"المسيرات" تتزاحم بسماء العراق.. إرهاب ومخدرات ورصد
تنظيم داعش استخدم الطائرات المسيرة في عمليات الرصد لكن جهات أخرى دخلت على الخط واستغلتها في التهريب والاغتيالات.
ترجم تزاحم الطائرات المسيرة في سماء العراق فوضى مماثلة على أرض المشهد السياسي والاجتماعي في البلد الغني بالنفط الذي يكافح الفقر والفساد والإرهاب وأطماع طهران في السيطرة على مراكز صنع القرار به.
ظاهرة تزاحم الطائرات المسيرة في سماء العراق رصدها موقع مونيتر الإخباري المهتم بتغطية الأحداث في الشرق الأوسط، ومقره الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرا إلى اختلاف تبعيتها وأهدافها.
وأوضح الموقع أن بعض المسيرات تعود لتنظيم داعش فيما الأخرى تعمل لحساب أحزاب وتشكيلات عصابية لأغراض عسكرية وعمليات اغتيال وتجارة ممنوعة.
وأعلنت مصادر أمنية عراقية نهاية الشهر الماضي رصد طائرات مسيرة مجهولة قرب منطقة هيت في محافظة الأنبار غربي البلاد.
ورجحت المصادر تبعية الطائرات المسيرة ذات الجناح الثابت لتنظيم داعش الإرهابي.
وغالبا ما كان التنظيم الإرهابي يستخدم خلال معارك الموصل طائرات مسيرة في تنفيذ هجمات على قوات أمنية وذلك بتحميلها مقذوفات وصواريخ يتم القاؤها فيما بعد على مجمعات عسكرية.
وواصلت بغداد معركتها لتحرير الموصل منذ سيطرة داعش على مناطق واسعة في سوريا والعراق في عام 2014 وحتى إعلانها التحرير قبل عامين، لكن التنظيم الإرهابي لا يزال يشن ضربات فيما يسعى لتنظيم صفوفه.
مع ذلك، يبدو أنه ليس تنظيم داعش فقط من يستخدم طائرات مسيرة في العراق. فبتاريخ 23 يوليو/ تموز عثر على طائرة مسيرة تحمل قذيفة بزنة 2 كجم في منطقة الجادرية وسط بغداد، ما أثار قلق في بغداد التي تعاني أصلا من أزمة أمنية وسياسية.
ولم تكشف السلطات العراقية أي معلومات عن الطائرة المسيرة التي وجدت في منطقة سكنية تبعد عدة مئات من الأمتار عن المنطقة الخضراء.
حسين علاوي، باحث في الأمن الوطني من جامعة النهرين في بغداد، قال إنه يعتبر الحادثة "خرقا كبيرا للأمن الوطني".
في اليوم نفسه، هبطت طائرة مسيرة مجهولة في بلدة الصينية في بيجي بمحافظة صلاح الدين. والصينية بلدة صغيرة وسط الصحراء ترتبط بمحافظة الأنبار، وغالبا ما يستخدم داعش هذه المنطقة للتدريب وممارسة أنشطة إرهابية أخرى.
الناطق باسم قيادة العمليات المشتركة في العراق، تحسين الخفاجي، قال "نحن نحظر تحليق أي طائرة في المجال الجوي العراقي ما لم يكن ذلك بالتنسيق مع قيادة العمليات المشتركة أو أن تحصل على موافقتها."
واستدرك قائلا: "ثم تقوم قيادة العمليات المشتركة بعد ذلك بإعلام قيادة الدفاع الجوي، وأي طائرة تُحلق في الأجواء العراقية بدون موافقة حكومية تعتبر طائرة معادية. نحن نلقي القبض على أي شخص يستخدم طائرة مسيرة بدون موافقات.
ولا يملك العراق قانونا يمنع استخدام الطائرات المسيرة، وغالبية الطائرات المسيرة يتم استيرادها وتُباع كوسائل لأغراض التصوير، ويتم كذلك بيعها بشكل غير شرعي بعيدا عن انظار السلطات وموافقتها ويتم تطويرها محليا وتستخدم لأغراض أخرى .
حاكم الزاملي، رئيس لجنة الامن والدفاع في البرلمان السابق، قال في تصريحات تلفزيونية في الـ 26 من يوليو/ تموز إن "الطائرات المسيرة تستخدم في العراق لتهريب المخدرات وقد تستخدم أيضا للاغتيالات. حيث باستطاعتها نقل حمولة بقدر 3 أو 4 كجم، وربما كانت الطائرة المسيرة التي عثر عليها في بغداد مؤخرا كان لها هدف معين ولم تستطع الاجهزة الامنية كشفها ."
الزاملي لمّح في تصريحاته إلى أن أحزابا سياسية ومجاميع مسلحة تستخدم الطائرات المسيرة في عمليات تهريب.
من جانب آخر كشف مصدر استخباري رفيع المستوى في وزارة الداخلية لموقع مونيتر عن الآلية التي يتم فيها استخدام الطائرات المسيرة .
وقال المصدر الاستخباري الذي طلب عدم ذكر اسمه "الطائرات المسيرة تستخدم من قبل مجاميع وعشائر وكذلك من قبل مسلحي تنظيم داعش. بعض العشائر تنفذ عمليات التهريب في جنوبي العراق باستخدام الطائرات المسيرة بإجراء عملية استطلاع قبل تنفيذ أي عملية."
وأضاف بقوله "العشائر تستخدم الطائرات المسيرة فقط لأغراض عمليات الاستطلاع وعصابات التهريب تستخدم الطائرات المسيرة لنقل بضائعهم. أما تنظيم داعش فيستخدمها استطلاع وكشف منافذ دخول وخروج مسلحيه من وإلى العراق وسوريا."
من جهته يشير الخبير الأمني، فاضل أبو رغيف، إلى أن "الطائرات المسيرة تستخدم بشكل واسع في العراق. أما الاستخدام السلبي لها فيعود لضعف السيطرة على المناطق الحدودية في السابق ودخول الطائرات المسيرة عبر منافذ رسمية ."
وأوضح أبو رغيف أن "الأمن الاستخباري العراقي لا يستخدم تقنياته في إبطال عمل الطائرات المسيرة. العصابات تستخدمها لتهريب المخدرات، لأنها أكثر أمنا بالنسبة لهم من أن يعرضوا حياة أعضائهم للخطر. مع ذلك، فإن الطائرات المسيرة تطير ضمن مدى قريب وبالتالي يكون من السهل بالنسبة للقوات الأمنية السيطرة عليها ."
بالنسبة لبلد مثل العراق، الذي لا يمتلك منظومة دفاع جوي متطورة، فان الطائرات المسيرة بإمكانها شق طريقها بسهولة عبر أجوائه.
في مطلع شهر أبريل/ نيسان تم بث شريط فيديو على مواقع التواصل لطائرة مسيرة مجهولة الهوية تحلق فوق السفارة الأمريكية في بغداد في حادث لم يسبق وقوعه.
خبراء يتوقعون احتمالية تبني فصائل مسلحة تقنيات جديدة باستخدام طائرات مسيرة في استهداف مصالح أمريكية في العراق. ولكن مع كثرة الأطراف المستخدمة وامتلاء سماء العراق بها فسيكون من الصعب بالنسبة للقوات الأمنية العراقية تحديد الجهة التي تعود لها الطائرة المسيرة المستخدمة.