الديمقراطية نظام سياسي اجتماعي يتيح مشاركة الشعوب "الحرة" في صناعة القرار لتنظيم حياتها، على أساس أن الشعب هو مصدر السلطات والسيادة.
أي إن الديمقراطية باختصار هي "حكم الشعب" عن طريق ممثلين منتخبين، وهو مصطلح مشتق من كلمتين إغريقيتين، هما "ديموس" وتعني الشعب، و"كراتوس"، أي السلطة، وقد ظهر هذا المصطلح في القرن الخامس قبل الميلاد للدلالة على النظم السياسية الموجودة آنذاك في أثينا.
تبوأت المسألة الديمقراطية مركزاً متقدماً في الصدارة بعد الحرب العالمية الثانية، وكانت الدول الغربية تنادي وتضغط على دول كثيرة من أجل تغيير أشكال الحكم، والتحول إلى النظام الديمقراطي كحل "وحيد" للأزمات وتحقيق العدالة الاجتماعية وحفظ حقوق الإنسان وتكريس المواطنة الحقيقية.
في المقابل، فإن الديمقراطية أثبتت عدم فاعليتها في جميع المناطق، التي "فُرضت" فيها، حيث إن، وبحسب مؤشر الديمقراطية، هناك 167 بلداً أعضاء في الأمم المتحدة، تُعتبر بلداناً ديمقراطية، تمارس فيها كافة الممارسات الديمقراطية من انتخابات واختيار رئيس ومجالس برلمان وغيرها، إلا أن النتائج على الأرض ليست مُرضية لجُل الشعوب من النواحي التنموية والأمن والاستقرار، وهذا ما يطرح تساؤلاً هاماً حول الفجوة بين النظرية والتطبيق، لا سيما إذا ما أخذنا بعين الاعتبار رأي جون آدامز، الرئيس الأمريكي والمنظّر السياسي، أن الديمقراطية "لا تدوم طويلا، إذ سرعان ما تتلف وتستنزف نفسها ثم تقضي على ذاتها".
وبالمقارنة بالأنظمة المستقرة، فإن التفوق يبدو ظاهراً وجلياً بالأرقام، حيث إن النظم المستقرة وفرت لشعوبها الاستقرار والرفاهية بشكل أكبر، على الرغم من بعض العيوب، لكن مقارنة بعيوب طريقتي الحكم وإمكانية تطبيق كليهما، فإن الديمقراطية بلا شك أثبتت عدم فاعليتها في أماكن أخرى من العالم، والسبب هو أنها ليست السبب الوحيد فيما نراه اليوم من نتائج في العالم الغربي.
لا يمكن إنكار ما أنجزه الغرب في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، لكن لا يمكن أيضاً اعتبار التجربة الديمقراطية كاملة وخالية من العيوب وثوباً واحداً يمكن للجميع ارتداؤه، واجترار التجربة بعقلية التقليد الأعمى في بلدان تختلف ثقافتها وأوضاعها الاقتصادية وطبيعة شعوبها، ما أدى ويؤدي دائماً إلى مصائب رأى العالم شيئاً منها خلال العقدين الأخيرين، لا سيما في الوطن العربي.
في الختام، فإن وهم الثوب الواحد فقد بريقه يوماً بعد آخر بسبب التجارب السيئة لتطبيقه في دول كثيرة حول العالم، لذا فإن اللعب على وتر الديمقراطية في منطقتنا صار من الماضي، وقد استوعبت الشعوب أهمية الرفاه والاستقرار والأمن بعيداً عن القوالب الغربية، التي تعِدُ بالوصول إلى تلك الأهداف، التي تملكها الشعوب سلفاً، بالإضافة إلى مشاركتها السياسية المعتدلة، التي تهدف إلى تصحيح المسارات، دون صراخ ومناكفات وأزمات واستعراض.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة