الدولار يحكم لبنان اليائس.. سويسرا الشرق إلى فوضى
دخل لبنان مرحلة صعبة، وانقلب الحال في لحظة اعتذار سعد الحريري عن تشكيل حكومة إنقاذ للبلاد، وانهارت الليرة لقاع تاريخي وعمت الفوضى.
بعد أقل من 24 ساعة من الاعتذار هوى سعر صرف الليرة اللبنانية لمستوى تاريخي غير مسبوق مسجلا 23 ألف ليرة للدولار الواحد في ارتباط واضح بغموض الرؤية السياسية.
الارتفاع الجنوني أتى فور إعلان سعد الحريري اعتذاره عن تشكيل الحكومة مباشرة، ما يشي بأزمة سياسية مفتوحة مترافقة مع أزمة معيشية غير مسبوقة، ونقص في السلع الأساسية والأدوية والوقود وانقطاع في الكهرباء.
- الدولار يحلق أمام العملة اللبنانية.. "الأخضر" بـ22 ألف ليرة
- بعد اعتذار الحريري.. اللبنانيون: حياتنا أصبحت مُرة مثل قهوتنا
وكان سعر الدولار، في السوق السوداء بلبنان، قفز عدة مرات حتى بلغ 21.8 ألف دولار للشراء، و22 ألف ليرة للبيع
لبنان في المحظور
وفي حين بدأت حالات الفوضى والفقر تظهر في الشوارع، رأت نقيبة الصحفيين الاقتصاديين في لبنان سابين عويس أن ردة الفعل بسوق القطع متوقعة لأن خطوة الاعتذار لم تترافق مع خطوة بديلة، ما يجعل الأمر مفتوحا على الاحتمالات كافة وجميعها سيئة.
وأشارت عويس لـ"العين الإخبارية"، إلى أن الفريق الذي فشل بإدارة البلاد بجميع تفاصيلها (حكومة الرئيس حسان دياب)، ولم يستطع العمل في قضية النفط ولا الكهرباء وأفشل المنصات التي انطلقت لضبط سعر الدولار، سيستمر في هذه الإدارة مع غياب البديل.
وأكدت أن الدولار أصبح بلا ضوابط، كما كل شيء في لبنان، مبدية تخوفها أنه مع تحلل مؤسسات الدولة الذي نراه اليوم، سيصبح المواطن تحت حكم الكارتيلات المحتكرين".
وأضافت في بلدنا أصبح لكل الخدمات كارتيلات، بدءاً من النفط والسوبر ماركت للأدوية وليس انتهاء بحليب الأطفال.
وأكدت عويس أن كل المؤشرات تدل على أننا ذاهبون إلى فوضى شاملة وقد دخلنا بالمحظور على الصعد كافة، من سياسية أمنية واجتماعية واقتصادية ومالية ونقدية.
وتابعت "ترفض المؤسسات الدولية التعاطي مع الحكومة الحالية، ما يعني أن لا مساعدات قريبة ولا ضبط للوضع، وحتى الكلام عن الحفاظ على الأمن أصبح بعيد المنال، إذ أصبح راتب الجندي في الجيش والقوى الأمنية لا يتجاوز الخمسين دولار، كما أن لا وقودا لآلياتهم للتحرك باتجاه أي خلل أمني".
واعتبرت أن المعضلة حالياً هي كيف سنتعاطى مع الفوضى؟ من سينظم هذه الفوضى؟ وكيف ستنظم هذه الفوضى؟ وهذا سنراه في القريب العاجل.
وختمت: "للأسف البلد دخل في بوابة العنف وشريعة الغاب ستسود وسيكون الحكم للأقوى".
تبخر الأمل
بدورها رأت الخبيرة الاقتصادية فيوليت بلعة أن "اعتذار الحريري سيدفع لبنان للغرق، في المزيد من الفوضى الاقتصادية والمعيشية والمالية والنقدية أول مؤشراتها ارتفاع سعر الدولار بشكل كبير.
