الدولار يقسو على الليرة التركية.. عملة أردوغان في مأزق
يواصل الدولار الأمريكي تحطيم الأرقام القياسية أمام الليرة التركية، حيث وصل سعره مساء الجمعة إلى أكثر من 8.37 ليرة
بينما تراجعت الليرة أيضا أمام العملة الأوروبية، وبلغ سعر صرف اليورو أكثر من 9.76 ليرة.
وما زالت الليرة التركية تتعرض لمزيد من الخسائر، بعد أن فشلت السياسات النقدية للبنك المركزي التركي في وقف نزيف العملة الوطنية، ليحطم الدولار رقما قياسيا جديدا، ويصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق في التاريخ عند 8.3768، وفقا لوسائل إعلام تركية.
وكان الدولار الأمريكي قد بدأ تعاملات أمس الخميس عند 8.31 ليرة تركية، ثم ارتفع في منتصف اليوم الجمعة إلى 8.33 ليرة تركية. فيما استقر اليورو أمام العملة الوطنية التركية، ليسجل 9.76 ليرة، بعدما وصل بالأمس إلى 9.78 ليرة.
ويتوقع الخبراء بأن يكسر الدولار حاجز الـ10 ليرات تركية، خلال الأيام المقبلة.
وتواصل العملة التركية انهيارها الحاد، وسط ترقب لاحتمال فرض عقوبات على أنقرة من جانب الولايات المتحدة، واستمرار النزاعات في شرق المتوسط والقوقاز.
ذكرت وكالة بلومبرج للأنباء في تقرير الجمعة أن تعديلات التمويل الأخيرة من جانب البنك المركزي التركي لا يمكن أن تمنع الليرة من الهبوط إلى مستوى قياسي متدن، حيث اتجهت العملة نحو أكبر انخفاض شهري لها منذ خسائرها الفادحة قبل عامين.
وكان القرار بإنهاء الحصول على الليرة من سوق إعادة الشراء "الريبو" ببورصة إسطنبول هو أحدث خطوة في محاولة البنك المركزي لتقييد السياسة وتعزيز العملة التركية بدون العودة إلى سياسية رفع أسعار الفائدة.
وقالت الوكالة الأمريكية إن خطوة وقف التمويل عند فائدة تبلغ 11.75% سوف تؤدي إلى رفع تكاليف الإقراض بالليرة، عبر إجبار المقرضين على الاعتماد أكثر على نافذة السيولة المتأخرة للبنك المركزي.
وتسجل العملة مستوى متدنيا بشكل قياسي كل يوم هذا الأسبوع، وانخفضت بنسبة 1%، حيث وصل سعر الدولار إلى 8.3731 ليرة تركية بحلول الساعة 5.25 مساء بالتوقيت المحلي.
وفي إسطنبول، كان هذا هو أكبر انخفاض بين نظيراتها في الأسواق الصاعدة الجمعة، ووضعها في مسار تسجيل انخفاض بنسبة 7.8% خلال أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
ويأتي التطور الأخير بعد أن فاجأ البنك المركزي المستثمرين بإبقاء سعر إعادة الشراء لمدة أسبوع ثابتا الأسبوع الماضي، مع زيادة نافذة السيولة المتأخرة، وهو مصدر هامشي للإقراض كان مخصصا في الأصل لعمليات التمويل الطارئ.
وتأثرت الليرة خلال العام الجاري بانخفاض معدلات الفائدة وتراجع اهتمام المستثمرين الأجانب بالأصول التركية، والتداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا.
ومنذ مطلع الأسبوع الجاري، تعيش الليرة أسوأ أيامها، وتشهد تراجعا قياسيا أمام العملات الأجنبية، على خلفية التبعات السلبية الجديدة التي تواجهها أنقرة المرتبطة بحملات المقاطعة التي تتعرض لها من السعودية منذ أسابيع.
وفقدت الليرة التركية أمام الدولار أكثر من 35% من قيمتها منذ مطلع 2020، ليصبح العام الجاري هو الأسوأ في تاريخ العملة التركية، وتأتي بين أسوأ العملات أداء في العالم.
وجاءت مسيرة الليرة التركية مقابل الدولار في 2020 حافلة بالخسائر، حيث سجلت الليرة 5.95 مقابل الدولار في يناير/كانون الثاني، وواصلت التراجع في فبراير/شباط لتسجل 5.98 أمام الدولار.
وفي مارس/آذار تراجعت الليرة بشكل حادة وسجلت 6.17 لكل دولار، وفي أبريل/نيسان هبطت الليرة عند 6.70 للدولار الواحد.
وسجلت الليرة في مايو/أيار 7.01 أمام الدولار، وفي يونيو/حزيران سجلت الليرة 6.80 أمام الدولار، وواصلت الانخفاض في يوليو/تموز عند 6.84 لكل دولار.
وعلى أساس سنوي نجد أن الليرة انهارت بشكل كبير خلال الأعوام الماضية، حيث سجل الدولار في يناير/كانون الثاني من 2016 نحو 2.92 ليرة وفي 2017 سجل 3.52 ليرة، وصعد الدولار في يناير 2018 إلى 3.80 ليرة، وفي يناير 2019 قفز الدولار إلى 5.33 ليرة، وسجلت العملة الخضراء في يناير 2020 نحو 5.97 ليرة.
وفقد الأتراك ثقتهم بالعملة المحلية، التي دفعت نحو تآكل مدخراتهم مع هبوط أسعار الصرف لمستويات تاريخية غير مسبوقة، ما يمهد لظهور السوق السوداء للعملة، بحثا عن الدولار الشحيح محليا، مع تخطي الليرة حاجز الـ8 دولارات.
ويتوقع الخبراء أن تواصل الليرة هبوطها مع استمرار التخبط السياسي التركي الخارجي، خاصة تدخلات رجب طيب أردوغان في شرق المتوسط وفي التوترات القائمة بين أذربيجان وأرمينيا.
وتواجه تركيا تراجعات حادة في احتياطيات النقد الأجنبي من متوسط 115 مليار دولار في 2014، بداية تولي أردوغان زمام الحكم في تركيا، إلى 42 مليار دولار في الوقت الحالي، وفق بيانات المركزي التركي.