4 سنوات على "مسرحية" الانقلاب.. أردوغان يبتلع تركيا
قبل 4 سنوات، عاش الأتراك حالة من الرعب استمرت لساعات، قبل أن يتبين لهم أن "مسرحية" انقلابية جرى التخطيط لها.
بدا واضحا أن الهدف الرئيسي هو تصفية تركيا من أي صوت معارض بقوة، ليصبح الطريق ممهدا أمام رجب طيب أردوغان لحكم أبدي.. فكيف تم ذلك؟
انقلاب مزعوم
ليل 15 إلى 16 يوليو/تموز 2016، زعمت الحكومة التركية وجود تمرد ضباط في الجيش استولوا على مقاتلات ومروحيات وأشاعوا الذعر في شوارع أنقرة وإسطنبول.
حينها دعا أردوغان الذي كان في إجازة الأتراك إلى التصدي لما أسماه "محاولة الإنقلاب" بالنزول إلى الشارع ثم عاد لإسطنبول.
واتهم هؤلاء الضباط بصلتهم بالداعية فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة منذ 20 عاما، بينما ينفي الرجل الذي كان حليفه وأصبح ألد خصومه، ذلك.
وفي الصباح أعلن رئيس الأركان بالوكالة "المحاولة الانقلابية قد فشلت"، على حد زعمه. وفي إسطنبول نزل أنصار الرئيس إلى الشارع. وطالب أردوغان بتسليم غولن.
لكن المأساوي أن "المسرحية" الانقلابية خلفت وراءها 251 قتيلا وأكثر من ألفي جريح.
عمليات تطهير
في 16 و17 يوليو/تموز، تم توقيف مئات الجنرالات والقضاة والمدعين لدعمهم المفترض لمحاولة الانقلاب المزعوم، ثم امتدت حملة التطهير إلى صفوف الشرطة والإعلام والأساتذة. وفي 20 منه فرض أردوغان حال الطوارىء.
وطالت عمليات التطهير الأنصار المفترضين لغولن ثم توسعت لتشمل التيار الموالي للأكرد والإعلام المعارض ومنظمات غير حكومية ما أثار قلقا في أوروبا.
ومذاك تم توقيف آلاف الأشخاص وإقالة أكثر من 140 ألفا أو تعليق وظائفهم. وأطلقت مئات الإجراءات القضائية.
أردوغان يبسط سلطته
في 24 يونيو/حزيران 2018، فاز أردوغان في الانتخابات الرئاسية من الدورة الأولى.
وسجل الاقتراع الانتقال من نظام برلماني إلى رئاسي؛ حيث باتت السلطة التنفيذية بيد الرئيس بعد مراجعة الدستور في 2017.
ثم في يوليو/تموز، رفع حال الطوارىء، ووصف الاتحاد الأوروبي ذلك بأنه "خطوة في الاتجاه الصحيح" لكنها غير كافية بسبب الإبقاء على قيود على الحريات.
هزيمة نكراء
في 31 مارس/آذار 2019 وصل حزب العدالة والتنمية في الطليعة على المستوى الوطني في الانتخابات البلدية، لكنه خسر أنقرة وإسطنبول أكبر مدن البلاد.
لكن "الديكتاتور" أردوغان لم يقف مكتوف الأيدي، فجرى إبطال نتائج الانتخابات في إسطنبول بعد الطعون التي قدمها حزب العدالة والتنمية بحجة حصول "مخالفات على نطاق واسع". ودانت المعارضة "انقلابا على صناديق الإقتراع".
وفي 23 يونيو/حزيران فاز المعارض أكرم إمام اوغلو مجددا في الانتخابات البلدية في اسطنبول مكبدا أردوغان أسوأ هزيمة انتخابية منذ وصول حزبه إلى السلطة في 2002.
قوانين كارثية
في يونيو/حزيران 2020، تبنى البرلمان مشروع قانون مثير للجدل يعزز إلى حد كبير صلاحيات "حراس الأحياء". واتهم معارضو أردوغان الأخير بأنه يسعى إلى تشكيل "ميليشيا".
وبعد شهر تبنى مشروع قانون لإصلاح نقابة المحامين، تعرض لانتقادات شديدة ووصف بأنه مناورة للحد من استقلالية القضاء.
ثم في 10 يوليو/ تموز، أعلن أردوغان الذي يسعى إلى تحفيز الناخبين المحافظين، تحويل كنيسة "آيا صوفيا" إلى مسجد بعد أن ألغت المحكمة الإدارية العليا في البلاد، مرسوم الحكومة التركية لعام 1934 الذي حولها إلى متحف.
لم يكتف بذلك بل إنه وفي الأول من أكتوبر/تشرين الأول، دخل قانون يشدد رقابة السلطات على مواقع التواصل الاجتماعي.
ورفضت معظم مواقع التواصل الاجتماعي الانصياع للتدابير الواردة في القانون باعتبار أنه يفتح المجال أمام طلبات الرقابة، رغم تهديد فرض غرامات عليها اعتبارا من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
محاكمة ضخمة
اليوم الخميس 26 نوفمبر/تشرين الثاني قضت محكمة في أنقرة بالسجن مدى الحياة على 337 شخصا من بينهم ضباط وطيارون في سلاح الجو التركي، في ختام المحاكمة الرئيسية المرتبطة بالانقلاب المزعوم في العام 2016.
واستكملت 290 محاكمة على الأقل تتعلق بمحاولة الانقلاب بينما تتواصل تسع محاكمات أخرى.
دانت المحاكم حتى الآن 4500 شخص وأصدرت أحكاماً بالسجن مدى الحياة على حوالى ثلاثة آلاف منهم، بحسب أرقام رسمية.