واعتبرت في حديث لـ"العين الإخبارية": "الغموض يكتنف المشهد السياسي الذي كان من الممكن أن يولد حكومة تأخذ البلد إلى التعافي بدءاً من مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وفتح قنوات تفاوض مع الدائنين من أجل برمجة ديون لبنان، ما يعطي لبنان سمعة دولية جيدة ويعيد الثقة به".
أضافت: "طالما ليس لدينا هذه الحكومة والتي مطلوب منها إضافة إلى الإصلاحات التي تطلبها الدول تعيد تنظيم الأمور في الداخل ووقف استنزاف الاحتياطي المركزي توقيف الفوضى الحاصلة حالياً فالأمل بإعادة الدورة الاقتصادية إلى طبيعتها تبخر".
وتابعت: "مع رحيل الحريري وخصوصاً أنه ليس هناك بديلاً في الأفق ، سندخل من جديد بدوامة الأسماء والتكليف والتشكيل والحصص الوزارية والخلافات على التوزيعات في مقابل انهيار تام شامل في جميع المؤسسات".
ولفتت إلى أن اعتذار الحريري يدفع لبنان بعيداً عن بيئته الحاضنة العربية والخليجية، والغربية، حيث حاولت أصوات كثيرة في الداخل ترميم هذه العلاقة وإعادة بعض الأوكسيجن للبنان ولو عبر العلاقات الدبلوماسية أو الاقتصادية، مشيرة إلى أن الاعتذار إشارة سلبية لهذا الفريق، الذي يؤكد أن خيار التوجه شرقاً الاقتصادي هو الذي تغلّب".
وختمت: "توقعوا اقتصادات تشبه تلك التي تعتمد النموذج الشرقي كفنزويلا وإيران ".
الاتحاد الأوروبي
وأسف الاتحاد الأوروبي اليوم بشدة لاستمرار الجمود السياسي في لبنان، فضلاً عن عدم إحراز تقدم في تنفيذ الإصلاحات العاجلة.
وقال في بيان: "لقد مضى عام تقريباً على عدم وجود حكومة ذات صلاحيات كاملة في لبنان، مما أدى إلى أزمة مالية واقتصادية غير مسبوقة لا يزال الشعب اللبناني يواجه عواقبها المأساوية."
أضاف: "تقع على عاتق القادة اللبنانيين مسؤولية حل الأزمة الحالية الذاتية الصنع. وثمة حاجة إلى الوحدة والمسؤولية لمواجهة التحديات المتعددة للبلاد وتلبية التطلعات المشروعة للشعب اللبناني".
وأردف: "يحتاج لبنان إلى حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات الرئيسية الاقتصادية والخاصة بالحوكمة والتحضير لانتخابات عام 2022، والتي يجب إجراؤها في موعدها المحدد".
وختم: "يبقى الاتفاق مع صندوق النقد الدولي ضرورياً لإنقاذ البلاد من الانهيار المالي".
ويعيش لبنان حاليا أزمة اقتصادية حادة حيث تدهور الوضع المالي منذ خريف العام 2019، وانخفضت قيمة العملة الوطنية أكثر من 10 مرات مقابل الدولار الأمريكي، ما أدى إلى ارتفاع أسعار المنتجات غير المدعومة بنسبة تتجاوز من 400%.
وفقدت العملة اللبنانية أكثر من 94% من قيمتها وانزلق أكثر من نصف السكان إلى الفقر، ووصف البنك الدولي الأزمة اللبنانية بأنها أسوأ حالة كساد في التاريخ الحديث.
وفي وقت سابق، حذر رئيس حكومة تصريف الأعمال بلبنان حسان دياب من أن بلاده وشعبه "على شفير الكارثة" ودعا المجتمع الدولي للتحرك لإنقاذ البلاد من أزمتها الاقتصادية الطاحنة.
aXA6IDMuMTQ0LjE3LjE4MSA= جزيرة ام اند امز