مصيبة "الإخوان" كبيرة وهم معذورون، ولدى تطبيق معيار "من مع من"، فلا بد من أن يكونوا مع داعمهم وممول جرائمهم قطر.
الفكرة هي الأصل، والمبدأ الأول، ومنظومة القيم، ومعيار «من مع من» يقول كل شيء، ويكشف كل شيء، وفي المحصلة النهائية، فليست مع الدوحة وطهران وأنقرة إلا النطيحة والمتردية وما أكل السبع، ما أكل السبع قبل الأزمة الراهنة وبعدها.
في ميزان الأحداث السياسية ما يندرج في المساوئ أو المحاسن، ومن الميزات النادرة لأزمة قطر أنها توجت مرحلة فرز أو فضح كبرى أو أدت إليها، الأمر الذي أنتج معياراً جديداً ذا شأن في قياس التأثير ومعرفة مفترقات الطرق، أداة فعالة يمكن أن نسميها معيار «من مع من»، حيث حدثت وتألفت اصطفافات ما كانت لتظهر بهذا الشكل الواضح المبين، والسبب أن هذه الأزمة، بسبب من طبيعتها التي لا تحتمل الوقوف في منتصف المسافة، كشفت المستور، وأنتجت واقعاً جديداً محدد الأطراف كالدبوس، حيث لا مهادنة أو محاولة تحميل، وحيث الحدث وهو حدث انقسام بامتياز يقول بصوت عالٍ إنه هنا، وبتلقائية شديدة، اصطفت أنظمة ومحاور وتيارات وأشخاص، وعبرت عن ذلك واجهات سياسية ووسائل إعلامية عُد بعضها أبواقاً، وهذا طبيعي حين يعهد به إلى مرتزقة وأصوات مأجورة لا تنتصر للمبدأ، وإنما تنتصر لمن يدفع أكثر «ومن يدفع راتبي أقول له يا عمي».
الفكرة هي الأصل، والمبدأ الأول، ومنظومة القيم، ومعيار «من مع من» يقول كل شيء، ويكشف كل شيء، وفي المحصلة النهائية، فليست مع الدوحة وطهران وأنقرة إلا النطيحة والمتردية وما أكل السبع، ما أكل السبع قبل الأزمة الراهنة وبعدها.
لقد رأينا تحولات هؤلاء بأم أعيننا في أزمنة قصيرة، ورأينا غيرهم يتبدل تبدلاً دراماتيكياً لا بسبب أنه لم يكن كذلك من قبل، لكن بسبب أن المرحلة لم تكن تتيح له ذلك، مرحلة يمكن أن يكون عنوانها «أرى تحت الرماد وميض نار»، وهي التي استغرقت وقت الخليجيين والعرب وصولاً إلى اتفاقي الرياض والرياض التكميلي، وكانت ذروتها قمة الدوحة التي أريد أن تكون تاريخية، لكن وميض النار الذي كان تحت الرماد ظهر وكان له ضرام.
ظهرت أزمة قطر جهاراً نهاراً في شكلها الحالي بعد أكذوبة قرصنة وكالة الأنباء القطرية التي كشفت عن وضع قطري داخلي هش، وبعد عتاب داخلي قوي بين الأمير الأب والأمير الابن تم الاتفاق على بث خبر مؤداه أولاً أن الوكالة القطرية تعرضت لقرصنة، وبعد استشارة مستشاري السوء قيل إن «دول الحصار» هي التي قرصنت وفبركت، وذلك، ويا للنكتة، لإحراج قطر وتميم.
تلك كانت لحظة الاصطفاف، التي كانت لها إرهاصاتها، وإن بدت أنها ابنة التو واللحظة، فماذا يفعل القرضاوي زعيم تنظيم الإخوان المسلمين وهو معلم حمد بن خليفة، وقد نشأ الأخير، مؤسس تنظيم الحمدين الموازي، والقرضاوي إمام مسجد أبيه خليفة بن حمد، رحمه الله؟
أين يكون القرضاوي.. مع تاريخه ومدرسته الأولى أم مع محور يعلن جهاراً ونهاراً أنه معادٍ للدول الخليجية المحيطة بقطر، الإمارات والسعودية والبحرين؟ وهل يكون مع مصر المنتصرة عليه وعلى تنظيمه الدولي الذي انتظر ثمانين عاماً حتى يحكمها، ثم لما تكشفت أطماعه عاد إلى جحره المظلم الأبدي من دون أن يحتفل بـ«أول سنة سياسة وحكماً»؟
مصيبة «الإخوان» كبيرة وهم معذورون، ولدى تطبيق معيار «من مع من»، فلا بد من أن يكونوا مع داعمهم وممول جرائمهم قطر.
