"المواجهة" اليوم يجب أن تأخذ منعرجا جديدا، وأن تكون مختلفة عن الأساليب التي اعتمدها المجتمع الدولي في التعامل مع إيران في الماضي.
حرب النّار في الماء.. عداوات مشروطة، وحبر الأخطبوط الأسود، إنّها إيران الشّر الذي حان وقت استئصاله، بادرت طهران باستعراض عضلاتها في المياه الإقليمية للخليج العربي بالهجوم الذي قامت به على ناقلات النّفط في بحر عمان خلال الأسبوع الثاني من الشهر الماضي. ولم ينتبه النظام الإيراني إلى أن حرمة المياه، ونظام الملاحة والطرق التجارية لن تسمح لقراصنة الفرس ببثّ نيرانهم التي تمس من المصالح الدّوليّة.
لقد ثبت فعليا أن نظام الملالي الذي استولى على الحكم في إيران منذ ١٩٧٩ لا يعتبر نفسه جزءا من المجتمع الدولي، فلم يحترم ولعشرات السنين القوانين الدولية، كما لم يعبأ بالعقوبات التي فرضت عليه سواء من طرف الأمم المتحدة، وهي السلطة الأعلى في عالمنا الحالي، أو العقوبات الأوروبية.
العجرفة الإيرانية واسمحوا لي القول بإنها تحولت إلى "عربدة" ليس في منطقة الخليج فحسب بل تغيرت أشكالها حاليا لتوجّه نحو العالم، وخارج الأطر القانونية والنّظام الدولي. فقد تجرّأ أمين مجلس تشخيص مصلحة النّظام الإيراني "محسن رضائي" على المطالبة بإيقاف ناقلة نفط بريطانية في الخليج، وجاء طلبه دون الاعتماد على أيّ شرعيّة قانونية، ودون أي مخالفات بريطانية لقوانين الملاحة الدّولية؛ بل جاء المقترح الإيراني بناء على احتجاز ناقلة النفط الإيرانية في مياه جبل طارق، لأن الناقلة الإيرانية كانت تنقل شحنة من النّفط إلى مصفاة بانياس السورية، وهو اختراق للعقوبات الأوروبية على سوريا والعقوبات التجارية على طهران، فبالتالي يعتبر الموقف البريطاني أخلاقيا صحيحا قانونيا وضروريا، وهو إجراء صحيح وموقف قوي اتخذته المملكة المتحدة، وفي هذا الموقف درس ورسالة..
الدّرس موجه بالتأكيد لطهران وكل من يتعامل معها خارج إطار القانون الدولي ويخترقه، وهذا ما سيجعل العديد من الأطراف التي تمارس تعاملاتها مع إيران سواء عبر التبادل التجاري أو التعاون العسكري تراجع وتتراجع عن ممارساتها. والرسالة أو فلنقل الرسائل موجهة وفي هذا التوقيت تحديدا لكل من لا يزال مترددا في مواجهة إيران، سواء سياسيا كان أو دبلوماسيا أو عسكريّا.
ومسألة "المواجهة" اليوم يجب أن تأخذ منعرجا جديدا، وأن تكون مختلفة كليا عن الأساليب الكلاسيكية التي اعتمدها المجتمع الدولي في التعامل مع إيران في الماضي.
لقد ثبت فعليا أن نظام الملالي الذي استولى على الحكم في إيران منذ ١٩٧٩ لا يعتبر نفسه جزءا من المجتمع الدولي، فلم يحترم ولعشرات السنين القوانين الدولية، كما لم يعبأ بالعقوبات التي فرضت عليه سواء من طرف الأمم المتحدة وهي السلطة الأعلى في عالمنا الحالي، أو العقوبات الأوروبية.
لقد تعمدت طهران وبكل غطرسة وكبر تجاهل العقوبات عليها، وأوجدت وسائل تعامل وفتحت طرقا تجارية، وأقامت شراكات عسكرية في زمن الممنوع، في تحدٍ صارخ للعالم. وحتى الاتفاقية النووية التي تم التوصل إليها سنة ٢٠١٥ وبعد جهود دولية مضنية، تلوح دولة الملالي بالتّخلي عنها ولا تزال تعتمد سياسة العداوة المشروطة في تناقضات لم يشهد لها العالم مثيلا.
أخطبوط الملالي الذي اتخذ مكانا لنفسه تحت مائنا وبين أرضنا وسمائنا، ما هو سوى وحش حان وقت اجتثاثه بكل شجاعة، ودفع الثمن اللازم لهذه العملية ومهما كان؛ لأن الأخطبوط (نظام الملالي)، الذي كان يبدو صغيرا خلال بداية حكمه، لم يقنع بالمساحة الجغرافية التي احتلها كيانه، ولا الكتلة البشرية التي عمل على غسيل أدمغتها وإلزامها بما تحت العمامة وظلام العباءة.. أحبت أم كرهت.
لكن هذا الأخطبوط حاول أن يقتات على الأفكار الدينية المتطرفة ليتغذى ويكبر، ويمد أذرعته اليوم نحو منطقتنا، ويخلق النزاعات ببن شعوبنا، كما نشهد اليوم في العراق وسوريا واليمن، إلى جانب محاولاته المتواصلة لزعزعة أمن مملكة البحرين. إنها أذرع يحركها الحرس الثوري، وحبر أسود ينفث أيديولوجيات فكرية مسمومة، في وجه كل من اقترب في محاولة للإصلاح.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة