هل يُصبح البحر الأبيض المتوسط مركزاً للطاقة المتجددة في أوروبا؟
جزيرة مايوركا الإسبانية مركز واعد لإنتاج الهيدروجين الأخضر
جزيرة مايوركا بالبحر الأبيض المتوسط لا تنعم بأشعة الشمس فحسب، بل تُسخر طاقتها لإنشاء اقتصاد دائري مدعوم بالكامل بالهيدروجين الأخضر.
هذا ليس حلمًا بعيدًا، بل هو مشروع حقيقي يجري تنفيذه بدعم من شركة الطاقة المتجددة العملاقة أكسيونا إنيرجيا.
مشروع الهيدروجين الأخضر
قد يتعجب السائحون في جزيرة مايوركا الإسبانية الآن من عامل الجذب الجديد الذي ينشط بالكامل بالهيدروجين الأخضر- إذ يتم إنتاج الهيدروجين الأخضر من خلال أول مصنع في جنوب أوروبا، يعمل من خلال محطتين للطاقة الشمسية بقدرة 8.5 ميغاوات و5.85 ميغاوات على التوالي، وبتكلفة تبلغ أكثر من 50 مليون يورو (82.6 مليون دولار) من التمويل الخاص والعام، بالإضافة إلى 10 ملايين يورو من الاتحاد الأوروبي.
يستند مشروع الهيدروجين الأخضر إلى تشغيل 'المحلل الكهربائي'، الذي يقسم الماء إلى أكسجين وهيدروجين، وينتج وقودًا خاليًا من الكربون له استخدامات لا تعد ولا تحصى، مثل، استخدام الطاقة المنتجة للتدفئة والكهرباء فضلًا عن تشغيل الحافلات.
ومن ثمَّ، أصبحت هذه العناصر -الشمس والماء والكهرباء وحتى خدمة الحافلات- الآن مركزًا لعرض جريء يضع مايوركا في طليعة ثورة المناخ، كقائد عالمي في السباق نحو صافي الانبعاثات الصفرية.
إسبانيا نموذجًا
تسعى بعض الدول الأوروبية التحرك بشكل أسرع نحو الطاقة النظيفة؛ لعدم القدرة على الاستمرار في الاعتماد على الوقود المستورد عالي التكلفة. وعلى إثر ذلك، فقد شرعت إسبانيا في السنوات الأخيرة، في تنفيذ استراتيجيات وطنية طموحة، تهدف إلى تحويل شبه الجزيرة الأيبيرية إلى مركز للهيدروجين الأخضر. وتُظهر القدرات الشمسية في إسبانيا إمكانات هائلة، حيث تعتبر البلاد معيارًا في مجال الطاقات المتجددة، وتدين إسبانيا بجزء من نجاحها في هذا القطاع إلى موقعها الجغرافي الاستراتيجي المتميز على مفترق الطرق بين ثلاث قارات، وإلى الثروة الطبيعية التي تتمتع بها أراضيها. فإنها ليست غنية بمكامن النفط أو الغاز أو الذهب، ولكنها تتمتع بساعات من ضوء الشمس أكثر من أي دولة أخرى عضو في الاتحاد الأوروبي، إذ تتمتع البلاد بمتوسط يومي يبلغ 4.6 كيلووات/ساعة من ضوء الشمس لكل متر مربع. فضلًا عن أنها واحدة من أكبر رواسب الليثيوم في القارة وتتمتع بالظروف المثالية لتسخير طاقة الرياح والمياه.
ومن هذا المنطلق؛ فإن إسبانيا تُعُّد الدولة الأوروبية صاحبة ثالث أعلى قدرة على توليد الطاقة المتجددة. علاوة على ذلك، فهي تحتل المرتبة 11 من حيث أقل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لكل فرد والمرتبة 14 الأكثر استدامة في العالم، وفقًا لأحدث مؤشر للأداء البيئي الصادر عن جامعة ييل.
تحديات إنتاج الهيدروجين الأخضر
نجد أن الطريق إلى مستقبل خالٍ من الكربون لا يخلو من العقبات فحسب، بل يواجه بالفعل انتكاسات. ولا سيما في مشروع جزيرة مايوركا؛ إذ لا بد من سحب المُحلل الكهربائي -وهو أحد العناصر الحاسمة في المشروع- بسبب وجود عيب في التصميم. وبينما يجادل النقاد بأن الهيدروجين الأخضر أصبح الآن أكثر تكلفة بكثير من الوقود الأحفوري التقليدي، يعتقد العديد من أنصاره أن فوائده طويلة المدى تجعله استثمارًا مفيدًا.
علاوة على ذلك، تضاءل الحماس للمشروع إلى حد ما مع التغيير في الحكومة المحلية؛ حيث تبدو الإدارة الجديدة أقل ميلاً إلى دفع حدود الطاقة المتجددة.
السياق الأوسع
ومع ذلك، فإن هذه التحديات لا تقلل من قدرة منطقة البحر الأبيض المتوسط على التحول إلى قوة هيدروجينية خضراء لأوروبا؛ إذ يُعد هذا المشروع جزءًا من جهد عالمي أوسع لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة - وهي مهمة تتضمن التخلص التدريجي من الفحم، والحد من إزالة الغابات، وزيادة كبيرة في نمو الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وتشكل مثل هذه المخططات أهمية بالغة للعديد من الدول الأوروبية، لاسيما ألمانيا، إذ تحتاج ألمانيا إلى بناء شراكات حقيقية. إذا سارت الأمور كما هو مخطط لها وتسارعت وتيرة الدينامو في جنوب أوروبا، فإن مناطق مثل مايوركا سوف تعج ليس فقط بشواطئها وحياتها الليلية، بل أيضًا بالطاقة التي تولدها مُحللات الهيدروجين الكهربائية.
aXA6IDMuMjEuMjQ4LjEwNSA= جزيرة ام اند امز