وتحدث اتفاق الرياض التكميلي عن ضرورة أن تطرد قطر المعارضات الخليجية التي تحتضنها، سواء في الدوحة أو تركيا أو بريطانيا أو غيرها، وكذلك فلول «الإخوان» وداعش والقاعدة وسواها من الجماعات الإسلامية المتطرفة، وكان رجل مثل الإرهابي وجدي غنيم مشمولاً، فأين يكون هو وأمثاله، مع محور الدول الأربع الداعية إلى مكافحة الإرهاب أم مع قطر؟ لو طبق معيار «من مع من»، فإن وجدي غنيم الذي اضطرت قطر إلى نقله من الدوحة إلى إسطنبول، اصطف بعد الأزمة جهاراً نهاراً إلى محور الشر وقطر أحد أطرافه، وفي الأيام الأولى لبدء نشاطه في تركيا بث شريطين يؤيد فيهما تنظيم داعش الإرهابي في حرق أسيرها الطيار الأردني معاذ الكساسبة، وذبح «داعش» الأقباط المصريين في ليبيا. نعم هذا الإرهابي المتوحش يمول من المال العام القطري.
كذلك الشأن مع رجل مثل المدعو عزمي بشارة وصبيته. بعد خروجه من الأرض المحتلة حاول الإقامة في الإمارات، ولم يجد إلى ذلك سبيلاً، لأن الإمارات عرفته جيداً، ورحبت به قطر، لأن قطر عرفته جيداً، فمع من يكون عزمي بشارة مع تطبيق معيار «من مع من»؟
ومع من تكون الجوقة المعلومة من جمال ريان إلى توكل كرمان؟ قضية بهذه الهشاشة تستدعي مطلبين بهذا الضعف.
كل قليلي الذكاء وعديمي الأخلاق مع محور الشر الذي تشكل عبر زمن طويل، وجسده في منطقتنا واشتغل عليه حمد بن خليفه منذ انقلابه على أبيه، ثم التعميم عليه في «الإنتربول»، مسلماً عقله وعنقه ومقدرات قطر لتنظيم الإخوان والتنظيمات الإرهابية التي عاثت في الأرض فساداً، ومتعاملاً مع شعبه بأسوأ المعاملة، على صعد الحياة والكرامة والحريات.
فمن مع من في قطر؟ ومع من شرفاء قطر وقد أدخلهم هذا النظام المهترئ في هذه العزلة؟
من مع من حين تكون السعودية والإمارات والبحرين ومصر طرفاً وقطر طرفاً ثانياً؟
ومع من تكون داعش والقاعدة وسواهما؟ مع من يدعمهما في السر ويدعمهما إعلامياً في العلن. قطر ووسائل إعلامها تفضل لداعش اسم الدلع «تنظيم الدولة» أو تنظيم الدولة الإسلامية «وتبرر بأن داعش غيرت اسمها، فإذا كنت يا جارة السوء قطر ملتزمة بحفظ الأسماء وردها إلى أصحابها، فما لك تطلقين على التحالف العربي الذي طردت منه وصف «التحالف السعودي الإماراتي»؟
لدى تطبيق معيار «من مع من» فقد أصبت في هذه: نعم هو التحالف السعودي الإماراتي، التحالف الذي لا بد أن يكون هذا مكانه وهذه مكانته، والذي يقود اليوم محور الخير في منطقتنا ووطننا العربي بأكمله.
ومن طهران إلى أردوغان يشير معيار «من مع من» إلى حقائق راسخة لا يمكن أن ينكرها ذو عقل: اصطفاف الدوحة وطهران وأنقرة طبيعي، وكذلك اصطفاف أولئك مع مليشيا الحوثي الإيرانية الإرهابية في اليمن، ومع ما يسمى «حزب الله» الإيراني الإرهابي في لبنان.
الفكرة هي الأصل، والمبدأ الأول، ومنظومة القيم، ومعيار «من مع من» يقول كل شيء، ويكشف كل شيء، وفي المحصلة النهائية، فليست مع الدوحة وطهران وأنقرة إلا النطيحة والمتردية وما أكل السبع، ما أكل السبع قبل الأزمة الراهنة وبعدها.
نقلاً عن. "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة