كيف تستفيد مصر من دروس دول سبقتها إلى تعويم العملة؟
أمام مصر عدد من التجارب الناجحة والفاشلة لدول قامت بتحرير سعر صرف عملتها، يمكن أن تستفيد منها.. تعرف على تلك التجارب.
أصبحت مصر أحدث دولة نامية تعلن عن تعويم الجنيه خلال عامين، بعد أن أعلنت الخميس الماضي عن تخفيض سعر الجنيه بنسبة بلغت 47% بعد أن وضع البنك المركزي له سعراً استرشادياً بقيمة 13 جنيه للدولار.
ومع إطلاق الحرية للبنوك لتسعير العملة، تراجع سعر الجنيه في البنوك عقب التخفيض بنسبة بلغت أكثر من 80% بعد أن تراوح سعرها بين 15.5 و16 جنيها للدولار حتى تعاملات اليوم السبت.
واتخذ البنك المركزي تلك الخطوة في محاولة للحفاظ على احتياطيه من العملات الأجنبية، وترك تحديد سعر العملة لقوى العرض والطلب، وأيضاً للقضاء على السوق السوداء. ومدى نجاح تلك الخطوة يتوقف، وفقاً لما ذكره خبراء، على مدى التزام البنك المركزي على عدم التدخل في حال حدوث تقلبات لسعر العملة في السوق.
وأمام الاقتصاد المصري عدد من التجارب الناجحة والفاشلة لدول قامت بتحرير سعر صرف عملتها، يمكن أن تستفيد منها حتى تكون نموذجاً جيداً يحتذى به في الأسواق الناشئة.
نيجيريا:
اتجهت نيجيريا إلى نظام الصرف المرن، في يونيو الماضي، وانهت ارتباط عملتها "نايرا" بالدولار خلال 16 شهراً مما جعل سعر العملة في السوق السوداء يقل بحوالي 50% عن السعر الرسمي حتى تم رفع القيود وهبطت العملة بحوالي 30% في ذلك الوقت، ولم تنخفض منذ ذلك الحين إلا بحوالي 10% فقط حتى الآن.
وإذا كانت نيجيريا قد حققت بعض النجاح من فك ارتباط عملتها الدولار إلا أن المستثمرين الأجانب استجابوا ببطء، ومازالت العملة النيجيرية تباع في السوق السوداء بسعر يقل بحوالي 20% عن السعر الرسمي.
واستمرت احتياطيات العملات الأجنبية في الوقت نفسه في التراجع حتى توقفت عند 23.8 مليار دولار اي أقل بحوالي 4 مليارات دولار بالمقارنة بما كانت عليه في بداية العام الحالي.
أذربيجان:
تحولت أذربيجان لتعويم عملتها في 21 ديسمبر 2015 بعد استخدام البنك المركزي أكثر من ثلثي الاحتياطيات لدعم العملة المحلية التي استجابت لذلك بانخفاض بلغت نسبته 39%.
تدخلت السلطات لدعم العملة في سبتمبر 2016 بعد أن انخفضت لمدة 3 أشهر، مما اضطر البنوك لوقف أو الحد من مبيعاتها من الدولارات، وفي حين ساهمت التدخلات في استقرار العملة، إلا أنه على المدى البعيد عكس ذلك فشل أذربيجان في استعادة ثقة الناس بعد تخفيض قيمة العملة. ووفقاً لوكالة ستاندر أند بورز للتصنيف الائتماني فان ما يقرب من 80 % من المدخرات هي الآن في حسابات بالدولار.
اقرأ أيضاً:
كازاخستان :
قررت كازاخستان في 20 أغسطس 2015، تقليد اجراءات تخفيض قيمة العملة. وتراجع الـ"تينج" منذ ذلك الحين 42%.
اضطر البنك المركزي بعد هذه الخطو لانفاق 1.7 مليار دولار على الأقل بما يعادل 6 % من الاحتياطيات النقدية للبلاد، للتخفيف من حدة تقلبات بعد أن باتت العملة المحلية هي الأكثر تقلباً في العالم. وبعد ذلك بعام، استقرت العملة وارفعت احتياطيات العملة الأجنبية بنحو 13% هذا العام إلى 31 مليار دولار.
ماليزيا :
أعلنت ماليزيا في يوليو 2015، تخليها عن سياسة ربط عملتها الرينجيت بالدولار الأمريكي، واستعاضت عنها بسياسة تحرير محكوم للعملة.
وقالت إنها لا تتوقع أن يختلف سعر صرف الرينغيت بدرجة كبيرة عن مستواه الراهن.
وسعر الرينغيت كان مثبتاً عند مستوى 3.8 للدولار منذ سبتمبر العام 1998، ويصل سعر صرفه الآن إلى 4.21 رينجت لكل دولار. وبلغ احتياطي النقد الأجنبي لدى البلاد وقت التخفيض إلى 96.6 مليار دولار ويصل حالياً إلى 98.28 مليار دولار.
الأرجنتين:
حررت الأرجنتين العملة المحلية البيزو في 17 ديسمبر 2015 وجاءت هذه الخطوة كجزء من خطة الإصلاح الشامل للاقتصاد الرامية لجذب الاستثمارات وتحقيق قفزة لاقتصاد يعاني من ضعف النمو وشح الدولارات.
وتراجعت العملة بنسبة 27٪ في اليوم الأول لتحريرها وبعد ذلك تباطأ معدل انخفاض سعر صرف العملة وظهرات بوادر هبوط التضخم. وتراجع معدل التقلبات التاريخية بحساب متوسط كل 3 أشهر للبيزو لأدنى مستوى بين دول أمريكا اللاتينية كافة. وأظهر المستثمرون استعادتهم للثقة في الأرجنتين ذلك العام من خلال شرائهم 33 مليار دولار من مبيعات السندات الدولية وهو رقم قياسي، في حين أن السوق السوداء التي كان اللجوء اليها من قبل السكان المحليين ممارسة شائعة قبل التعويم الحر للعملة الوطنية أصبحت أقل بكثير.
روسيا:
تخلت روسيا عن التدخل في سوق العملة في نوفمبر عام 2014 وذلك في وقت تعرضت فيه البلاد لعقوبات دولية إثر اشتعال أزمة أوكرانيا، وكذلك تعرضت لتراجع أسعار البترول والسلعة التصديرية الرئيسية. وانتعش الروبل الروسي هذا العام لكنه لا يزال متراجعاً بنحو %32 منذ ذلك الحين.
بعد مرور سنتين من تقلبات اسعار صرف الروبل بحساب متوسط كل 3 أشهر، استقر سعر صرف العملة وتراجعت توقعات التضخم ، وهبط صافي تدفقات رأس المال للخارج. وعلاوة على ذلك زادت ثقة المواطنين بالعملة المحلية، واحتفظ المودعون بـ 60% من مدخراتهم في حسابات بالعملة المحلية.
البرازيل:
قررت البرازيل عام 1999 تحرير سعر صرف عملتها في ظل ظروف اقتصادية صعبة مرت بها البلاد. وانخفضت قيمة الريال البرازيلي في ذلك الوقت بنسبة كبيرة، ما أدى إلى ارتفاع السلع المستوردة وزيادة التضخم، وبالتبعية انعكس ذلك سلباً على الطبقات الكادحة والمتوسطة، قبل أن يعتدل سعر العملة البرازيلية في 2004، مع الإصلاحات الاقتصادية، التي باشرها الرئيس البرازيلي السابق، لولا دا سيلفا، لتتعزز قدرات البرازيل التنافسية. ولكن استمر الريال البرازيلي في أدائه السيئ حتى أنه أصبح أسوأ عملة على مستوى العالم في عام 2015.