انفراجة أم انهيار.. هل يقود الانفجار لتعاطف دولي مع اقتصاد لبنان؟
البنك الدولي يقول إنه مستعد لإجراء تقييم سريع للأضرار وحاجات لبنان في أعقاب انفجار مرفأ بيروت.
في خضم الأزمة الاقتصادية التي يرزح تحتها لبنان ومفاوضاته المتعثرة مع صندوق النقد الدولي أتى انفجار بيروت ليزيد الأمور تعقيدا، ويطرح علامة استفهام حول مصير هذه المفاوضات بعدما برز تعاطف دولي مع لبنان، وكيف يمكن أن تؤثر عليها، خاصة وأن الصندوق كان يربط المساعدات بالإصلاحات.
لكن المؤشرات بدأت تلوح في الأفق حيث أعرب البنك الدولي مساء الأربعاء، أنه منفتح على العمل مع شركاء لبنان لتعبئة دعم مالي عام وخاص لإعادة الإعمار . كما أن الدعم الأمريكي في وقت سابق يفسر الليونة التى جاءت في تصريحات صندوق النقد بشأن موقفه من لبنان عقب الانفجار.
- أرقام تلخص حال اقتصاد لبنان المرهق.. تقديرات رسمية لفاتورة الانفجار
- مرفأ بيروت.. عصب اقتصاد لبنان وضحية مليشيا حزب الله
ومع إجماع الخبراء على ضخامة الخسائر التي نتجت عن الانفجار، يتمايزون في مقاربة طبيعة المساعدات الدولية للبنان التي بدأ الإعلان عنها، مع تأكيدهم على أن هذا الأمر لا يمكن أن يؤدي إلى إسقاط شرط تطبيق الإصلاحات والتي ستطال بشكل أساسي المرفأ الذي لطالما كان يعرف بأنه بؤرة فساد ومركز للتهريب يسيطر عليه حزب الله.
وفيما ترى الخبيرة الاقتصادية فيوليت غزال أنه من المبكر تقدير حجم الخسائر التي نتجت عن انفجار بيروت، يقدرها الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة بحوالي مئة مليون دولار كخسائر مباشرة ومليارات الدولارات كخسائر غير مباشرة، مع إجماعهما على أن القسم الأكبر منها طال مرفأ بيروت الذي يشكل شريان التبادل التجاري بين لبنان والعالم.
- الأولوية للمساعدات الإنسانية
ويفصل عجاقة في حديث مع "العين الإخبارية" بين المساعدات الإنسانية وغير الإنسانية، مع تأكيده على أن الأولى لا بد أن تصل إلى لبنان وهي عبارة عن مساعدات عينية من الغذاء والأدوية وغيرها، لكنه يرى أن التعاطف الدولي لا يعني تغيرا في شروط المساعدات التي كان قد وضعها المجتمع الدولي وصندوق النقد الدولي في مفاوضاته مع لبنان والتي ترتكز بشكل أساسي على الإصلاحات. من هنا، يقول "يعني ذلك أننا عدنا إلى نقطة الصفر وعلى لبنان تطبيق الإصلاحات وإلا لن يحصل على الدعم".
في المقابل، تؤكد فيوليت غزال لـ"العين الاخبارية" أنه "يجب إجراء مسح شامل للأضرار خاصة أن الانفجار طال العاصمة أي المركز التجاري والمحيط وهو ما سيؤدي إلى شلل اقتصادي سيصيب ما تبقى من الدورة الاقتصادية".
وفيما تتوقف غزال عند المساعدات التي بدأت تصل إلى لبنان والتعاطف الدولي مع بلد يعاني أكبر أزمة اقتصادية في تاريخه، ترى أن هذا الأمر قد يفتح باب التعاطف على بيروت بعدما كانت معزولة من قبل المجتمع الدولي، مشيرة إلى موقف صندوق النقد الدولي الذي أبدى تعاطفه ووقوفه إلى جانب لبنان بعد الانفجار".
- ليونة في موقف صندوق النقد
ومن هنا ترجح غزال أنه "سيطرأ ما يشبه الليونة على موقف صندوق النقد تجاه لبنان مدفوع من موقف أمريكي مباشر خاصة بعدما كانت المعلومات قد أشارت إلى قرب التوصل إلى مرحلة توحيد ورقة الخسائر التي تقدمها الدولة اللبنانية للصندوق وهو ما قد يؤدي إلى إعادة استئناف المفاوضات وربما تقديم المساعدات وأيضا تحريك تلك التي كانت مقررة في مؤتمر سيدر عام 2018".
وترى أيضا أن زيارة الرئيس الفرنسي إلى لبنان الخميس ستعطي دفعا أيضا لعلاقات لبنان مع المجتمع الدولي وهو ما يعكس مدى إصرار الغرب على إبقاء لبنان ساحة استقرار، متوقعة أن يلي زيارة ماكرون زيارات لمسؤولين آخرين ما قد تؤدي نوعا ما إلى فك عزلة لبنان.
لكن هذا كله لا يعني سقوط شروط الإصلاح التي لطالما كان يؤكد عليها المجتمع الدولي في الفترة الأخيرة بشكل كامل، وفق ما يؤكد كل من غزال وعجاقة، وهو ما سينعكس بشكل أساسي على إعادة إعمار المرفأ.
وفيما يكتفي عجاقة بالقول: "إن إعادة إعمار المرفأ الذي تضرّر بنسبة 80% سيكون مشروطا بإصلاحات سياسية"، تقول غزال صراحة إن هذا المرفق المعروف بأنه خاضع لسلطة حزب الله لن يبقى كما هو في المرحلة المقبلة.
وتوضح غزال "يفترض أن يحصل تقييم دولي لحجم الخسائر وتحديد مكامن المساعدة وتحديدا في المرفأ المدمر الذي يعتبر شريان التبادل التجاري للبنان مع الخارج"، مضيفة " لكن ذلك سيكون ضمن ضوابط محددة لمنع استغلال أو استخدام المساعدات لتحصين مواقع أطراف معينة وقد يكون بإشراف دولي مباشر، وهو سيحدّ تلقائيا أي حصانة قد تمنح لحزب الله من أجل إعادة وضع يده على المرفأ أو تحسين مواقع له في داخله".
وتؤكد "لن يبقى مواقع خاصة لأي طرف والقرار يجب أن يكون بيد الدولة التي عليها أيضا أن تلعب دورا مفصليا في هذه المرحلة، وليس بيد حزب الله الذين لطالما كان يضع يده على المرفأ ويستخدمه من أجل نقل أسلحة أو بضائع لأن العملية ستكون تحت مجهر المجتمع الدولي ولن تكون متفلتة كما السابق".
- تعاطف دولي
وخلال الساعات القليلة الماضية عرضت الدول والمؤسسات الدولية مساعدة لبنان لمواجهة الوضع الراهن>
قالت مجموعة البنك الدولي الأربعاء إنها مستعدة لإجراء تقييم لأضرار وحاجات لبنان بعد الانفجار الذي دمر مرفأ بيروت، والعمل مع شركاء لبنان لتعبئة تمويل عام وخاص لإعادة الإعمار والتعافي.
وذكر البنك الدولي في بيان إنه "سيكون على استعداد أيضا لإعادة برمجة الموارد الحالية واستكشاف تمويل إضافي لدعم إعادة بناء الحياة ومصادر الرزق للناس الذين تأثروا بهذه الكارثة."
وفي سياق متصل، عرض وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو تقديم كافة أنواع الدعم للبنان في مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان الأربعاء إن بومبيو أعرب عن "التزامنا الثابت مساعدة الشعب اللبناني في مواجهته عواقب هذا الحدث المروع.. وشدد على تضامننا ودعمنا للشعب اللبناني في تطلعه لنيل العزة والازدهار والأمن الذي يستحقه".
وتحدث البيان عن "انفجار رهيب" من دون التطرق إلى أسبابه، على الرغم من إصرار الرئيس دونالد ترامب الثلاثاء على أنه كان هجومًا.
ولم يفصّل بومبيو كيف ستساعد الولايات المتحدة لبنان الذي يعاني بالفعل أزمة اقتصادية عميقة ويسعى للحصول على تمويل خارجي بأكثر من 20 مليار دولار.
وكانت الولايات المتحدة مترددة في دعم حزمة مساعدات من صندوق النقد الدولي للبنان، وأصرت على تنفيذ الإصلاحات وإقصاء حزب الله الموالي لإيران.