أحلام «أردوغان» تحطمت على صخرة ثورة الشعب المصرى العظيمة فى 30 يونيو/حزيران 2013.
ما هو سر كراهية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لكل من الرئيس السيسي، والشيخ محمد بن زايد، والأمير محمد بن سلمان؟
لماذا يبذل كل هذه الجهود لتشويه سمعتهم ومحاربتهم والإساءة لهم مهما كانت التكاليف؟
الإجابة المباشرة الأكثر احتراماً أنه خلاف أيديولوجى فكري، لكن الحقيقة أعمق والوقائع أكثر فظاعة.
خلاف «أردوغان» مع ثلاثتهم له قصة مختلفة التفاصيل مع كل واحد منهم.
تعالوا نلخص كل واحدة على حدة.
نبدأ اليوم بسر كراهية الرئيس التركي للرئيس عبدالفتاح السيسي.
تبدأ القصة حينما بدأ رجب طيب أردوغان يشكل في يناير/كانون الثاني 2008 أول لوبي تركي فعال في واشنطن بهدف التأثير على إدارة الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما.
كان الهدف من اللوبي الذي رُصدت له أموال طائلة 4 أمور:
1- التسويق للدور السياسي لشخص رجب طيب أردوغان كشخصية عالمية.
2- تسويق مبدأ أن تركيا هي القوة الإقليمية العظمى المقبولة من كل أطراف منطقة الشرق الأوسط التي يمكن أن تعتمد عليها واشنطن كنقطة ارتكاز أساسية، على أساس أن كلاً من مصر وإيران وإسرائيل لديها مشاكل مختلفة لا تؤهلها -حينئذ- للعب هذا الدور.
3- أن تركيا، تحت قيادة حزب العدالة والتنمية، تستطيع أن تلعب دورها في المحيط الأوروبي، وأن «واشنطن» تستطيع أن تدعم القبول الكامل لعضويتها في الاتحاد الأوروبي.
4- أن تركيا من خلال نموها الاقتصادي واتفاقاتها الأمنية مع «واشنطن» و«تل أبيب» واتفاقاتها التجارية مع روسيا وإيران ووجود قاعدة «أنجرليك» الأمريكية، قادرة على أن تكون «الكنز الاستراتيجي» الذي يمكن لإدارة الرئيس أوباما أن تعتمد عليه.
وجاء اللقاء الأول بين «أردوغان» و«أوباما» ليبدأ الرجل في تسويق فكرة قديمة جديدة تسيطر عليه وهي: أن محاربة الإرهاب الإسلامي السني بالقوة -كما فعلت حرب جورج دبليو بوش ضد العراق- أثبتت فشلها السياسي وارتفاع تكاليفها الاقتصادية والعسكرية.
لم يحدث ما تمناه «أردوغان»، وكان خروج 33 مليون مصرى ومصرية -فى أكبر مظاهرة مدنية فى العصر الحديث- تحطيماً لمشروعه وإصابة حلمه بالفشل العظيم!
ويأتي «أردوغان» بـ«الحل العبقري» من وجهة نظره الذي حاول تسويقه بقوة لباراك أوباما: «إذا لم تستطع أن تقهر قوى الإسلام السياسي فإن أفضل حل هو التعاون والتصعيد السياسي لجماعة الإخوان المسلمين».. ليبدأ تسويق فكرة أن «الإخوان» هي نموذج الإسلام السني المعتدل!
كان «أردوغان» يدرك أن قنوات الحوار الخلفية بين الإدارة الأمريكية والتنظيم الدولي للإخوان تزداد وتيرتها في «لندن» و«واشنطن» منذ أحداث سبتمبر/أيلول 2001.
من هنا كانت نظرية «أردوغان» هي: «أن دعم واشنطن لجماعة الإخوان هو الحل البديل والأفضل للأنظمة الرئاسية في العالم العربي التي ينتمي حكامها للمؤسسة العسكرية، أو للملكيات والإمارات التي ينتمي حكامها للقبائل والعائلات المالكة»، من هنا يصبح الإخوان بديل الجيوش والقبائل.
ولا نفشي سراً إذا أكدنا أن دور «أردوغان» والمخابرات التركية كان مهماً ومؤثراً في دعم جماعة الإخوان في مصر وفي الولايات المتحدة منذ أحداث يناير/كانون الثاني 2011 حتى نهاية حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك.
كان صعود جماعة الإخوان عقب أحداث يناير/كانون الثاني في مصر «بمثابة نصر شخصي لأردوغان» ونظريته التي سوّقها لـ«أوباما»، وكان فوز الدكتور مرسي بالمقعد الرئاسي لحكم مصر هو «فرحة لا تعلوها فرحة» لـ«أردوغان».
خلال فترة حكم الإخوان دخلت الاستثمارات والمصالح والاستخبارات التركية إلى مصر بقوة وسرعة غير طبيعيتين يدعمها تمويل قطري مشبوه.
وبدأ «أردوغان» يسوق في «واشنطن» فكرة «الترويكا» الجديدة في المنطقة، القائمة على الزعامة التركية، والمال القطري، والدور الشعبوي لتنظيم الإخوان «عربياً ودولياً»، وأن هذا «التحالف» هو القادر على تلبية مصالح الولايات المتحدة في المنطقة كإسلام سياسي سني عميل في مواجهة «داعش والقاعدة والشيعة».
كان «أردوغان» يحلم بعودة الخلافة العثمانية بشكل عصري، وأن يصبح هو ذلك الخليفة الذى يعيد للمسلمين دورهم ومكانتهم من خلال دويلات تنتظم تحت حكم «الباب العالي» في «أنقرة»!
كان نجاح نموذج الإخوان المسلمين في مصر مسألة المسائل، وحجر الزاوية في خطة وأحلام «أردوغان».
تحطمت كل هذه الأحلام على صخرة ثورة الشعب المصري العظيمة في 30 يونيو/حزيران 2013.
حاول «أردوغان» أن يفعل المستحيل داخل أجهزة البيت الأبيض في الساعات الأولى من ثورة المصريين كي يصدر «أوباما» بياناً صريحاً ضد ما حدث في مصر واعتباره انقلاباً، ويتم بعدها اعتبار النظام المصري نظاماً مارقاً تتخذ ضده إجراءات دولية في مجلس الأمن الدولي بناء على طلب تركي - قطري!
لم يحدث ما تمناه «أردوغان»، وكان خروج 33 مليون مصري ومصرية -في أكبر مظاهرة مدنية في العصر الحديث- تحطيماً لمشروعه وإصابة حلمه بالفشل العظيم!
من هنا لم يعد تنظيم الإخوان في مصر هو المتضرر الوحيد من ثورة يونيو/حزيران 2013 بل أصبح -أيضاً- لها أعداء ضُربت مصالحهم في مقتل، منهم تركيا وقطر الراعيان الرسميان للتنظيم الدولي للإخوان.
من هنا أيضاً أصبح الجيش المصري عدواً، وأصبح الرئيس عبدالفتاح السيسي، بطل هذه الثورة، يمثل كابوساً حقيقياً وسداً منيعاً ضد مشروع «أردوغان» للخلافة.
غداً البقية بإذن الله.
نقلاً عن "الوطن" المصرية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة