 ملم خلال أقل من 24 ساعة- تمثل حدثًا مهمًا في تاريخ الأرصاد الجوية في دولة الإمارات، حيث تساهم في ارتفاع متوسط هطول الأمطار السنوي في البلاد وتعزز خزانات المياه الجوفية.
ورغم أن ما حدث كان لأسباب خارجة عن إرادة وسيطرة البشر وفي مستوى غير متوقع لأحد إلا أننا فوجئنا ببعض المواطنين والمقيمين الذين لم يتوقفوا عن التذمر والشكوى وفوجئنا بالشماتة والاستهزاء من بعض الأشخاص والحسابات على السوشيال ميديا بمدننا ومرافقنا وما أصابها من تخريب بسبب الأمطار والرياح الشديدة التي يمكن أن تصيب وتحدث التخريب في أية مدينة متطورة في العالم..
لكل هؤلاء نقول بأن شماتتكم ترد عليكم وتعكس أخلاقكم وتكشف عما في صدوركم. أما نحن فبعد هذه الأمطار وبعد منخفض الهدير أصبحنا نحب الإمارات أكثر ومتمسكين بتجربتنا أكثر وفخورين بما حققناه أكثر.. ومصرين على أن نواصل ما بدأناه.. وواثقون بأن كل شيء دُمر وتأثر بسبب تلك الأمطار سيعود أفضل وأجمل، فقيادة الإمارات وحكومتها عودتنا بأن "ما نشيل هم"، وعودتنا أن بسواعد أبناء الإمارات والمقيمين على أرضها سيعود كل شيء إلى ما كان عليه، وأفضل وفي أسرع وقت.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة