عالمة أمريكية تكشف لـ"العين الإخبارية" خدعة "مُنجم" الزلازل الهولندي
لا يزال فرانك هوغيربيتس، الذي تسميه وسائل إعلام بـ"عالم زلازل هولندي"، يثير جدلا بتغريداته، التي يزعم فيها أنه يتنبأ بموعد الزلازل.
وفي آخر تلك التغريدات، توقع هوغيربيتس حدوث "نشاط زلزالي كبير إلى كبير جدا" خلال أول أسبوع من شهر مارس/ آذار الجاري.
ولأن هيئة المسح الجيولوجي الأمريكي، هي من حددت المعنى الدقيق لعبارة "التنبؤ بالزلازل"، وقالت على موقعها الإلكتروني إن من يدعي أنه يتنبأ بالزلازل، فلا بد أن يتضمن حديثه ثلاث معلومات وهي (الموقع – التاريخ على وجه التحديد – قوة الزلزال)، فقد رأت "العين الإخبارية"، أن تجري مقابلة خاصة مع "سوزان هوغ"، العالمة في برنامج مخاطر الزلازل بالهيئة.
وسعت "العين الإخبارية" خلال الحوار مع سوزان هوغ لمعرفة هل ينطبق هذا التعريف على تنبؤات هوغيربيتس أم لا، حيث انتقدت العالمة الأمريكية بشكل قاطع المنهج الذي يستخدمه، ورفضت من الأساس وصفه بعالم زلازل، وكشفت عن المنهج الذي يستخدمه في خداع العالم من خلال تنبؤاته التي تحدث جدلا كبيرا.. فإلى نص الحوار.
* بداية: لفت انتباهي عند البحث عن بوابة الأبحاث "ريسيرش جيت"، أنه لا يوجد ذكر لاسم "فرانك هوغيربيتس"؟
في الواقع، هو ليس جزءا من مجتمع علوم الأرض، وهو يدعي أنه "عالم زلازل علم نفسه بنفسه" ويبدو أنه يبني "التنبؤات" على محاذاة الكواكب، ولكن الحقيقة أن تغريداته الأولى التي استندت تحديدا لفالق شرق الأناضول باعتباره خطرًا محتملاً، قد استقى مضمونها من ورقة بحثية نشرت في عام 2002 كتبها نالبانت وآخرون، وناقشوا خلالها احتمال وقوع الزلزال على طول جزء الصدع الذي انكسر.
* إذا كانت تنبؤاته قد بنيت على دراسة علمية، فلماذا لم يخرج صاحب هذه الدراسة، ويذكر ما ذكره "هوغيربيتس"؟
الدراسة تقول ان هناك احتمال لوقوع زلزال على طول جزء الصدع الذي انكسر، ولأن أصحابها علماء، لم يخرجوا ليقولوا نحن تنبئنا بالزلزال، لأن التنبؤ بزلزال، يجب أن يحدد ثلاث عناصر هي "الموعد بدقة – مكان الزلازل – شدته "، وللأسف لم يتمكن العالم من تحقيق ذلك حتى الآن.
وسأعطيك مثالا يؤكد كلامي، فقد تحدثت ورقة بحثية عام 2002 عن احتمال وقوع زلزال جنوب هايتي، قبل 8 سنوات من الزلزال المدمر عام 2010، فهل خرج صاحب الدراسة وقال لقد تنبأت بالزلزال.
والآن أنا أقولك لك إن هناك احتمالا لوقوع زلزال كبير على صدع سان أندرياس الجنوبي أو صدع هايوارد في كاليفورنيا، وقد يكون ذلك على بعد يوم واحد أو 75 عاما، فهل إذا وقع الزلزال وأنا كنت على قيد الحياة، أخرج لأقول لقد تنبأت بالزلزال.
ودعنا نعود إلى تغريدته الأولى التي كتب فيها "عاجلاً أم آجلا سيكون هناك زلزال بقوة 7.5 في هذه المنطقة (جنوب وسط تركيا والأردن وسوريا ولبنان)، فهو لم يقل شيئا في هذه التغريده، لأني كما قلت لك في البداية ، فإن الدراسة الصادرة في 2002، قالت نفس الكلام.
* لكنه بعد ذلك تنبأ بزلزال عندما قال سيحدث زلزال خلال الفترة من 20 إلى 22 فبراير/ شباط، وحدث بالفعل؟
هو أيضا لم يقل شيئا جديدا، فبعد زلزال ضخم ستكون هناك هزات ارتدادية تحدث بشكل يومي، وما يفعله هؤلاء المتنبئون، هو أنهم يقومون بالعديد من التنبؤات الغامضة، ولا يعترفون بأخطائهم، ويدعون النجاح عندما تحدث الزلازل.
سأبسط لك الأمر، فمن المعروف مثلا أنه إذا وقع زلزال متوسط، تكون هناك احتمالية واحد إلى 20 لحدوث زلزال أكبر في غضون الأيام الثلاثة المقبلة، فيقوم أحد المتنبئين بعمل تنبؤات على وسائل التواصل الاجتماعي في كل مرة يحدث فيها زلزال متوسط، وبالتالي سيكونون على حق في النهاية، إذا حدث الزلزال، وتنتشر تغريداتهم، لكنهم لن يتحدثون عن جميع التغريدات الأخرى التي كانت خاطئة.
* لكن الرجل يقول انه يعتمد في تنبؤاته على حركة القمر والكواكب، فربما لم يصلكم هذا العلم؟
فكرة أن المد والجزر يؤثر على حدوث الزلازل ليست فكرة مجنونة، فقد أظهرت بعض الدراسات الدقيقة أنه في بعض الظروف، تؤثر قوى المد والجزر بشكل طفيف على حدوث الزلازل الصغيرة، لكن محاولات إيجاد علاقات متبادلة بين قوى المد والجزر والزلازل الكبيرة باءت بالفشل.
ومن الجنون الإشارة إلى أن الكواكب الأخرى لها تأثير كبير على الضغوط على الأرض، فمقارنة بالشمس والقمر، فإن ضغوط المد والجزر من الكواكب الأخرى ضئيلة.
وهناك نقطة أخرى، حتى لو لعبت قوى المد والجزر دورا صغيرا في إحداث الزلازل، فهناك مد وجزر مرتفعان كل يوم، بالإضافة إلى التعديل السنوي للمد والجزر من الشمس، فكيف يمكنك عمل تنبؤات قصيرة المدى بناء على المد والجزر الذي يتقلب باستمرار.
* بماذا تنصحين من يؤمن بقدرات فرانك هوغيربيتس على التنبؤ بالزلازل؟
قولا واحدا، لا يمكن للعلماء التنبؤ بالضبط بموعد حدوث زلزال كبير، ولكن لا يمكننا أيضًا التنبؤ بعدم حدوث زلازل كبيرة، إنه وضع محبط، وبدلا من الانشغال بمتابعة هوغيربيتس، يجب على الحكومات أن تستعد للزلازل عن طريق الهندسة المناسبة، حيث يمكن للمباني أن تصمد حتى مع الزلازل الشديدة. سواء كان من الممكن التنبؤ بالزلازل أم لا، فإن الشيء المهم هو عدم انهيار المباني من أجل سلامة الناس.