مؤتمر شرق السودان.. هل ينهي الأزمة المنسية؟
إلى الخرطوم تتجه الأنظار، هناك حيث يختتم مؤتمر "شرق السودان" ضمن المرحلة النهائية لتسوية سياسية، في اجتماعات تحمل آمالا بحل أزمة منسية.
واليوم الأربعاء، تختتم أعمال المؤتمر المعروف بـ"خارطة الطريق للاستقرار السياسي والأمني في شرق السودان"، برعاية الآلية الثلاثية التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد).
وبانتظار البيان الختامي، ترتسم الآمال في أن ينجح المؤتمر في تقليص هوة الانقسام شرق السودان، وأن يكون خطوة أولى للحوار والنقاش حول حلول جذرية لمحنة مزمنة.
وانطلق المؤتمر مساء الأحد، بمشاركة القوى الموقعة على "الاتفاق الإطاري" وهيئات إدارية ومنظمات مجتمع مدني، إضافة إلى ثلة من الأكاديميين وممثلين لشرق السودان.
وفي 8 يناير/كانون الثاني الماضي، انطلقت المرحلة النهائية للعملية السياسية بين الموقعين على "الاتفاق الإطاري" بين المكونين العسكري والمدني، وشاركت بالمشاورات الآليتان الثلاثية والرباعية المكونة من الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات.
مقاطعة ومخاوف
كما كان متوقعا، غاب عن المؤتمر مجلس نظارات البجا والعموديات المستقلة الذي يمثل أكبر مكونات الإقليم الاجتماعية شرق السودان، ما ينذر بتجدد استقطاب وانقسام يمكن أن يكونا وقودا لإشعال أزمة أكبر.
مسار يرى رئيس المجلس محمد الأمين ترك أنه لا يتجاوز كونه امتدادا لاتفاق جوبا ومسار إقليم الشرق الذي رفضه سكان الشرق.
وخلال مؤتمر صحفي، تحدث ترك عن المشاركين بالمؤتمر، معتبرا أنهم لم يكونوا جزءا من الحشود التي أغلقت الموانئ والطرق وقادت التصعيد الجماهيري خلال الفترة الماضية، رفضا للمسار وسياسات الحكومة المركزية تجاه الإقليم.
ولفت ترك إلى أن منع مناصريه من الاعتداء على طائرات أرسلتها الآلية الثلاثية لنقل الوفود المشاركة، منعا للفتنة والفوضى، كما هدد بالتصعيد الشامل وإغلاق شرق السودان مجددا.
تهديد قال إن المجلس سيمر لتنفيذه في حال استبعادهم من التشكيل الحكومي المقبل، ورهن الموافقة عليها بمنح إقليم الشرق حق التصرف في موارده، واستخدامها في مشروعات للتنمية وتحسين أوضاع مواطني الإقليم.
ورغم أن مراقبين يعتقدون أن المقاطعة لن يكون لها تأثير على سير المؤتمر ومستوى المشاركة، لكن الغياب في حد ذاته قد يكرس الانقسام ما ينعكس سلبا على الجهود التي يتبناها المؤتمر، والرامية لعقد ملتقى للمصالحات في الشرق.
تركة ملغومة
لا تعتبر أزمة الشرق مستجدة في السودان، فلقد كانت -ولا تزال- الإرث الملغوم الذي يفاقم التحديات بوجه السلطات، فهذا الإقليم المضطرب يعاني منذ ستينيات القرن الماضي من أزمات سياسية واجتماعية.
ومع أن الإقليم يمثل المنفذ البحري الوحيد للبلاد على ساحل البحر الأحمر، إلا أن سكانه يعانون من التهميش السياسي والفقر وضعف التنمية والخدمات.
وفي عام 2020، وتحديدا بعد توقيع اتفاق جوبا للسلام في عهد حكومة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، نشأ المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة، الذي أعلن مناهضة مسار الشرق باتفاق جوبا وطالب بإلغائه، معتبرا أن من وقعه باسم الشرق يمثلون فئة محدودة.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، وقع المكون العسكري في السودان مع بعض القوى المدنية، اتفاقا إطاريا لحل الأزمة السياسية، لكن الاتفاق أرجأ 5 قضايا شملت شرق السودان، وذلك لمناقشتها عبر ورش عمل وتضمين توصياتها في الاتفاق النهائي.
وبانتظار ما سيسفر عنه المؤتمر الحالي، يظل ملف الشرق أحد أبرز أضلع الأزمة السودانية التي تختزل الضرورة الملحة للعملية السياسية لوضع التحديات التي يواجهها الشرق تحت المجهر.
أهمية أكدها ممثل الآلية الثلاثية إسماعيل وايس، في كلمته الافتتاحية بالمؤتمر، بالقول إن "تخصيص مؤتمر لشرق السودان يوضح الضرورة الملحة للعملية السياسية في البلاد لمواجهة التحديات التي يواجهها الشرق من مظالم تاريخية".
واعتبر وايس أن المؤتمر يشكل خطوة أولى للحوار والنقاش بشأن الحلول للتحديات في شرق السودان