ها هي رياح التغيير تهب من كل صوب لاقتلاع جذور الإرهاب والطغيان، الذي يمارسه النظام القطري
«رويدك لا يخدعنك الربيع وصحو الفضاء وضوء الصباح..ففي الأفق الرحب هول الظلام وقصف الرعود وعصف الرياح»..
ضربات موجعة إن لم تكن قاضية يتلقاها النظام القطري بين الفينة والأخرى، ليترنح يميناً ويساراً، وهو بصريح العبارة أجهز على نفسه بنفسه، وأجهض بسياسته الخرقاء كل المساعي الرامية لحلحلة الأزمة.
ها هي رياح التغيير تهب من كل صوب لاقتلاع جذور الإرهاب والطغيان، الذي يمارسه النظام القطري ولإيقاف مهاتراته وخبثه السياسي، فالبيان الذي وجهه مؤخراً الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني، للحكماء من أبناء الأسرة الحاكمة والأعيان، يؤكد مدى التردي الهائل الذي وصلت إليه الأوضاع في بلاده بعد استمرارها في مغامراتها غير المحسوبة.
فالشيخ عبدالله كان واضحاً كل الوضوح في مقابلة أجرتها معه قناة العربية، بعد إصداره للبيان تحدث خلالها بشفافية مطلقة وصراحة متناهية على أن الوضع متأزم إلى حدّ لا يستوجب أبداً الصمت والسكون، داعياً إلى عقد اجتماع وطني في القريب العاجل بهدف إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، وعودة قطر إلى الحضن الخليجي.
هذا البيان هو فعلاً صوت العقل والحكمة، ولقي على الفور استجابات سريعة وترحيباً واسعاً من القطريين المخلصين الذين يعلمون ما تخطّه أيادي نظامهم في كتاب التطرّف والإرهاب، كما أن البيان المتزن هذا سيشكّل برأيي ضغطاً نفسياً كبيراً وصفعة قوية لتنظيم الحمدين، الذي يخشى زوال أجنداته السوداء وتلاشي أحلامه التي سعى لتحقيقها على مدى عقدين من الزمن. وبعده بيوم واحد، جاء بيان آخر وخطاب متلفز حظي باهتمام إعلامي كبير، أصاب النظام القطري في مقتل، أصدره أحد أفراد الأسرة الحاكمة وهو الشيخ سلطان بن سحيم آل ثاني، الذي أكد أن الحكومة القطرية ارتكبت أخطاء فادحة لا تغتفر، داعياً للتضامن بين أبناء الشعب القطري لإيقاف هذا العبث، وتطهير أرضهم من المرتزقة والدخلاء الذين عاثوا في الدوحة وبلدانهم فساداً وإرهاباً.
وقبيل البيانين اللذين أجمعا على أن قطر على حافة الهاوية، كان مؤتمر المعارضة القطرية الذي عُقد في لندن، ليهدد هو الآخر كرسي الحكم في الجارة المنهارة، ويفضح ممارساتها في شق الصف الخليجي والعربي.
إذاً، ضربات موجعة إن لم تكن قاضية يتلقاها النظام القطري بين الفينة والأخرى، ليترنح يميناً ويساراً، وهو بصريح العبارة أجهز على نفسه بنفسه، وأجهض بسياسته الخرقاء كل المساعي الرامية لحلحلة الأزمة.
«حذار ! فَتَحتَ الرمادِ اللهيب ... ومَن يبذرْ الشوكَ يجنِ الجِراح»
للأسف، نعم..ستجني قطر الجراح، خاصة وأنّ سلطاتها عملت بصورة غريبة ومفزعة على بذر الشوك في طريق الكثيرين «إخوة وأهل وأبناء دم وعروبة ودين وإنسانية»، بصورة تجعلنا نجزم بأنها مغيّبة عمّا تفعله، وأنّ أيادي خفية هي من تسيطر عليها وتحرّكها لنشر الخوف والتطرف والإرهاب بلا رادع ولا حسيب، ما أثار غضب العالم والإنسانية تجاه عبثية شريرة لا مبرر لها وعصيّة على التفسير.
فكيف لنظام أن يصل به الأمر لينتزع جنسيات مواطنيه من قبيلة آل مرة لا لشيء إلاّ لعدم رغبتهم في الإساءة وانتقاد سياسة المملكة العربية السعودية؟ !.
فهذا هو الجبروت الذي نسف بالقوانين والمواثيق الإنسانية المعنية بالحق في المواطنة والتجنس، عرض كل شيء وليس الحائط فقط!.
يبدو لي أن السوداوية والصلف الذي يغطي المشهد القطري يشير إلى حالة التدمير الذاتي، وهي الحالة التي تفسر كل ما تنتهجه السلطات القطرية هذه الأيام من أفعال تناقض كل المواثيق والعهود الدولية داخلياً وخارجياً، مع تشبث كبير في الرأي وعدم إبداء أي نوايا للوفاق السياسي مع المحيط والمجتمع الدولي، إضافة إلى اللعب على حبال كثيرة في الوقت ذاته، وعدم الاستماع إلى صوت القلب أو الضمير أو الإنسانية، والاحتماء بإيران وتركيا من جهة وهدر المليارات على إعلام أجوف كاذب من جهة أخرى.
ومع تسارع وتيرة الأحداث على المسرح الخليجي والضربات الموجعة التي تتلقاها الدوحة؛ فإن السبيل الوحيد لها للخروج من الأزمة هو الموافقة على المطالب الأصلية لدول المقاطعة فوراً، لأن الوقت ليس في صالحها، وغير ذلك فإن التغيير قادم لا محالة، وقد يكون العشاء الأخير لنظامها الحالي في نيويورك؛ حيث اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، وليس في قصر الوجبة! والحقيقة تقول.. إن من يبذر الشوك يجنِ الجراح.
نقلا عن "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة