وفرة المياه ونقص الطاقة.. الهيدروجين يحل المعادلة الصعبة في ليسوتو
تتمتع ليسوتو بوفرة كبيرة في المياه، إلا أن المملكة الصغيرة، الواقعة في جنوب القارة الأفريقية، بدأت تعاني نقصاً في مصادر الطاقة.
بينما تتميز ليسوتو، ذات الطبيعة الجبلية، بوفرة في موارد المياه، ذلك المركب الكيميائي المكون من عنصري الهيدروجين والأكسجين، وهو المورد الأكثر وفرة على سطح الأرض، يسود تساؤل جوهري: "ما الذي تستطيع أن تفعله دولة ليسوتو بمواردها المائية؟".
في سبيل التوصل إلى حل لهذه المعادلة الصعبة، أعلنت مملكة ليسوتو عن تنظيم أول مؤتمر ومعرض من نوعه حول المياه والهيدروجين في مستقبل رقمي، في العاصمة ماسيرو، على مدار يومي 12 و13 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
4 محاور على أجندة مؤتمر المياه والهيدروجين
جرت فعاليات افتتاح المؤتمر، الذي تنظمه وزارة الموارد الطبيعية، اليوم الخميس، بحضور الملك ليتسي الثالث، ملك ليسوتو، ورئيس الوزراء صامويل ماتيكاني، وتستمر جلسات المؤتمر والمعرض على مدار يومين، لمناقشة أربعة محاور رئيسية:
- يتعلق المحور الأول بموضوع الماء والهيدروجين والتكنولوجيا الرقمية من أجل الحياة، بهدف ضمان الوصول إلى الخدمات المناسبة للمياه بنسبة 100%، سواء للحياة البشرية أو غير البشرية.
- ويتناول المحور الثاني الماء والهيدروجين والتكنولوجيا الرقمية من أجل النمو الأخضر والتنمية، بهدف تطوير الفرص التي يمكن أن تتيحها موارد المياه للانتقال نحو الاقتصاد الأخضر.
- أما المحور الثالث للمؤتمر الأول حول المياه والهيدروجين في مستقبل رقمي بدولة لسوتو، فيتعلق بتنمية رأس المال البشري، من بناء القدرات والمهارات للشباب، وتمكينهم من المشاركة في الاقتصاد الجديد.
- يتضمن المحور الرابع والأخير، موضوع المياه والهيدروجين والتكنولوجيا الرقمية من أجل التنمية الإقليمية، بهدف دعم دور مملكة ليسوتو في تأمين المياه لجيرانها من دول المنطقة.
وجاء في بيان صدر عن حكومة ليسوتو، قبل قليل من انطلاق الجلسة الافتتاحية، أن المشاركين بدأوا في التوافد على مقر انعقاد المؤتمر والمعرض الأول للمياه والهيدروجين، في العاصمة ماسيرو، في "يوم خميس هادئ وممطر"، مشيراً إلى أن المؤتمر، الذي تنظمه وزارة الموارد الطبيعية، بالتعاون مع مؤسسة "الماء هو الحياة" (Metsi ke Bophelo)، يستمر على مدار يومين.
مشاركة واسعة لمشروعات المياه والطاقة المتجددة
وأضاف البيان، الذي حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، أن الكثيرين من المشاركين، الذين توافدوا على مقر انعقاد المؤتمر يرتدون الملابس التي تعبر عن خلفياتهم الثقافية والتجارية المختلفة، أعربوا عن حرصهم على إلقاء نظرة ثاقبة حول الطبيعة الجوهرية للمياه، التي تشغل أكثر من 70% من سطح الأرض.
ولفت البيان إلى مشاركة العديد من المشروعات وأصحاب الشركات العاملة في قطاع المياه والطاقة المتجددة والأراضي الرطبة، بالإضافة إلى ممثلين عن منظمات المجتمع المدني، الذي يعتبرون أن المياه أحد الموارد الطبيعية المهمة للحياة وللتنمية.
- أنابيب الهيدروجين.. "العين الإخبارية" تتبع خطوط نقل الطاقة النظيفة في العالم
- جيوش معركة تغير المناخ.. أكبر شركات الطاقة المتجددة في العالم
كما يأتي المؤتمر، الذي يتضمن استعراض عدد من الحلول غير التقليدية لإنتاج الطاقة باستخدام الهيدروجين، ضمن جهود المملكة الأفريقية الصغيرة لتحقيق أكبر قدر من الأمن في مجالي المياه والطاقة، بالاستفادة من التكنولوجيا الرقمية، وتعزيز الاستثمار في رأس المال البشري.
وتشمل القضايا التي ستتم مناقشتها خلال المؤتمر والمعرض، موضوعات المياه والهيدروجين والتكنولوجيا الرقمية للأمن الغذائي والنساء والشباب في مجال المياه.
يأتي انعقاد مؤتمر المياه والهيدروجين الأول في ليسوتو بعد نحو 5 أشهر من إطلاق رئيس الوزراء، صامويل ماتيكاني، ورئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، المرحلة الثانية من مشروع مياه مرتفعات ليسوتو، بهدف تلبية احتياجات المملكة الأفريقية الصغيرة من مصادر الطاقة، بالإضافة إلى تعزيز الأمن المائي في جنوب أفريقيا، التي تحيط بمملكة ليسوتو من كافة الاتجاهات.
شبكة من السدود لتخزين المياه وتوليد الطاقة
ويهدف مشروع توفير المياه والطاقة في ليسوتو، إلى تزويد المناطق قليلة المطر في جنوب أفريقيا بالمياه، لحمايتها من وقوع كارثة مناخية، ومنها مقاطعة "غاوتينغ" (Gauteng)، التي تضم مدينة جوهانسبرغ، بالإضافة إلى توليد الطاقة الكهرومائية النظيفة، باستخدام العديد من السدود في ليسوتو.
ومنذ تسعينيات القرن الماضي، بدأت ليسوتو في إنشاء شبكة من السدود الضخمة، لحفظ مواردها من المياه، من خلال تطويق روافد الأنهار وإعادة توجيهها نحو بحيرات شاسعة، ضمن مشروع مياه ليسوتو، للحفاظ على حياة عشرات الملايين من السكان على امتداد حوض نهر "أورانج" في جنوب أفريقيا.
وتوجد محطة الطاقة الرئيسية على سد "كاتسي"، الذي يبلغ ارتفاعه حوالي 185 متراً، وتبلغ قدرتها الإنتاجية حوالي 72 ميغاواط، إلا أن الدولة الأفريقية الصغيرة تحتاج إلى ما بين 50 و60 ميغاواط إضافية، مما يتوجب على الحكومة التحرك بسرعة لتأمين احتياجات البلاد من الطاقة النظيفة.
ووقعت حكومتا ليسوتو وجنوب أفريقيا اتفاقاً يقضي بقيام الدولة الصغيرة بتزويد جارتها التي تحيط بها من جميع الاتجاهات، بالمياه بمقابل مادي، يحقق لمملكة ليسوتو حوالي مليون و300 ألف يورو شهرياً، إلا أن ماسيرو تنظر لهذا الاتفاق بأنه لا يراعي انخفاض أسعار العملات، نتيجة التضخم العالمي، حتى أصبحت أسعار المياه التي تحصل عليها ليسوتو أقل من سعر السوق.