دميرتاش من محبسه: أردوغان تعرض لهزيمة مهينة بالانتخابات
صلاح الدين دميرتاش قال إن أردوغان كان يرى في انتخابات البلدية نوعا من الاستفتاء على شرعيته لكنه تعرض في نهاية المطاف لهزيمة مهينة.
قال صلاح الدين دميرتاش، الرئيس المشترك السابق لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي، السبت، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تعرض في الانتخابات المحلية الأخيرة لـ"هزيمة مهينة".
- صلاح الدين دميرتاش من محبسه: ألحقنا بأردوغان هزيمة ساحقة
- قيادي سابق بحزب أردوغان: أشعر بالندم لتأييد النظام الرئاسي بتركيا
جاء ذلك في مقال كتبه دميرتاش من محبسه لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، للتعليق على نتائج المحليات التي جرت في 31 مارس/آذار الماضي.
وأوضح دميرتاش المعتقل منذ عام 2016 أن "نتائج الانتخابات الأخيرة عرضت أمامنا رغبة الشعب التركي في العيش في سلام وأجواء ديمقراطية".
وتابع قائلا "لقد بعثت هذه الانتخابات برسائل مهمة للغاية للنظام الحاكم وفي مقدمتهم أردوغان الذي كان يرى فيها نوعًا من الاستفتاء على شرعيته؛ ليتعرض في نهاية المطاف لهزيمة مهينة".
وأضاف "كما أن حزبه العدالة والتنمية (الحاكم) فقد السيطرة على أهم 5 بلديات مدن كبرى في البلاد، تأتي في مقدمتها بلدية مدينة إسطنبول التي بدأ فيها أردوغان عمله السياسي، وكان الحزب يعدها معقله الرئيسي".
واستطرد قائلا "كانت هذه نتيجة طبيعية لابتعاد أردوغان ونظامه عن الديمقراطية خلال السنوات الأخيرة، وابتعادهما أيضًا عن القيم والأخلاق الإسلامية، ولقد سدا آذانهما عن أي انتقادات حول ما تشهده البلاد من ظلم وفساد؛ لذلك هم الآن وجه لوجه مع فاتورة سياسية ثقيلة".
وشدد دميرتاش في مقاله على "ضرورة تطبيق عملية إصلاح سياسي وديمقراطي عاجل في البلاد، لأن هذا هو السبيل الوحيد لوقف تداعيات الأزمة الاقتصادية، وللحيلولة دون ارتفاع معدلات البطالة والتضخم أكثر من ذلك".
وطالب دميرتاش الرئيس أردوغان بـ"ضرورة العدول عن السياسات العنصرية الإقصائية التي يعامل بها معارضيه لا سيما من الأكراد، وأن يتوقف عن تبني خطابات سياسية تقوم على الاستقطاب وشق الصف".
وفي السياق ذاته، أشار إلى أن "أغلبية الأكراد يرغبون في العيش بسلام مع جميع مكونات الشعب، لقد ملّوا من الحرب والعنف، فهم بحاجة إلى الديمقراطية أكثر مما مضى، ولهم سلسلة من المطالب السياسية والاجتماعية والثقافية".
ولفت إلى أنهم خرجوا وشكلوا حزبًا سياسيًا "بهدف تحقيق هذه المطالب، وقد وقفنا في صف المعارضة ضد النظام الحاكم من أجل ذلك، وعاهدنا من انتخبونا على فعل ذلك، والمسؤول الأول والرئيسي عن عدم تحقيق ما نصبو إليه إنما هو أردوغان ونظامه".
وعن الإضرابات التي يخوضها عدد من النشطاء والسياسيين الأكراد داخل سجون أردوغان وخارجها، قال دميرتاش "المطلب الوحيد لكل هؤلاء هو إنهاء العزلة المفروضة على عبد الله أوجلان الذي يعيش منذ 20 عامًا في ظل عزلة قاسية للغاية".
وعبدالله أوجلان، أحد مؤسسي تنظيم حزب العمال الكردستاني، هو أول وأبرز قائد له، واعتقلته الاستخبارات التركية عام 1999 خلال وجوده في العاصمة الكينية نيروبي.
وفي 9 مارس/آذار الماضي، كشف تقرير حقوقي أن 320 معتقلا ومدانا داخل 60 سجنا تركيًّا دخلوا في إضراب مفتوح عن الطعام منذ مطلع الشهر ذاته؛ رفضا لسياسات القمع التي تتبعها حكومة أردوغان، أقدم 4 منهم على الانتحار داخل السجن.
واعتقل دميرتاش في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 مع شريكته في رئاسة حزب الشعوب الديمقراطي آنذاك فيجان يوكسيكداغ بتهمة دعم أنشطة حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه تركيا "منظمة إرهابية" وتعتقل قائده عبدالله أوجلان.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أيدت محكمة تركية في إسطنبول حكما بالسجن 4 سنوات و8 أشهر بحق دميرتاش بتهمة "الدعاية للإرهاب".
وفي وقت سابق، طالبت المحكمة الأوروبية حكومة أردوغان بإطلاق سراح دميرتاش، لكن طلبها قوبل بالرفض بزعم أن الدعوة "تنتهك سيادتها"، رغم توقيعها على اتفاقيات تسمح للمحكمة بالتعليق على أحكام القضاء.
وكان دميرتاش قد برز من خلال أدائه اللافت في انتخابات عام 2014 التي فاز فيها أردوغان، وترشح في الانتخابات الأخيرة التي جرت في يونيو/حزيران 2018 من داخل محبسه.
وفي 31 مارس/آذار الماضي، جرت الانتخابات المحلية في تركيا وتعرض حزب العدالة والتنمية (الحاكم) لأكبر انتكاسة في تاريخه بخسارة إسطنبول وبلديتي العاصمة أنقرة وإزمير.
ودائما ما حذر الرئيس أردوغان أنصاره من مغبة الهزيمة في مدينة إسطنبول، حيث اعتبر أنه "إذا تعثرنا فيها، فقدنا قدرتنا في جميع أنحاء البلاد".
تحذيرات ترجمت مخاوف كبيرة من ضعف شعبية نظامه سرعان ما تجسدت على أرض الواقع، لتنتزع المعارضة حكم إسطنبول، الأهم في تركيا، وشريان الاقتصاد فيها، والرمز التاريخي والمجتمعي النابض بالذاكرة التركية المشتركة.