الأحزاب الاشتراكية في أوروبا رأت في وصول جون بايدن إلى حكم الولايات المتحدة، حدثاً فريداً يمثل دعماً للتوجهات الليبرالية والديمقراطية.
ومملكة السويد، في أقصى الشمال الأوروبي، ليست بعيدة عن تجاذبات السياسة، فالحكومة، التي يرأسها ستيفان لوفين، زعيم الحزب الاشتراكي، تمر بظروف صعبة بعد مشروع طرح الثقة حولها في البرلمان من قِبَل أحزاب اليمين وحزب اليسار السويدي.
ورغم خصوصية المشكلة الحكومية الداخلية في السويد، والمرتبطة بآلية تحرير الإيجارات، فإن دخول اليسار مع اليمين في تحالف غير معلن، بُغية إسقاط الحكومة، جعل هذا البلد الإسكندنافي العريق في مأزق كبير وأمام سيناريوهات مفتوحة.
يعيش في السويد آلاف من اللاجئين السوريين والعراقيين والفلسطينيين والأفغان والإيرانيين وغيرهم، وهؤلاء يتخوّف غالبيتهم من وصول أي حزب يميني إلى رئاسة الحكومة، وينظرون بحذر إلى الجارة، الدنمارك، التي اتخذت وتتخذ كل أسبوع إجراءاتٍ صارمة بحق قضايا اللجوء واللاجئين، بعد تسليم اليمين للسلطة منذ سنوات.
ومع أن الإيقاع السياسي السويدي يُعتبر -بحسب مراقبين- هادئاً نسبياً، وبرودة الطقس تنعكس أحياناً على الأجواء السياسية والحزبية من حيث الأداء والممارسات، فالحزب الديمقراطي السويدي اليميني يُنظَر إليه بعين الريبة، كونه حزباً يحمل أفكاراً معادية للمهاجرين، خاصة بعدما حصل على 62 مقعداً في انتخابات البرلمان عام 2018.
ولا تزال بعض أحزاب اليمين ويمين الوسط في السويد تتعاطى مع هذا الحزب، لكن المفاجآت الكبيرة، التي حصلت في ستوكهولم خلال الأيام الماضية، جعلت المستحيل واقعاً، حين تلاقت أجندة الحزب اليساري مع حزب اليمين المتطرف ولو في جزئية محدودة.
ورغم الشعبية الكبيرة لرئيس الحكومة السويدية داخل صفوف النقابات، التي عمل فيها لسنوات، وباعه الطويل في النجاح بأي عملية مفاوضات بين الأحزاب، فإنه اليوم أمام اختبار صعب أجبره على الاعتراف للصحفيين بأن ذهاب البلاد نحو انتخابات مبكرة أمر لا بدّ منه إذا تم إسقاط حكومته ذات التوجهات الاشتراكية.
ولعل المد اليميني، الآخذ في التغول داخل جسد العملية السياسية في السويد، يعطي مؤشراً على عمق هذه الأزمة الحكومية والبرلمانية، لكنه يطرح تساؤلاً كبيراً يهيمن على المشهد الاجتماعي والسياسي، ألا وهو: ما مصير سياسات اللجوء في بلد مثل السويد إذا حظي اليمين بفرصة رئاسة الحكومة؟
لا يقتصر خوف اللاجئين على مصير بقائهم على الأراضي السويدية، بل على الحياة في السويد بشكل عام، بعدما تميزت هذه الدولة بتسامحها وسلامها الداخلي والخارجي، وكانت محطة مهمة لحوارات ومفاوضات وفض نزاعات، فهي البلد، الذي تخرج منه جوائز نوبل التنويرية إلى كل بلدان العالم.
وإذا ما استطاع اليمين الوصول إلى السلطة في السويد، عبر تفرقة صفوف الأحزاب الاشتراكية واليسارية واستمالة الأحزاب البرجوازية، فإن الانقسام المجتمعي والسياسي سيشتد، فضلاً عن فشل يحذر منه كثيرون، كون اليمين المتطرف لم يسبق له الحكم من قبل، ولا خبرة لديه بإدارة شؤون البلاد.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة