تغيرت قطر فهي ليست كما كانت قبل المقاطعة حتى وإن ظلوا يرددون كذباً غير ذلك
خلال الفترة التي سبقت الأزمة، لن أقول الخليجية كما يسميها البعض بل اسميها - أزمة قطر- فهي التي وضعت نفسها في أزمة عرفت كيف تدخل فيها لكنها لم تعرف كيفية الخروج منها، هنا أيضا لا أعني عدم معرفة الحل أيضا، فهي تعلم وتدرك بأن الحل في الرياض لكنها أضاعت السبيل إلى ذلك الحل، فعِوضاً من أن تأخذ أقرب مسافة بين نقطتين الدوحة – الرياض أخذت في رسم خط متعرّج لا تعلم إلى أين سيفضي بها.
شواهد التغير والتغيير تشير إلى أن قطر بعد أن كانت توجّه خطاباتها لدول العالم والمنظمات الدولية أصبحت توجّه خطابها لدول المقاطعة، وبعد أن كانت قطر ذاك الثعلب المارق صارت ذاك الحمل الوديع الذي يستورد البقر علّه يستطيع سد احتياجاته من اللبن.
لا شك في أن دول المقاطعة أرادت من قطر أن تتغيّر لكن من دون أن تقوم تلك الدول بإنشاء أكاديمية للتغيير، ودون أن تستهدف أبناء قطر وتجنّدهم من أجل أن يقودوا المظاهرات لقلب نظام الحكم، أيضا من دون أن تحتضن تلك الدول معارضين قطريين، ومن دون أن تسلّط وسائل إعلامها والمرتزقة لمهاجمة قطر ومن دون أن تتآمر على الجارة الصغيرة قطر.
العلاج المثالي للحالة التي كانت تمر بها قطر، مثلما ارتأته الدول التي أرادت إصلاح سوء السلوك القطري، كان هو مقاطعة سيئة السلوك والمنهج، إذ من غير المنطقي الاستمرار في علاقات طبيعية مع دولة أظهرت التسريبات التي اعترف بها حمد بن جاسم حتى وإن كان تدارك زلة اللسان حين قال "جزءا كبيرا منها" في برنامجهم المسمى بـ "الحقيقة" وهو يخلو من أي حقيقة.
من يتمعّن في خط سير المقاطعة وآثارها الجانبية في رحلة التغيير في السلوك القطري؛ الذي كان في ظاهره خطابات متكررة من تميم ووزير خارجيته وصولا إلى أحد الحمدين مروراً بحامل حقائب الأموال القذرة خالد العطية، سيدرك حجم الألم والارتباك الذي يعانيه النظام القطري الذي لا يفتأ أن يردد بأنه لم يتأثر من المقاطعة، وهو يدرك أن الشعب القطري والمقيمين في قطر يعلمون أن تلك الخطابات كاذبة، فالأسواق تعاني من ركود بسبب قلة توفر مواد البناء علاوة على نقص الأيدي العاملة نظرا لمنع بعض الدول تصدير الأيدي العاملة منها إلى قطر لرفضها التعامل مع نظام ظهر للعالم أجمع أنه يدعم ويموّل الإرهاب.
عندما أُسقِط بين يدي النظام القطري، وأدرك عدم جدوى تلك الخطابات المتكررة أراد الاستعانة بخطاب عاطفي -عل العاطفة تنجح عندما فشل العقل- تغلّفه عبرات ودموع عنوانها اللعب بعواطف شعب قطر والمقيمين فيها، فكان خطاب موزة المسند الذي لم يزد النظام القطري إلا إثباتاً آخر على فشله في الإقناع بأنه على صواب ودول المقاطعة على خطأ.
شواهد التغير والتغيير تشير إلى أن قطر بعد أن كانت توجّه خطاباتها لدول العالم والمنظمات الدولية أصبحت توجّه خطابها لدول المقاطعة، وبعد أن كانت قطر ذاك الثعلب المارق؛ صارت ذاك الحمل الوديع الذي يستورد البقر علّه يستطيع سد احتياجاته من اللبن.
وبعد أن كان الحصول على تأشيرة للعمل في قطر حلماً أصبح حقيقة ومن دون تأشيرة، وبعد المقاطعة توقف القرضاوي عن خطبه التحريضية والمعادية لدول يفترض أنها دول عربية وإسلامية؛ فضلا عن أنها دول شقيقة، كما استقرت العراق ووصلت لمرحلة التحرير الأخير من براثن الجماعات المتطرفة التي تموّلها قطر بغطاء تحرير الرهائن.
وعلى الساحة الفلسطينية فقد وصلت السلطة الفلسطينية إلى توافق مع حركة حماس- التي كانت تدعمها قطر- كي تكون خنجراً في خاصرة أي تطور إيجابي نحو حل القضية.
وفي سوريا نجد أن المعارضة توحّدت وصارت في خندق واحد بعد أن كانت قطر تسعى إلى عدم الوصول لتوافق سوري كي تطيل الأزمة وأن لا يكون مطروحاً إلا الحل العسكري الذي كانت تسعى له وبقوة.
تغيرت قطر فهي ليست كما كانت قبل المقاطعة حتى وإن ظلوا يرددون كذباً غير ذلك، وبعد أن كانت لا تحتاج لأحد أصبحت في حاجة للجميع، وها هي تعرض على الكويت عرضا للمشاركة في استضافة كأس العالم 2022، فهو أيضا تغيير يعطي درساً للدوحة بأنها في يوم من الأيام ستحتاج لأشقائها على الرغم من تصريحات تميم " نحن أفضل حالاً من دونهم" وقد خسرت قطر ثلاثة منهم -خليجياً- فماذا لو خسرت البقية؟.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة