إثيوبيا تتوعد السوق الموازية للدولار.. قفزة تربك الإصلاحات النقدية

تشهد سوق الصرف الأجنبي في إثيوبيا موجة اضطراب جديدة مع اتساع الفجوة بين السعر الرسمي والموازي، في اختبار صريح لقدرة السلطات النقدية على احتواء المضاربات ودعم برنامج الإصلاح المالي.
اقترب سعر الدولار في السوق السوداء من 180 برا، بينما تراوح السعر الرسمي بين 146 في البنوك الحكومية و147 في البنوك الخاصة، ما يعكس تصاعد الضغوط على العملة المحلية ونقص المعروض من النقد الأجنبي، رغم الإجراءات التنظيمية المكثفة التي اتخذتها الحكومة مؤخرًا.
وفي هذا السياق، أعلن البنك الوطني الإثيوبي استعداده لاتخاذ إجراءات واسعة النطاق ولا رجعة فيها ضد شبكات الحوالة غير الرسمية المتهمة بإدارة تدفقات مالية موازية خارج النظام البنكي.
وبحسب بيان، حذر محافظ البنك الوطني الإثيوبي، أيوب تيكالين، ما سماها الكيانات المتورطة في أنشطة تحويل أموال غير قانونية خارج النظام المالي الرسمي للبلاد، قائلا غن الحكومة الإثيوبية تواصلت مع شركات تحويل الأموال المرخصة لضمان التزامها باللوائح المالية.
وأشار تيكالين إلى أن "بعض الكيانات استمرت في تجاوز الدعوات الرسمية لتسوية أوضاعها ما سيجعل البنك الوطني اتخاذ إجراءات صارمة ضد من يواصلون ممارسة أنشطة تحويل الأموال بشكل غير قانوني"، مؤكدا أن ذلك يضر بسلامة النظام المالي واستقرار الاقتصاد الوطني.
وذكر أن البنك الوطني الإثيوبي يعمل على تحديد المشغلين غير المرخص لهم عبر آليات الرصد والتحقيق، واتخاذ الإجراءات القانونية والتنظيمية المناسبة لحماية المصالح المالية للبلاد، مع الحفاظ على احتياطيات النقد الأجنبي واستقرار الاقتصاد الكلي.
كما دعا تيكالين المتورطين في تحويل العملات خارج القنوات القانونية إلى وقف فوري للنشاط واتخاذ ما وصفه بـ"الاحتياطات اللازمة". ويُعد هذا التحذير الرابع منذ أغسطس/آب 2025، في إشارة إلى اتساع نطاق الظاهرة رغم تشديد الرقابة.
مزاد العملة يعزز الارتفاع ويحرك السوق السوداء
جاء التصعيد الرسمي عقب أحدث مزاد للعملة الأجنبية نظمه البنك الوطني، الأسبوع الماضي والذي سجّل متوسط سعر مرجح بلغ 148 برا للدولار أي بزيادة 7% عن المزاد السابق في أوائل أغسطس/آب.
ورغم أن الهدف المعلن من هذه المزايدات هو تقريب سعر الصرف الرسمي من مستويات السوق لتحقيق مرونة تدريجية، إلا أن النتيجة جاءت معاكسة بتغذية توقعات المضاربة وارتفاع الأسعار في السوق الموازية إلى 180 برا.
ويعكس هذا التباين اتساع الفجوة بين السوق الرسمية والموازية إلى أكثر من 20%، ما يشجع على تسرب العملات الصعبة خارج النظام المصرفي، ويُضعف فعالية أدوات السياسة النقدية.
إصلاحات تحت الضغط
وتأتي هذه التطورات في ظل تنفيذ إثيوبيا حزمة إصلاحات اقتصادية تهدف إلى تحرير تدريجي لسوق الصرف، وجذب تحويلات المغتربين عبر القنوات الرسمية، وتعزيز قدرة النظام المالي على توفير النقد الأجنبي للمستوردين والمستثمرين، إلا أن استمرار المضاربات واتساع السوق غير الرسمية يهددان بتقويض هذه الإصلاحات، ويضعان البنك المركزي أمام معادلة صعبة بين كبح السوق الموازية وتجنب صدمة سعرية على الاقتصاد المحلي.
ويرى مراقبون اقتصاديون أنه مع التشدد في مواجهة الحوالة غير الرسمية قد يقلص التسرب المالي، لكنه قد يدفع جزءًا من التحويلات للاتجاه إلى قنوات غير مرئية ما لم تُقدم حوافز تنافسية للمغتربين.
فيما يظل نجاح السلطات في إعادة التوازن لسوق الصرف مرهونا بقدرتها على تحقيق توازن دقيق بين الإصلاح المالي، وضبط السوق، وتوسيع مصادر العملة الصعبة خلال الأشهر المقبلة.