بعد مرور عام من الحرب التي انفجرت في قلب إقليم الشرق الوسط وكانت بدايتها مستوطنات جنوب إسرائيل بعد تسلسل عناصر حركة حماس لها، اتسعت رقعة الحرب لتشمل كامل فلسطين: قطاع غزة والضفة الغربية، ثم خرجت النيران خارج فلسطين لتطول لبنان.
لذا كان علينا أن نلقي نظرة تحليلية واقعية بعيدا عن الشعارات الفارغة الحنجورية وبعيدا عن أي مزايدات، لنعلم أين تقف المنطقة الآن، وما المتوقع في ظل تصاعد الأحداث بشكل مرعب، بعد تأكيد إسرائيل مقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وتردد الأخبار من طهران عن تعيين هشام صفي الدين خلفا له.
بداية بعد تحقيق ضربة مباغتة لعناصر حركة حماس ضد الغلاف إسرائيل الجنوبي، وهو الأمر الذي لم يكبد الجيش الإسرائيلي على المستوى العسكري شيئا، كانت تلك النقطة أفضل طوق نجاة ألقي لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو له شخصيا ولدولته أيضا، فكلاهما دورة حياتهما لا تستمر دون حرب، فجاءت الفرصة على طبق من ذهب لنتنياهو للانتقام وبدعم غربي كامل، حتى أنهى نتنياهو فعليا الوجود العسكري لحركة حماس، وقسم غزة لنصفين، نصف شمالي حوله لمنطقة عازلة، ونصف جنوبي بات عبارة عن مقابر جماعية ومأساة إنسانية، وبالنسبة للضفة فهي تحت سيطرة إسرائيلية كاملة ولا وجود للسلطة الفلسطينية من الأساس.
ثم استدار نتنياهو تجاه الخطر الأكبر ألا وهو حزب الله، وهنا ظهر التفوق الاستخباراتي والتكنولوجي الإسرائيلي، بعد أن تمكنت إسرائيل خلال أسبوع واحد من تصفية جميع قادة حزب الله من الصف الأول وحتى الصف العاشر، وتصفية حتى العناصر المدنية التابعة له عبر «مجزرة بيجر»، ثم مجزرة "الهواتف اللاسلكية"، كي لا يتبقى لحزب الله سوى بعض العناصر التائهة بين شوارع الضاحية وجبال الجنوب، وهم لم يعودوا قادرين على التواصل مع أي شخص في الحزب أو غيره، وباتوا ينتظرون الموت كحال غيرهم.
كي تنهي إسرائيل أي خطر يهددها سواء كان على جبهتها الجنوبية أم الشمالية، بات السؤال الأهم يطرح نفسه الآن، وهو: كيف سيكون رد فعل إيران بعد تصفية ذراعه الأهم بالإقليم "حزب الله" ومقتل حسن نصر الله نفسه الذراع الطولى للمرشد الإيراني؟
وهل ستكون هناك ردة فعل لإيران أصلا، أم ستكتفي بنعي نصر الله والتوعد بالانتقام له، كما فعلت مع إسماعيل هنية الذي اغتيل في قلب طهران، ومع كل من تم اغتيالهم على مدار الشهور الماضية؟
وفي الجانب المقابل: هل ستكتفي إسرائيل بذلك أم تشن غاراتها على باقي التنظيمات المماثلة في سوريا والعراق، ومن ثم فتح جبهة مباشرة مع إيران، وتصفية نظام الملالي على غرار نفس طريقة تصفية حزب الله؟ وهل تذهب لحرب مباشرة مع إيران، على الرغم من أن كل المعطيات والأحداث الأخيرة تؤكد مدى اختراق إسرائيل كافة أروقة نظام الملالي بطهران، وهشاشة إيران أمام الموساد، ولنا في اغتيال إسماعيل هنية بغرفة نومه في مبنى تابع للحرس الثوري بقلب طهران مثال؟
أخيراً وليس آخر: يبدو أن الأيام المقبلة ستكون حُبلى بالمفاجآت، وستكشف لنا ما كان يحدث في الكواليس الأيام الماضية، وسواء كانت إيران باعت حسن نصر الله لإسرائيل مقابل برنامجها النووي أم لا، ففي كل الحالات نظام الملالي فقد هيبته بالداخل الإيراني وفي الخارج، وكل ما حدث خلال الأسابيع الماضية هو بداية سقوط نظام المرشد الذي هبط على المنطقة قادما من باريس سنة 1979م لأسباب باتت تتجلى لنا اليوم، بعد أن حل الخراب والدمار على العديد من دول المنطقة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة