هل تفعلها الحكومة المصرية وتسيطر على "جنون" الدولار؟
ما الأسباب التى أدت إلى التراجع الاستثنائي للدولار أمام الجنيه المصري؟ وهل تستغل الحكومة المصرية الفرصة لتستكمل السيطرة على جنون الدولار؟
انخفاض الدولار في الأسواق العالمية أمام سلة العملات مسجلا أدني مستوى له في 3 أسابيع، مبادرة الغرف التجارية لوقف شراء العملة الأجنبية لمدة أسبوعين وترشيد الاستيراد لمدة 3 أشهر، أنباء عن قرب إصدار قرار للبنوك المصرية بعدم قبول ودائع العملة الأجنبية بدون وثائق تثبت الحصول عليها من مصادر مشروعة.. أي من هذه العوامل دفع الجنيه المصري للارتفاع لأعلى مستوى في 5 أسابيع بالسوق السوداء مع توقف شراء الدولار.
ورغم أن كل هذه العوامل مجتمعة يمكن أن تكون هي السبب وراء انهيار الدولار أمس الأربعاء أمام الجنيه المصري ليباع بين 12 و13 جنيها، وهو ما أثار التساؤلات وسط الشارع المصري حول دور الحكومة في السيطرة على الدولار، وإذا كانت بالفعل تملك الأدوات فلماذا تأخرت كل هذه الفترة حتى تجاوز الدولار حاجز الـ 18 جنيها، ويبقي السؤال الأهم هل ستوجه الحكومة اليوم الضربة القاضية للدولار بالمزيد من القرارات أم ستتركه ليلتقط أنفاسه ويعود مجدداً إلى الصعود؟.
وفي تعليقه على ما شهدته السوق الموازية وتوقعاته، قال علاء عز الأمين العام لاتحاد الغرف التجارية المصرية "الكل خائف حاليا... والناس يبيعون دولاراتهم حتى لا تكون في حوزتهم عندما ينخفض السعر."
وأضاف "فعلنا ما علينا كقطاع خاص ولا نستطيع فعل أي شئ آخر. ما ندعو إليه الآن هو أن يستخدم البنك المركزي المصري والحكومة أدواتهما في إطار سياسة مالية ونقدية معقولة."
وكان الهبوط الحاد في سعر الجنيه خلال الفترة الماضية قد أغضب المستوردين ودفعهم إلى التوقف عن النشاط التجاري، ودفع بعض الشركات الكبرى للتوقف عن شراء الدولارات بأسعار وصفتها بأنها ناجمة عن المضاربة خشية ألا تستطيع تمرير التكلفة إلى المستهلك النهائي المثقل بالأعباء.
ومع ارتفاع الجنيه المصري بنسبة 21% أمام الدولار أمس أدى ذلك إلى تغير في المعنويات إذ توقف الهبوط وتحولت العملة للصعود بين ليلة وضحاها بما يمنح البنك المركزي الفرصة لتعديل السعر الرسمي للجنيه إلى مستوى أكثر واقعية.
هل من فرصة لخفض قيمة العملة؟
في ظل عجز الموازنة الذي بلغ 12% في السنة المالية 2015-2016 وما تواجهه أسواق العملة من اختلالات حادة توصلت مصر إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي في أغسطس/ آب للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار لأجل 3 سنوات لدعم برنامج إصلاح اقتصادي.
وفي إطار تلك الإصلاحات من المتوقع أن تقوم مصر بتغيير نظام ربط عملتها لتحل محله آلية أكثر مرونة لسعر الصرف، وهو ما أعلن عنه يوم الثلاثاء رئيس الوزراء المصري، وهي خطوة يقول خبراء اقتصاد إنها ستعيد للأسواق توازنها وستساهم في تدفق استثمارات أجنبية بمليارات الدولارات.
ودعا أحد رجال الأعمال البنك المركزي إلى استغلال الفرصة لخفض قيمة الجنيه في ظل الوضع المواتي له بالسوق، قائلا "إذا لم تتدخل الحكومة في وقت قريب جدا سيرتفع السعر من جديد."
وحول أنباء عدم قبول البنوك المصرية للودائع بالعملة الأجنبية بدون وثائق تثبت الحصول عليها من مصادر مشروعة، أكد عدد من مسئولي البنوك أنهم لم يتلقوا بعد تعليمات رسمية من البنك المركزي للبدء في تطبيق ذلك.
وقال ألين سانديب مدير الأبحاث لدى نعيم للسمسرة في تصريحات صحفية "التراجع في السوق السوداء كان مبنيا على التكهنات ونعتقد أن السعر ينبغي أن يستقر حول 11 إلى 12" جنيها.
وكان اتحاد الغرف التجارية، قد أطلق السبت الماضي، مبادرة لوقف شراء العملة الأجنبية لمدة أسبوعين، وترشيد الاستيراد لمدة 3 أشهر وقصره على احتياجات الأسواق الفعلية، من السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج للمصانع التي ليس لديها مخزون أو بديل محلى، بهدف الحد من الطلب على النقد الأجنبي والمعاونة في استقرار سعر الصرف.
وأكد أحمد الوكيل رئيس اتحاد الغرف التجارية أن المبادرة ساهمت في خفض سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الجنيه في السوق السوداء بقيمة تصل إلى أكثر من 6 جنيهات خلال يومين فقط ليصل إلى 12 جنيها، مشيرًا إلى انه يجب أن تستمر المبادرة في الضغط على المضاربين بالدولار خلال الفترة الحالية.
ويرى الخبراء الاقتصادين أن السعر العادل للجنيه أمام الدولار ما بين 12:13 جنيه، مؤكدين أن ما يحدث ما هو إلا عملية مضاربات لا تعبر عن السعر الحقيقي للجنيه أمام الدولار.
وأكد أحمد نيازى، عضو غرفة شعبة الصرافة، أنه لم يحدث شراء للدولار على الإطلاق، مساء أمس الأربعاء أو اليوم ترقبا للقرارات التي يمكن أن يصدرها البنك المركزي، موضحا أن الكل باع فقط بسبب انخفاض سعر صرفه مقابل الجنيه، مشيرًا إلى أن سعر الدولار بالسوق السوداء تراوح أمس بين 12 و13 جنيهًا، متوقعا أن تنخفض الأسعار مجدداً لتصل ما بين 11 و12 جنيها للدولار.
وحول تأثير تراجع الدولار على أسعار السلع، أكد الدكتور علاء عز أن هناك سلعا أصيبت بجنون في أسعارها، مضيفا :" الارتفاع الجنوني لهذه السلع ليس له أي أساس علمي وبالتالي ستشهد تراجعا في الأسعار خلال الفترة القادمة".
وأوضح أن ما حدث للدولار سواء من ارتفاع أو انهيار لم يحدث في أي دولة للعالم على الإطلاق، ناصحا المواطن بتأجيل عمليات الشراء للسلع غير الاستراتيجية.
أما علاء السبع، عضو الشعبة العامة للسيارات باتحاد الغرف التجارية، فأكد في اتصال هاتفي ببرنامج كل يوم على قناة on e أن شركته قررت تخفيض سعر السيارات التي جاءت عليها زيادة أمس، وذلك من اليوم، وسيتم التخفيض على السيارات بمبالغ من 20 إلى 30 ألف جنيه للسيارات التي تتراوح أسعارها بين 100 و350 ألف جنيه، وذلك بمعدل ما يوازي من 7 إلى 10 % تقريبا.
كما أبلغت شركة حديد عز التجار بتراجعها عن قرار زيادة الأسعار بـ 1200 جنيها بداية من نوفمبر الجاري، وأرجعت ذلك إلى التراجع الذي يشهده الدولار في السوق الموازية.
وشهدت بعض أسعار السلع الخميس في الأسواق المصرية تراجعا في استجابة سريعة لما شهده سوق الدولار، حيث تراجعت أسعار السجائر والتي شهدت ارتفاعا مبالغا فيه خلال الفترة الماضية، ومن المنتظر أن يمتد التأثير إلى سلع أخري خلال اليوم.